«سيدي الرئيس، لم أعد من الآن قادرا على ضمان أمنكم في تونس..». بهذه الكلمات في الرابع عشر من يناير انتهت قبل عام حقبة طويلة لحكم الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي. لم يكد بن علي يسمع تحذير رئيس جهازه الأمني حتى استقل سيارة مع أسرته إلى المطار ليستقل الطائرة باتجاه الخارج ولم يعد لتونس. ولم يكد يمر شهر من القلاقل الدموية حتى احتفلت الثورة التونسية بنجاحها المفاجئ للغاية وأحدثت حركة ديمقراطية وثورية في العالم العربي كله. غير أن الأجواء الحالية في تونس تجعل الكثير من التونسيين غير مستعدين نفسيا للاحتفال بشكل حقيقي وواسع بأول ذكرى سنوية لإسقاط زين العابدين بن علي «فسنعيش هذا اليوم في حالة من السعادة والألم» حسبما قال الرئيس التونسي الجديد منصف المرزوقي مؤخرا في حديث مع موقع ميديا بارت الإلكتروني الفرنسي ملمحا بذلك بالدرجة الأولى للضحايا الكثيرين للثورة. فلقد ارتكبت قوات الأمن التابعة لبن علي مذابح دموية عدة مرات خلال المظاهرات المعارضة له في الأسابيع القليلة التي سبقت رحيله. وزاد عدد قتلى هذه المذابح عن 200 شخص. وساهم الوضع الاقتصادي الصعب في تونس في مزيد من الألم حيث تحولت الحرية الجديدة جزئيا إلى فوضى وإضرابات حادة أدت إلى توقف عجلة الإنتاج لمدة أسابيع. ولم يجرؤ رجال الأعمال الأجانب على الاستثمار بشكل واسع في تونس وارتفعت نسبة البطالة من 13.3 بالمائة إلى 18.3 بالمائة بحسب البيانات الرسمية وأصيب الاقتصاد التونسي بالركود حسب البيانات المؤقتة، وهو ما دعا الرئيس المرزوقي لمناشدة مواطنيه نهاية ديسمبر الماضي لمنح بلادهم فترة للتعافي، على الأقل خلال الأشهر الستة المقبلة، وعدم التسبب في حركات احتجاجية كبيرة، سواء كانت هذه الاحتجاجات اجتماعية أم سياسية. وفرص هذا التعافي غير سيئة وذلك في ضوء عودة الهدوء نسبيا لتونس بعد نحو ثلاثة أشهر ونصف من أول انتخابات حرة في تاريخ تونس. ويجتهد الائتلاف الحكومي بقيادة حزب النهضة الإسلامي المعتدل في وضع الاقتصاد على طريق النمو. وتبين أن المخاوف من وجود توجهات متشددة تدعو لإقامة دولة إسلامية لا مبرر لها وهو ما أدى إلى تنفس الغرب الصعداء وذلك بعد أن أكد رئيس وزراء حكومة حزب النهضة التونسي حمادي الجبالي بأنه يعتزم الاستمرار في تعزيز علاقات بلاده بالغرب.