قالت الوكالة الدولية للطاقة الثلاثاء ان اسعار النفط في الاسواق العالمية ستشهد انتعاشا جزئيا من المستويات المتدنية جدا التي وصلت اليها العام الماضي، لكن من غير المتوقع ان يحفز هذا الانتعاش النمو الاقتصادي كما انه لن ينهي انتاج الولاياتالمتحدة من النفط الصخري. وفي اشارة الى تغيير كبير في اسواق النفط، قالت الوكالة في توقعاتها لخمس سنوات ان اسعار النفط الخام سترتفع من مستوياتها الحالية التي تبلغ 50-55 دولار للبرميل، الا انها ستبقى اقل بكثير من معدل سعر المئة دولار للبرميل الذي كانت عليه قبل بدء تدهور الاسعار في يونيو الماضي. واضافت "يبدو ان سوق النفط العالمي سيبدأ فصلا جديدا من تاريخه مع التغيرات الواضحة في ديناميكيات الطلب والتغيرات الكبيرة في تجارة النفط الخام وامدادات النفط، والادوار المختلفة كثيرا لدول منظمة اوبك والدول غير الاعضاء في اوبك في تنظيم امدادات النفط". وادت زيادة الامدادات بشكل كبير وضعف الطلب الى انخفاض اسعار النفط بنسبة تصل الى 60%، لكن الوكالة قالت انها تتوقع ان يستعيد السوق توازنه "بسرعة نسبية" مع وقف زيادات المخزون النفطي في منتصف العام وتناقص المعروض في السوق. الا ان الوكالة تتوقع "استقرار الاسعار عند مستويات اعلى من المستويات المنخفضة التي شهدتها مؤخرا ولكن اقل بكثير من المستويات المرتفعة التي سجلتها الاسعار خلال السنوات الثلاث الماضية" ، ورحبت الدول المستهلكة بالانخفاض الكبير في اسعار النفط نظرا ذلك يعني في العادة نموا اقتصاديا اقوى. الا ان الوكالة قالت ان التاثير النهائي "سيكون اكثر تواضعا مما هو متوقع" بسبب التاثيرات التي لا تزال ماثلة من الازمة المالية في 2008 وضعف الاستثمار ، وأكدت الوكالة، ومقرها باريس، وتقدم التوصيات للدول الصناعية بشان سياسات الطاقة "ان انخفاض اسعار النفط على خلفية ضعف نمو الطلب لن يكون حافزا اقتصاديا قويا". واوضحت انه رغم انخفاض اسعار النفط، الا ان صندوق النقد الدولي خفض الشهر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي هذا العام إلى 3,5% مقارنة مع 3,8% في تشرين اكتوبر. وقد تسارع تراجع اسعار النفط بعد قرار منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) في نوفمبر عدم خفض الانتاج، مؤكدة انها لا تريد أن تخفض حصتها في السوق ، واعتبر محللون ذلك انه محاولة لاخراج المنافسين الذين يبيعون النفط باسعار اعلى، من السوق، خصوص منتجي النفط الصخري في الولاياتالمتحدة، بعد ان أصبح مزودا جديدا للسوق في الفترة الاخيرة. وبدت هذه خطوة غير معتادة من المنظمة التي تضم 12 بلدا وتزود العالم ب30% من احتياجاته من النفط الخام والتي طالما لعبت دور صاحب القرار الذي يخفض الانتاج في حال زيادة الامدادات في السوق للحفاظ على استقرار الاسعار. ورأت ماريا فان دير هوفين المديرة التنفيذية للوكالة ان "خطوة اوبك السماح للسوق باعادة التوازن تلقائيا تاتي انعكاسا للطريقة التي غير فيها النفط الصخري السوق". وقالت ان تلك الخطوة "يبدو وكانها حولت النفط الصخري الى المنتج الجديد صاحب الكلمة في السوق، لكنها لن تخرجه من السوق" ، وتوقعت الوكالة انخفاض نمو انتاج النفط الصخري الاميركي هذا العام واستعادته عافيته لاحقا ليرتفع بنسبة 50% عن مستوياته في 2014 بحيث يبلغ انتاجه 5,2 مليون برميل يوميا في 2020. كما توقعت ارتفاع انتاج الدول غير الاعضاء في اوبك قليلا الى 60 مليون برميل في عام 2020 اي بانخفاض عن 1,4 مليون برميل يوميا عن توقعاتها السابقة ، وتوقعت الوكالة ارتفاع الطلب العالمي من 92,4 مليون برميل يوميا في 2014 الى 99,1 مليون برميل يوميا في 2020، اي اقل ب1,1 مليون برميل عن التوقعات السابقة. الا ان الوكالة استبعدت ان لا تتضرر روسيا من انخفاض اسعار النفط. وقالت "روسيا تواجه عاصفة عاتية من انخفاض الاسعار والعقوبات الدولية وتراجع سعر صرف العملة، ومن المرجح ان تكون الخاسر الاكبر". وكانت الوكالة توقعت في حزيران/يونيو الماضي استمرار تزايد انتاج روسيا من النفط، ولكنها تعتقد الان ان الانتاج وصل الى ذروته عند 10,97 مليون برميل يوميا في 2013 على ان ينخفض بنسبة 5,5% الى 10,37 برميل يوميا في 2020. وقالت انه بسبب انخفاض اسعار النفط، فان الكثير من الاحتياطيات التي كانت روسيا تامل في ان تستخرجها من مناطقها الشمالية والقطبية النائية لن تكون مربحة، كما اوقفت العقوبات الغربية المفروضة على روسيا امكان حصولها على التكنولوجيا والتمويل الذي تحتاجه ، وعقب تقرير الوكالة، سجلت اسعار النفط انخفاضا في اسواق اسيا الثلاثاء. فقد انخفض نفط غرب تكساس المرجعي تسليم مارس 74 سنتا ليصل الى 52,12 دولار للبرميل، بينما انخفض سعر نفط برنت تسليم اذار/مارس 77 سنتا ليصل الى 57,57 دولار للبرميل في تداولات بعد الظهر.