حاول القادة الأوروبيون، خلال قمة مصغرة ضمتهم إلى الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني بيترو بوروشينكو على هامش القمة الأوروبية - الآسيوية في مدينة ميلانو الإيطالية أمس، إيجاد الشروط اللازمة لتحقيق تقدم في مفاوضات إرساء السلام في شرق أوكرانيا وحل نزاع إمدادات الغاز الروسي الى أوكرانيا وأوروبا، في وقت يفرض الغرب عقوبات على روسيا بسبب دعمها الإنفصاليين وضمّها شبه جزيرة القرم الأوكرانية في آذار (مارس) الماضي. وقال مصدر ديبلوماسي أوروبي قريب من المحادثات: «يجب ان نبذل كل الجهود لتفادي التصعيد، وإيجاد الشروط لتطبيق وقف نار دائم ميدانياً، قبل فتح آفاق أخرى لاحقاً». وعلى الأرض، استمرت المعارك بين القوات الأوكرانية والانفصاليين الموالين لروسيا حول مطار دونيتسك الذي تعرض لثلاثة هجمات من الانفصاليين خلال الساعات ال 24 الأخيرة، كما صرّح الناطق باسم الجيش الأوكراني اندريه ليسينكو الذي اشار الى مقتل ثلاثة جنود وجرح عشرة آخرين. ويعتبر مطار دونيتسك الدولي الذي اعيد بناؤه لاستضافة نهائيات بطولة الأمم الأوروبية لكرة القدم عام 2012، من نقاط التوتر الرئيسية بين الجانبين اللذين يريد كل منهما السيطرة عليه، رغم اتفاق وقف النار الذي أبرم في 5 ايلول (سبتمبر) الماضي. وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري طالب خلال لقائه نظيره الروسي سيرغي لافروف في باريس الثلثاء بوقف القصف في محيط مطار دونيتسك، وانسحاب قوات الجيش الروسي. وأعقب ذلك اتهام وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو اول من امس الولاياتالمتحدة بإعداد «سيناريوات عسكرية تدعو الى القلق قرب حدود بلاده». وأبدى شويغو دهشته من قول وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل ان «القوات الأميركية يجب ان تتعامل مع روسيا بجيشها الحديث ذي القدرات الكبيرة على أعتاب الحلف الأطلسي»، واعتبره دليلاً على ان البنتاغون «يعد سيناريوات لتنفيذ عمليات على حدود بلدنا»، من دون ان يوضح ما يخطط له الجيش الأميركي. الى ذلك، اعلن ناطق عسكري اوكراني آخر هو فلاديسلاف سيليزنيف ان 11 جندياً اوكرانياً في عداد المفقودين بعدما وقعوا في مكمن في بلدة سميلي في منطقة لوغانسك، حيث تواجه القوات الحكومية صعوبات امام الانفصاليين. وإثر انعقاد الجولة الأولى من القمة المصغّرة بين بوتين وبوروشينكو، في حضور المستشارة الألمانية انغيلا مركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والبريطاني دايفيد كامرون ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رنزي وزعيمي الاتحاد الأوروبي هرمان فون رومبوي وجوزيه مانويل باروزو، صرّحت مركل بأن «القضية الرئيسة هي الانتهاكات المستمرة لسلامة أراضي أوكرانيا» ووصف كامرون اللقاء بأنه «ايجابي لأن بوتين قال بوضوح انه لا يريد نزاعاً عالقاً، وأوكرانيا مقسّمة، لذا عليه ان يفي بالتزامه». وسبقت الجولة الأولى من القمة المصغّرة سلسلة لقاءات ثنائية جمع احدها مركل وبوتين لأكثر من ساعتين ونصف الساعة، وأعقبه إعلان مركل «عدم تحقيق أيّ تقدم». المراقبة الجوية وأعلن مصدر ديبلوماسي ايطالي التوصل الى اتفاق مبدئي على مشاركة روسيا في مراقبة الحدود مع اوكرانيا باستخدام طائرات من دون طيار. واجتمع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيرته الإيطالية فيديريكا موغيريني والرئيس السويسري لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبية ديدييه بورخالتر لتحديد تفاصيل العملية. لكن غرنت إرلر، منسّق الحكومة الألمانية المكلف التعاون مع روسيا وآسيا الوسطى شكك في جدوى ارسال طائرات من دون طيار، كما اقترحت منظمة الأمن والتعاون في اوروبا لمراقبة وقف النار في شرق اوكرانيا، «لأنها لن تصمد امام الطقس البارد». وقال لإذاعة «دوتشلاند فانك»: طائراتنا من دون طيار من طراز لونا قد تواجه مشكلة فنية»، علماً ان صحيفة «بيلد» افادت بأن «الطائرات لا تصمد امام درجات حرارة أدنى من 19 درجة مئوية تحت الصفر، وقد تكون هذه الدرجات أدنى بكثير لدى تحيلق الطائرات على ارتفاع يتراوح بين 3 و5 آلاف متر خلال فصل الشتاء في اوكرانيا». وأضاف إرلر أن «إرسال هذه الطائرات يطرح مشاكل قانونية وسياسية مهمة لا يبدو انها ستحل سريعاً، وبينها مصادقة البرلمان الأوكراني على هذه المهمة، علماً اننا لا نعرف كيف ومتى وإذا كان هذا البرلمان سيقبل وجود عنصر مسلح من دولة اجنبية على اراضيه»، في حين يرتقب تنظيم انتخابات اشتراعية نهاية الشهر الجاري. وفي جورجيا، اعلن وزير الدفاع إراكلي ألاسانيا ان بلاده لن تسمح بمنع روسيا اياها من استضافة مركز تدريب للحلف الأطلسي (ناتو)، أو إحباط خططها لتعميق العلاقات مع الغرب. وخاضت جورجيا التي يبلغ عدد سكانها 4.5 مليون نسمة ويمر فيها خط لأنابيب النفط والغاز من أذربيجان إلى الغرب، حرباً مع روسيا عام 2008 بسبب حركات انشقاق في إقليمَي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، ولا تزال تخشى إغضاب موسكو خلال محاولتها الخروج أكثر من فلكها. وقال ألاسانيا: «يجب تجنب المواجهة مع روسيا. نحتاج إلى استقرار لكننا لن نرضخ لها ولمحاولتها إملاء ما هو أفضل لجورجيا». وأضاف: «نريد أن تكون أوكرانيا ناجحة، ونرى أن أفعال روسيا هي التهديد الرئيسي للمنطقة».