تخيم الصدمة على منزل عائلة الشاب اللبناني ايلي الوراق (22 عاما) بعدما تحول نجل هذه العائلة المسيحية في شمال لبنان من شرطي هادئ الى موقوف متهم بالانتماء الى مجموعة جهادية متطرفة والتحضير لهجمات وتفجيرات. وفي منزل العائلة الواقع في قرية مجدليا المحاذية لمدينة طرابلس، يجلس الوالد طوني الوراق (50 عاما) قرب شجرة للميلاد زينت بكرات حمراء، يدخن دون توقف. ويقول الوراق لوكالة فرانس برس وقد نمت لحيته: "تفأجانا عندما سمعنا الخبر، ولم أنم منذ حينها. الصدمة كبيرة جدا، ولا أقبلها حتى لعدوي. انه ابني!". ويضيف وهو يحاول حبس دموعه "كنت استغرب عندما ارى اشخاصا يفجرون كنائس وحسينيات في العراقوسوريا وأتساءل: كيف يمكن ان يقوم شخص بذلك؟ لكن أن ترى ابنك على التلفزيون في الخانة ذاتها، امر صعب جدا. هل انا احلم؟ لا اصدق ذلك حتى الان". واعلن الجيش اللبناني الخميس انه احبط "مخططا لتنفيذ سلسلة عمليات انتحارية" بعدما اوقف ثلاثة اشخاص، بينهم الشاب المسيحي ايلي "الملقب ابو علي"، والذي تمثل قضيته حالة نادرة في بلد تظلله منذ عقود توازنات طائفية هشة. واوضح الجيش ان الموقوفين الثلاثة "كانوا يتحضرون للقيام بعمليات ارهابية تستهدف مراكز الجيش واماكن سكنية، ويتجولون ببطاقات سورية وفلسطينية مزورة، وقد أظهرت التحقيقات مبايعتهم لتنظيمات ارهابية، ومشاركتهم في القتال في سوريا وفي الاعتداءات على الجيش". وعائلة ايلي مسيحية متدينة معروفة في شمال لبنان حيث تنشط جماعات مسلحة مرتبطة بتنظيمات جهادية متطرفة تقاتل في سوريا المجاورة، بينها جبهة النصرة وتنظيم داعش، غالبا ما تشن هجمات ضد مراكز للجيش اللبناني متهمة اياه بالتحالف مع حزب الله الذي يقاتل في سوريا ايضا انما الى جانب النظام. ولإيلي شقيق مجند في الجيش يدعى مايكل (20 عاما)، وشقيقة تدعى سامية (26 عاما). وبعدما انهى تعليمه الثانوي، انتقل للعمل مع والده في مهنة البناء، الا انه اصبح شرطيا في ما بعد، وسرعان ما انسحب من وظيفته الجديدة، قبل ان يعود اليها مرة اخرى ثم يغادرها للمرة الثانية متذرعا بانها لا تلائم طموحاته. وبدأ ايلي صاحب العينين الصغيرتين والمعروف بين اقربائه بشخصيته الهادئة والمرحة، يغيب عن منزل عائلته قبل نحو عام ونصف، ويقضي فترات طويلة مع اصدقاء له في منطقة القبة في طرابلس حيث كانت تسكن العائلة قبل نحو خمسة اعوام وحيث تجد بعض الجماعات المتشددة موطئ قدم لها. وجاءت عملية الاعتقال بعدما فجر شابان نفسيهما قبل نحو اسبوع في مقهى في منطقة جبل محسن ذات الغالبية العلوية، وتبين انهما من منطقة المنكوبين القريبة ذات الغالبية السنية. واوقع التفجيران اللذان تبنتهما جبهة النصرة، ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، تسعة قتلى و37 جريحا، رغم التدبيرات الامنية التي يتخذها الجيش اللبناني في المنطقة وتشمل ملاحقة مسلحين ومطلوبين على خلفية تفجيرات سابقة شهدها لبنان المنقسم بين مؤيد للنظام السوري ومتحمس للمعارضة او للجماعات الجهادية. وفي القبة المتاخمة لجبل محسن والمنكوبين، يجمع سكان في المنطقة على ان ايلي شاب "مهذب ولطيف". ويقول صاحب محل لبيع الهواتف النقالة ان ايلي كان "انطوائيا. معروفا عنه انه لا يشرب الخمر، ولا يدخن حتى، وقد ظننا انه غادر لبنان، لكننا تفاجأنا عندما علمنا انه ينتمي الى مجموعة مسلحة". وبحسب مصدر امني، فان ايلي الوراق اختفى قبل نحو عام بعدما قام بزيارة تركيا مرتين حيث يعتقد انه كان ينتقل منها الى سوريا. وقد بدأت "عملية رصده تمهيدا لالقاء القبض عليه قبل نحو شهر ونصف الشهر وذلك بتهمة نقل السلاح من منطقة الى اخرى على اعتبار انه مسيحي ويمكنه المرور بسلاسة اكبر على الحواجز". لكن مصدرا عسكريا اكد ان ايلي "كان يتحضر لان يكون انتحاريا"، من دون ان يحدد التنظيم الذي ينتمي اليه. ورغم ذلك، يؤكد والده في المنزل الذي تغيب عن جدرانه اي صورة لابنه الموقوف "لا اعتقد ولو واحد بالمليار انه قد يفجر نفسه. ربما كان يسير مع مجموعة معينة من الاشخاص ويستغلونه لانه مسيحي، لكن ان يفجر نفسه؟ مستحيل". ويتحدر ايلي من قرية شربيلا التي تسكنها غالبية مسيحية وتقع في قضاء عكار قرب طرابلس. ويروي خال ايلي، جورج الوراق وهو رئيس بلدية القرية، ان سلوك ابن شقيقته "تغير منذ نحو عام، وتحديدا منذ ان ذهب الى تركيا، وبدأنا نسمع انه يتردد على التبانة ويعتنق الدين الاسلامي".