أوضح تقرير حديث أن مسارات أسواق الطاقة ومنذ النصف الثاني من العام الماضي وحتى اللحظة أكدت وجوب توافر حزمة من الاستعدادات الاستباقية الضرورية من قبل الدول المنتجة للنفط والغاز، لتتمكن من المضي قدماً بالخطط والمشاريع طويلة المدى والحفاظ على حدود مناسبة من الانفاق على كافة الأوجه والأنشطة التنموية والاقتصادية، لما لذلك من أهمية في الحفاظ على وتيرة النشاط من جهة والحفاظ على المكتسبات من جهة أخرى. وأشار التقرير الصادر عن «نفط الهلال» إلى أنه كان لابد للدول النفطية من الاستعداد الجيد لمرحلة ما بعد انخفاض عوائد النفط المسجلة، وذلك على خطى الإجراءات المتبعة عند إعداد الموازنات السنوية والتي تأخذ بالاعتبار أسعار نفط متحفظة تجنباً للدخول في عجوزات وتفادي كافة التقلبات السوقية على العوائد، وبالتالي التأثير السلبي على أوجه الإنفاق التي تم اعتمادها مسبقاً، وعلى ما يبدو أن كافة الدول منتجة ومستوردة للنفط تتعامل مع الواقع الجديد على أساس أن لا تأثيرات سلبية مباشرة وملموسة على مجمل الحراك الاقتصادي لتلك الدول خلال الفترة القادمة، وأن لدى الدول قدرة على التعامل مع كافة التحديات بكفاءة وفاعلية. واعتمدت العديد من الدول المنتجة للنفط موازنات مرتفعة للعام الحالي، معتمدة بذلك على أسعار منخفضة للنفط وتوقعات بالدخول في عجوزات يمكن تمويلها من الاحتياطات إذا لم تعاود أسعار النفط الارتفاع مجدداً وتقليص الفارق، فيما اتجهت دول أخرى إلى رفع أسعار الماء والكهرباء لديها، مستهدفة بذلك الحد من الهدر وإيقاف نزيف الاستهلاك عند المستويات الحالية من الأسعار، بالوقت الذي يدفع فيه البنك الدولي الدول للتوقيع على اتفاقية تغير المناخ وإلزام كافة الدول بإلغاء دعم البترول ومشتقاته وتسعير الكربون من خلال فرض ضرائب على الانبعاثات والاستعداد أكثر لتطوير مصادر الطاقة المتجددة، في المقابل استعدت الدول المنتجة للنفط بالمزيد من المشاريع ذات العلاقة بقطاع النفط والكهرباء وبنسبة أقل باتجاه تطوير القدرات الإنتاجية من الطاقة المتجددة على الرغم من تراجع العوائد، واستعدت أيضاً بضخ المزيد من النفط لدى الأسواق لدعم مسارات التراجع المسجلة، في الوقت الذي تراجعت فيه قدرة الأطراف ذات العلاقة من إدارة المعروض النفطي لدى الأسواق، فيما لم تسجل الدول النفطية أية خطط يمكن من خلالها مواجهة مخاطر ارتفاع القدرات الإنتاجية من النفط الصخري للكثير من الدول. في المقابل، فإن الدول التي نجحت خططها المالية والاقتصادية في تنويع مصادر الدخل، تصنف ضمن الدول التي استعدت جيداً لمرحلة انخفاض العوائد النفطية وتراجع الأهمية النسبية من إجمالي الدخل القومي، وبالتالي يمكن لها التعامل مع الظروف الحالية بطريقة كفؤة مع بقاء التأثيرات السلبية قائمة وذلك نظراً لعدم توافر مصادر دخل تماثل أو تعوض حجم العوائد النفطية كماً ونوعاً، وأهميتها لمواصلة دعم خطط ومشاريع تنويع مصادر الدخل والتي لم تكتمل بعد، حيث نجحت العديد من الدول النفطية في تطوير القطاع الصناعي وقطاعي البتروكيماويات والسياحة والضيافة، والتي كان لها تأثير إيجابي في قدرة الدول التعامل مع التقلبات الاقتصادية والسوقية، فيما أظهر التطور الحاصل على حزمة القوانين والتشريعات ذات العلاقة بجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية جدواه في ظروف التراجع. وبات واضحاً أن مستوى الاستعدادات التي قامت بها الدول المنتجة للنفط سواء كانت من أعضاء منظمة اوبك أم من خارجها، لا تحمل في طياتها نجاحات كبيرة متوقعة للتعامل والتجاوب مع الأزمة الحالية، وأمام الدول الكثير من التحديات الواجب تجاوزها بمزيد من الاستعدادات العملية الملموسة على صعيد حجم الإنتاج والحصص السوقية والأسواق المستهدفة وخطط الإنفاق ومشاريع التنمية الجاري تنفيذها وآليات التعاقد والشراكات والموازنات، وبما يضمن لتلك الدول مواقعها على الساحة النفطية ويبقيها صاحبة التأثير الأول على هذا الصعيد والحفاظ على مكتسباتها المتراكمة.