«لولا الحب ما التف الغصن على الغصن في الغابة النائية، ولا عطفت الظبية على الطلا في الكُناس البعيد، ولا حنا الجبل على الجبل في الوادي المنعزل ولا مد الينبوع الجدول الساعي نحو البحر، ولولا الحب ما بكى الغمام لجدب الأرض، ولا ضحكت الأرض بزهو الربيع.. ولا كانت الحياة»!! النص السابق من كلمات الشيخ الأديب علي الطنطاوي رحمه الله، الذي يظهر من كتبه أنه كان محباً ومؤمناً بالحب، فقد قال يوماً: «من حرم الكلام في الحب؟ ما في الحب شيء ولا على المحبين من سبيل! فالحب الطبيعي أساس الحياة، وطريقها إلى البناء والبقاء. ولما يأتي الحديث عن الحب يتبادر إلى الذهن هذا السؤال: هل الحب عذاب، وهل الحب يقتل؟!». الغزل والحب العذري يكاد يكون سنة لشعراء العرب السابقين، فقصائدهم لا تخلو من الوقوف على الأطلال وتذكر المحبوبة، فالأدب لا ينسى حب عنترة بن شداد لعبلة، وهيام جميل ببثينة، وعشق طرفة لخولة..! هناك قصة أدبية طريفة تروى عن «الأصمعي» حيث مر ذات يوم على صخرة كبيرة فوجد بيتاً من الشعر كتب عليها حيث يقول البيت: أيا معشر العشاق بالله خبروا إذا حل عشق بالفتى كيف يصنع؟ فكتب الأصمعي تحته البيت التالي: يداري هواه ثم يكتم سره ويخشع في كل الأمور ويخضع أي على المرء أن يتناسى الحب، وفي اليوم التالي مر الأصمعي بذات الصخرة فوجد الشاب قد كتب الرد: وكيف يداري والهوى قاتل الفتى وفي كل يوم قلبه يتجرع فكتب الأصمعي: إذا لم يجدا صبرا لكتمان أمرِه فليس له سوى الموت ينفع ثم مر «الأصمعي» في اليوم التالي، فوجد شاباً ميتاً بجوار الصخرة، وقد كتب بيتين من الشعر كرد على الأصمعي، حيث قال: سمعنا وأطعنا ثم متنا فبلغوا سلامي إلى من كان للوصل يمنع هنيئاً لأرباب النعيم نعيمهم وللعاشق المسكين ما يتجرع! وأشهر قصص الحب على الإطلاق قصة «قيس بن الملوح» الذي لقب بمجنون ليلى، لغرامه ببنت عمه ليلى العامرية، وقد روت كتب الأدب الكثير من الأشعار التي تدل على أن قيس جن عليها حتى فقد عقله! وما الذي يدري فاليوم قد تتكرر نسخ «قيس وليلى»، فقد تختلف الأسماء والزمان. يبقى أن بعض «العاشقين» تجاوزوا حدود الحب، فتعاطوا الحب الممنوع، فالحب طبيعة إنسانية وحياتية حينما يكون في حدوده، أما عندما يتجاوز حده فيصبح مسألة فيها نظر، فالحب إما أن يحلق بك عالياً ويفتح لك أبواب السعادة ويصنع لك بساط الفرح، وإما أن يهوي بك في الحضيض وفي وادٍ سحيق، فتعيش معذباً هائماً على وجهك، فتحرم الحياة ونعيمها! ولكم تحياتي. مهتم بالشأن الثقافي والاجتماعي