يواصل الغرب البحث عن تفاهم مع روسيا فلاديمير بوتين، بينما تبحث القيادة العسكرية لحلف شمال الأطلسي ومسؤولون في الإدارة الأميركية تأييد إرسال أسلحة دفاعية إلى القوات الأوكرانية التي تقاتل الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا، من جهتها، قالت صحيفة "دي تلجراف" الهولندية، أمس: إنه "على الرغم من الأزمة الاقتصادية، فإن روسيا لا تزال تضخ مليارات لبناء جهاز عسكري ضخم. وحذر ينس شتولتنبرج، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، من هذا التطور الذي لا تحمد عقباه، وترى فيونا هيل مديرة قسم الولاياتالمتحدة وأوروبا في معهد بروكينغز أن الغرب يخطئ إن كان يعتبر الاستراتيجية الأمثل تقضي بالانتظار إلى أن تأتي العقوبات بمفعولها، وقالت: "نشهد منازلة بين موسكو والغرب لمعرفة من سيصمد أطول، هذا كل ما في الأمر. وبوتين لن يتراجع", واقترحت وزيرة الخارجية الأوروبية فيديريكا موغيريني في وثيقة تمهيدية تم "تسريبها" طرح مسألة القرم جانباً والتفكير في شكل الحوار الذي ينبغي اعتماده مع موسكو. البحث عن تفاهم وبعدما دعت هيلاري كلينتون روسيا عام 2009 إلى الانطلاق بالعلاقات بين البلدين من الصفر لبدء حقبة جديدة، لم يتم إحراز الكثير من التقدم، وهو ما يشهد عليه الفتور المخيم بين موسكو والغرب الذي لم يعد يدري كيف يتعامل مع فلاديمير بوتين. وترى الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي خلف النزاع في أوكرانيا الذي تسبب بسقوط 5100 قتيل خلال تسعة أشهر، عودة للنزعة الإمبريالية الروسية التي تبعث لدى البعض مخاوف من اشتعال الوضع في هذا البلد الذي يعتبر مفصلا بين روسيا وباقي أوروبا. وتتهم واشنطن وحلفاؤها موسكو بتأجيج الوضع في أوكرانيا من خلال تجهيز ودعم الانفصاليين الموالين لروسيا، وبالتالي فإن التوصل إلى توافق مع أكبر بلد في العالم يطرح معضلة حقيقية. وما يزيد من صعوبة التحدي بحسب ما أوضح وزير الخارجية السابق هنري كيسنجر، الأسبوع الماضي، أنه يتحتم على الولاياتالمتحدة أن تترك لروسيا إمكانية لإيجاد مكانة لها "بشكل مستديم" في صفوف الأسرة الدولية، حيث هي "مدعوة للعب دور أساسي". والواقع أن موسكو تبقى في عالم متعدد الأقطاب، لاعباً من الصف الأول، وهي تقيم علاقات مميزة سواء مع دول من الشرق الأوسط أو مع بلدان ناشئة من أميركا اللاتينية. وقال نائب رئيس الوزراء السلوفاكي ميروسلاف لايكاك، الجمعة، أمام مركز دراسات في واشنطن: "إننا بنظر البعض عند مشارف حقبة جديدة يطلقون عليها اسم حقبة "ما بعد الحرب الباردة". ومن الأساسي برأيه، التفكير ملياً في "هذه الحقبة الجديدة ومكانة روسيا ومكانتنا في هذه الحقبة الجديدة، وخصوصا ما سنفعله من أجل الوصول إليها". رهان العقوبات ويراهن الغرب في الوقت الحاضر على العقوبات الاقتصادية على أمل أن يثير تدهور الروبل وهروب الرساميل نقمة على السلطة. وقالت فيكتوريا نولاند مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأوروبية مؤخراً "تجري تساؤلات مرة جديدة حول جميع الطاولات في روسيا، حول ما يجعل الحكومة الروسية تفضل المغامرات في الخارج على رفاهية مواطنيها ومستوى معيشتهم". لكن فيونا هيل مديرة قسم الولاياتالمتحدة وأوروبا في معهد بروكينغز ترى أن الغرب يخطئ إن كان يعتبر الاستراتيجية الأمثل تقضي بالانتظار إلى أن تأتي العقوبات بمفعولها. وقالت لوكالة فرانس برس إنه بين موسكو والغرب "نشهد منازلة لمعرفة من سيصمد أطول، هذا كل ما في الأمر. وبوتين لن يتراجع". وأضافت أن "المعضلة الحقيقية تكمن في وقف النزاع الجاري في أوكرانيا مع تفادي الدخول في علاقة خلافية بشكل متزايد مع بوتين". وفي هذا السياق يتم طرح بوادر سياسات كتلك التي اقترحتها وزيرة الخارجية الأوروبية فيديريكا موغيريني في وثيقة تمهيدية تم "تسريبها" في الصحافة وشرحت فيها قبل عشرة أيام أنه ينبغي طرح مسألة القرم جانبا والتفكير في شكل الحوار الذي ينبغي اعتماده مع موسكو. وقالت خلال زيارة لواشنطن في نهاية يناير: "إن سياستنا القائمة على عدم الإقرار بضم القرم ثابتة. لا ننسى ذلك في أي من الأحوال". لكنها أقرت في المقابل بأنه "من السذاجة أن نعتبر أن روسيا ستختفي بكل بساطة عن الساحة". وأوضحت أن "روسيا جارتنا لأنه لا يسعنا شيء حيال الجغرافيا. كيف نتعامل اليوم مع هذا الجار في وقت نواجه نزاعاً، وماذا نفعل بعد سنتين، خمس سنوات، عشر سنوات؟" كيري ولافروف ويلتقي وزير الخارجية جون كيري نظيره الروسي سيرغي لافروف في نهاية الأسبوع المقبل، على هامش مؤتمر الأمن في ميونيخ بعد محطة الخميس في كييف. وفي مؤشر إلى التوتر بين الوزيرين، نفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية جنيفر بساكي معلومات أوردتها صحيفة كومرسانت الروسية تفيد عن زيارة لكيري إلى روسيا قبل التوجه إلى كييف. تسليح كييف وفي السياق، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن القيادة العسكرية لحلف شمال الأطلسي ومسؤولين في الإدارة الأميركية يبحثون تأييد إرسال أسلحة دفاعية إلى القوات الأوكرانية التي تقاتل الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا. ونقلت الصحيفة أن الرئيس باراك أوباما لم يتخذ حتى الآن قراراً في شأن إرسال "مساعدة فتاكة"، لكن إدارته تناقش الموضوع بسبب تصاعد وتيرة المعارك بين كييف والانفصاليين. وأضافت، أن قائد قوات الحلف الأطلسي الجنرال الأميركي فيليب بريدلوف يؤيد إرسال أسلحة دفاعية إلى القوات الأوكرانية وأن وزير الخارجية يبدي انفتاحاً على مناقشة هذا الأمر. واتهمت الولاياتالمتحدةروسيا بخوض حرب بالواسطة في أوكرانيا، لكنها امتنعت حتى الآن عن تسليح سلطات كييف. ويكتفي البيت الأبيض بتقديم مساعدة "غير فتاكة" تشمل سترات واقية للرصاص وتجهيزات طبية ورادارات لرصد إطلاق قذائف الهاون. وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي برناديت ميهان للصحيفة: "رغم أننا لا نزال نركز على السعي إلى حل عبر الوسائل الدبلوماسية، فإننا نقيم على الدوام خيارات أخرى بهدف تأمين مساحة من أجل حل تفاوضي للآزمة". وأوردت الصحيفة أن رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارتن دمبسي يبدي بدوره انفتاحاً على مشاورات جديدة، ومثله سوزان رايس مستشارة أوباما للمسائل الأمنية. اشتباكات وقتلى ميدانياً، قال متحدث باسم الجيش الأوكراني، أمس الإثنين: إن خمسة جنود قتلوا وأصيب 29 في قتال ضد انفصاليين تدعمهم روسيا في شرق أوكرانيا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية. وعزز الانفصاليون محاولاتهم لإخراج القوات الحكومية من بلدة ديبالتسيف الصغيرة -وهي تقاطع استراتيجي للسكك الحديدية شمال شرقي مدينة دونيتسك الرئيسية- منذ انهيار محادثات السلام يوم السبت. وذكر الجيش الأوكراني أن القوات الانفصالية شنت أكثر من 100هجوم بالمدفعية وأنظمة الصواريخ ونيران الدبابات على المواقع الأوكرانية والمناطق السكنية خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية. وقال المتحدث باسم الجيش، أمس: "نتيجة هذه الهجمات والاشتباكات العسكرية فقدت أوكرانيا خمسة جنود كما أصيب 29."