يوم استثنائي أعدنا فيه اكتشاف محيط حاضرتنا الجميل بمكوناته الطبيعية؛ لم نكن في "الأرض المتوحشة" سيرينجيتي التنزانية أو محيط دكار السنغالية، حيث الرالي العالمي الشهير، سوى أن خيالنا كان أبعد وقافلة سياراتنا السبعين تنتظم في اصطفاف طويل توثق للطبيعة المنسية حولنا في واحة الأحساء العريقة، فعلاً كان يوماً استثنائياً تحت ظل السحاب الخفيف الممزوج ببعض عوالق التراب الذي لازم المنطقة الأسبوع الماضي، أجواء ربيعية بحتة رافقت قافلتنا التي كان يقودها وكيل محافظة الأحساء الأستاذ خالد البراك وهو يلبي دعوة فريق سفاري الأحساء الناشئ يوم الجمعة الماضي، وككل الرحالة كانت الوجوه مبتسمة تنتظر اللقاء بمشاهد بكر ظلت طويلاً بعيدة عن هدفنا رغم مجاورتنا الدائمة لها؛ إذ لم تبهرنا مكونات محيطنا المسالم ربما لكونها الكنز المنسي في زحمة الانشغال بالسفر للبحث عن جديد العالم ومعالمه البعيدة، بينما طبيعتنا البكر ظلت وفية تحافظ على مكونها انتظاراً ليد الاهتمام وبعض من ضوء الإعلام "الكسل" الذي لا يجيد مهمة التعريف الاحترافي بالمكان، ناهيك عن ضرورة التسويق الغائب ربما لضعف الصناعة في هذا المجال البكر؛ فكانت رحلتنا الجمعة الماضية والتي لم تكن الأولى ولكنها الأكبر لتأكيد ثراء الطبيعة حولنا بما يمكن أن يكون وجهة للنزهة والاكتشاف، ففريق سفاري الأحساء فكرة لمجموعة هواة شدتهم الطبيعة المحيطة مبكراً فجهزوا بعض المركبات لتكون نواة لمهمة كبرى في صناعة السياحة المحلية، أيضا كان الإعلان عن حضورهم اجتهادا فرديا واتصالات شخصية، سوى ان ما كانوا يخرجون به من صور وانطباعات ضيوفهم يدعو للتوسع وتنظيم حضورهم ليأخذ الطابع الرسمي لتتوافق تلك الجهود مع طموح فضفاض للهيئة العامة للسياحة والآثار، والتي تتبنى مهمة بناء صناعة سياحية واسعة في كل الوطن، فربما سعة الهدف أفقدت التركيز على بعض المواقع، في ظل التزام بقيود وأفكار عطلت النهوض الشامل بهذه الصناعة الواعدة في بلد يتعطش الكثيرون للقدوم إليه بتأشيرة سائح. عموماً كانت رحلتنا الجمعة الماضية ونحن ثلة من الصحافة والمسئولين في أمانة الأحساء وهيئة الري تحفنا جميعاً دواعي الفرح ونحن نتسلق الارتفاعات الرملية الكثيفة حول بحيرة الأصفر التاريخية شرق الأحساء بعمرها الممتد لأكثر من 4 آلاف سنة، وما حولها من أدغال وأحراش تُذكر زائريها بمكونات الوسط الأفريقي، كانت مظاهر فرحة المشاركة في الرحلة منوعة في ممارسة هوايات التطعيس بالمركبات وممارسة المشي وتفحص الأشجار والتعرف على التربة، وكان التزام الجميع بمقومات السلامة والحفاظ على البيئة حاضراً، أيضاً كانت الأحاديث عبر شبكة الاتصال الموحدة قد تولت التوجيه والاتصال بين الجميع أثناء الرحلة، فقد تحدثنا وكأننا في لقاء موسع عن بُعد، مبدين الكثير من الطموحات واستعراض المشاريع التطويرية لبحيرة الأصفر تحديداً ولعموم السياحة في المنطقة، والتي تتوق للحضور بشكل متقن ومنافس لمثيلاتها. أفكار كثيرة ومزايا متنوعة عددت في الرحلة من غالبية المشاركين، سوى أننا ننتظر الدعم بكل صُوَره لتكون الأحساء فعلاً وجهة سياحية عالمية، شكراً لفريق سفاري ولكل من شارك. * كاتب وإعلامي سعودي