فيما طرحت منظمة يهودية مخططا لتسجيل باحات الحرم القدسي والمسجد الأقصى مُلكا لدولة الاحتلال بدائرة "الطابو" الإسرائيلية، أعلنت السلطة الفلسطينية امس الأربعاء أنها بصدد توقيع اتفاقية تعاون وتنسيق مع المحكمة الجنائية الدولية، وبدأت محكمة فيدرالية في نيويورك نظر دعوى رفعتها 11 أسرة يهودية أميركية ضد السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية بتهمة توفير دعم مالي لهجمات وصفوها ب"الإرهابية" وقعت في مدينة القدسالمحتلة بين 2001 و2004. مخطط تقسيمي وتسعى منظمة "يشاي" التي يترأسها الحاخام شموئيل إلياهو للمصادقة على المخطط من قبل وزير القضاء بالحكومة القادمة، الأمر الذي يمهد لتقسيم ساحات الحرم وبناء كنيس يهودي، لكن "مركز الخرائط" الإسرائيلي أبدى تحفظه على الأمر خشية ردود دولية. واستندت المنظمة - التي تنشط في إقامة الكنس والمدارس التوراتية في القدس ومحيط ساحات الحرم - في طلبها على مصادقة السلطات الإسرائيلية عام 1996 على تسجيل ساحات البراق بدائرة "الطابو" ملكا للحكومة والجمعيات الاستيطانية. وشكل هذا الإجراء محركا للتسريع في توسيع شبكة الأنفاق وتدشين ما يسمى مشروع "استحداث حائط المبكى" لتهويد تخوم الأقصى وأسوار البلدة القديمة. تحذير وحول تلك المساعي، قال رئيس "مؤسسة الأقصى"، محمد جبارين: إن هذا التوجه "يأتي في سياق السباق المحموم بين الأحزاب اليهودية لتشريع قوانين تقسيم الساحات زمانيا ومكانيا، وتشكيل مفوضية يهودية لتنظيم اقتحامات المستوطنين، وترتيب الصلوات التلمودية وإقامة كنيس يهودي بالمكان". وحذر جبارين من تداعيات طرح المخطط بدائرة "الطابو" الإسرائيلية، لافتا إلى أن ذلك "يعكس حجم المخاطر المحدقة بالأقصى ومضي الاحتلال في مخططاته لإحكام سيطرته تدريجيا على الساحات، مع مواصلة استهداف المسلمين والتضييق على حركة المصلين والمرابطين بإبعادهم وتقديمهم للمحاكمة، وذلك سعيا منه لتفريغ الأقصى وتهيئة الظروف لتهويده". اتفاقية الجنائية وفي سياق آخر، قال وزير الخارجية في السلطة الفلسطينية رياض المالكي: إن توقيع الاتفاقية سيتم قريبا خلال زيارة مقررة له إلى لاهاي، على أن تستهدف الاتفاقية التنسيق والتشاور المشترك. وأوضح المالكي أن الجانب الفلسطيني سيطلب من المحكمة البدء بتحقيقات بخصوص "الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل" بحق الشعب الفلسطيني في هجومها الأخير على قطاع غزة في يوليو وأغسطس الماضيين. وشدد على أن فلسطين ستصبح عضوا فاعلا في محكمة الجنايات الدولية مطلع ابريل المقبل، وفق ما تبلغه رسميا من الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون. محاكمة أمريكية للسلطة وفي نيويورك، بدأت محكمة فيدرالية نظر دعوى رفعتها 11 أسرة يهودية أميركية ضد السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية بتهمة توفير دعم مالي لهجمات وصفوها ب"الإرهابية" وقعت في مدينة القدسالمحتلة بين 2001 و2004. واختيرت هيئة محلفين مكونة من ستة رجال وست نساء لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية يجب أن تدفعا ما يصل إلى مليار دولار تعويضا عما قال محامي المدعين كينت يالوفيتز إنه دعم ل6 حوادث إطلاق نار وتفجير قنابل في منطقة القدس في الفترة من 2002 إلى 2004 قتل فيها 33 شخصا وأصيب أكثر من 450 شخصا. وتضيف المحاكمة التي يرأسها قاضي المحكمة الجزئية الأمريكية جورج دانيلز بعدا جديدا للصراع المستمر منذ أمد بعيد في الشرق الأوسط. وقال يالوفيتز للمحلفين في المحاكمة المدنية بمانهاتن: إن رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الراحل ياسر عرفات وغيره من القادة الفلسطينيين وافقوا "مرة تلو الأخرى" على دفع أموال يعرفون إنها ستزيد مثل هذه الهجمات للإكراه على قبول الأهداف الفلسطينية. وأضاف يالوفيتز في بيانه الافتتاحي: "قتل المدنيين كان إجراء متبعا.. إذا كنت ترغب في ترويع السكان المدنيين فإن قتل المدنيين عشوائيا فعال للغاية". من جانبه، قال مارك روتشون محامي المدعى عليهما للمحلفين: إنه لا يمكن أن تتحمل حكومة توظف أكثر من 100 ألف شخص مسؤولية هجمات نفذها بعض الأشخاص من تلقاء أنفسهم، أو بطلب من جماعات مثل حماس أو كتائب شهداء الأقصى اللتين تعتبرهما الحكومة الأمريكية منظمتين إرهابيتين. وأضاف: إن السلطة الفلسطينية قدمت بشكل روتيني أموالا لآلاف الأشخاص الذي اصيبوا أو شاركوا في الصراع بالشرق الأوسط، لكن ذلك لم يكن مكافأة على الإرهاب. واتهم المدعون المدعى عليهما بانتهاك القانون الأمريكي لمكافحة الإرهاب، ويسعون إلى رفع التعويضات لثلاثة أمثال، أي إلى ثلاثة مليارات دولار. وأي حكم بالتعويض سيكون قابلا للاستئناف. وتبدأ المحاكمة بعد أقل من أسبوع، على تأكيد الأممالمتحدة أن الفلسطينيين سينضمون رسميا إلى المحكمة الجنائية الدولية في الأول من أبريل. ويمهد هذا القرار الطريق لكي تفتح هذه المحكمة تحقيقات في جرائم إسرائيلية مزعومة على الأراضي الفلسطينية. ومن بين المحلفين صانع ساعات ومدرس ابتدائي ورجل يعمل مساعدا بمدرسة اثناء النهار وحارسا في الليل، بالإضافة إلى ممثل يقول إنه يقبل "وظائف للبقاء على قيد الحياة". وتم استجواب 18 محلفا واستبعد اثنان قالا للقاضي إنهما سافرا إلى إسرائيل. والمدعي الرئيسي هو مارك سوكولو وهو محام بمؤسسة آرنولد وبورتر الذي قال انه وأفراد اسرته اصيبوا في تفجير في يناير 2002 في وسط القدس قتل فيه شخص واحد وأصيب أكثر من 150. ورفض دانيلز طلب روتشون بطلان الدعوى على أساس أن يالوفيتز قال للمحلفين بالخطأ: إن موظفا بالسلطة الفلسطينية أدين بتنفيذ أحد التفجيرات. وقال القاضي إنه قد يعيد النظر في مسألة بطلان الدعوى لاحقا. اعتقالات من جهته، قال نادي الأسير الفلسطيني: إن اسرائيل اعتقلت الليلة قبل الماضية 23 فلسطينيا من الضفة الغربيةوالقدس. وأضاف النادي في بيان: "قوات الاحتلال نفذت حملة عسكرية واسعة ضد بلدة بيت أمر شمال مدينة الخليل واعتقلت 18 مواطنا من البلدة". وتترواح أعمار المعتقلين حسبما جاء في البيان بين 16 و38 عاما، كما شملت الاعتقالات خمسة مواطنين من القدس. وأوضح نادي الأسير أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت منذ بداية العام الجاري ما يزيد على 150 مواطنا. وتشير الاحصاءات الفلسطينية الى احتجاز اسرائيل ما يقارب من 7000 معتقل فلسطيني في سجونها، بينهم نساء وأطفال ومسنون. وقال نادي الأسير في بيانه: إن من بين المعتقلين "18 نائبا في المجلس التشريعي، 12 منهم معتقلون إداريا دون تهمة أو مسوغ قانوني".