للإعلام دور كبير في تأجيج الأزمة أو احتوائها، فالأزمة هي نقطة تحول مفاجئة تؤدي إلى أوضاع غير مستقرة مما يهدد المصالح العامة وإحداث نتائج غير مرغوب بها، وكل ذلك قد يحدث في وقت قصير يلزم معه اتخاذ قرار محدد للمواجهة تكون فيه الأطراف المعنية غير مستعدة أو قادرة على المواجهة وتظهر الأزمة عندما تخرج المشكلات عن السيطرة، فيتجاذبها الإعلاميون إما للتأجيج أو للاحتواء. فعلى سبيل المثال المقطع الصوتي المسرب الذي أُثير مؤخرًا والمنسوب للقيادة المصرية والغرض منه إحداث وقيعة بين دول الخليج ومصر تناقله الإعلام، فمنهم من يريد إشعال أزمة والآخر يحتوي بشكل عقلاني ومنطقي، أمثال الكاتب عبدالرحمن الراشد حينما أسرد بمقاله الذي نشر في صحيفة الشرق الأوسط وحصل على ردود أفعال مؤيدة من الإعلام المصري لاحتواء الأزمة، فمنذُ اللحظات الأولى من نشر مقال بعنوان (تسريبات التسجيلات أغبى حملة) حصل على نسبة عالية من إعادة نشر الرابط في شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية بين المصريين، وأيضًا ظهوره على الإعلام المسموع والمقروء وعلى رأسهم صحيفة الأهرام التي أعادت نشر المقال، وتعد هذه ظاهرة غير مسبوقة لهذه الصحف، ولكن للقيمة الإعلامية والمهنية وتقديرا لدور الإعلاميين في تحليل المواقف ومنع الأزمات. والراشد من الكتاب المخضرمين في مجال الإعلام الذي عبر عن رأيه بشكل جميل ورائع يدل على عمق رؤيته والقراءة الجيدة للمواقف بتحليل منطقي ورؤية واقعية، ومما تناوله الكاتب بقوله: (أين هي المشكلة عندما يقول المصريون: إن الخليجيين يملكون كنزًا من المال «زي الرز»؟ فهذا صحيح أولًا، وثانيًا في الخليج يكتب الكلام ذاته ويقال كل يوم دون حرج... انتهى). وبعد هذا التسريب لم يزد قادتنا إلا ثباتًا للوقوف بجانب أشقائهم، وكان رد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وقوف المملكة إلى جانب حكومة وشعب مصر واستقرارها وأمنها ثابت لا يتغير، وأن ما يربط البلدين الشقيقين نموذج يحتذى في العلاقات الإستراتيجية والمصير المشترك، وأن علاقة المملكة ومصر أكبر من أي محاولة لتعكير العلاقات المميزة والراسخة بين البلدين الشقيقين. اننا بهذا الكلام نعرف من يريد الوقيعة وكشف مساوئ ما يسمى بالربيع العربي وهو في الواقع الخراب العربي الذي عصف ببعض الدول العربية والتي تعاني إلى اليوم من عدم الاستقرار السياسي وأصبحت مرتعا للإرهاب والتطرف.