تونس - أ ف ب - كلّف الرئيس التونسي الجديد المنصف المرزوقي الأربعاء الأمين العام لحركة النهضة الإسلامية حمادي الجبالي تشكيل الحكومة الجديدة. ووعد الجبالي، من جهته، بتشكيلها سريعاً للتصدي لظرف اقتصادي واجتماعي صعب. وجاء في بيان للرئاسة انه «عملاً بأحكام الفقرة الأولى من الفصل 14 من القانون التأسيسي المتعلق بالتنظيم الموقت للسلطة العمومية، قرر رئيس الجمهورية السيد محمد المنصف المرزوقي تكليف السيد حمادي الجبالي بتشكيل الحكومة باعتباره مرشح الحزب الحاصل على أكبر عدد من المقاعد في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي». وتنص أحكام القانون على وجوب أن ينتهي رئيس الحكومة المكلف من تشكيل الحكومة في أجل أقصاه 21 يوماً من تاريخ التكليف، غير أن الكثير من المصادر يشير إلى أن الحكومة سترى النور قريباً جداً. وحمادي الجبالي (62 سنة) أمين «النهضة» أمضى 15 عاماً في سجون نظام زين العابدين بن علي بتهمة «الانتماء لمنظمة غير شرعية والتآمر». وكان حزب «النهضة» رشّحه لتولي منصب رئاسة الحكومة بعيد انتخابات 23 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي التي فاز فيها بأكبر عدد من المقاعد في المجلس الوطني التأسيسي (89 من 217 مقعداً). وقالت مصادر سياسية لوكالة «فرانس برس» إن تشكيلة الحكومة «لا تزال موضع تشاور» بين الائتلاف الثلاثي صاحب الغالبية في المجلس المكون من «النهضة» و «حزب المؤتمر من أجل الجمهورية» (يسار قومي - 29 مقعداً) وحزب «التكتل من أجل العمل والحريات» (يسار وسط - 20 مقعداً). وأكد الجبالي أنه سيشكل الحكومة التونسيةالجديدة «بأسرع ما يمكن حتى تكون في خدمة الشعب»، بحسب تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الحكومية. وتمر تونس في أزمة اجتماعية واقتصادية حيث يقترب معدل النمو من الصفر، بعد عام تقريباً من الثورة التي تركت أثراً على العديد من القطاعات التنموية والاقتصادية وخصوصاً السياحة والاستثمار. وتدير شؤون البلاد حالياً حكومة تصريف أعمال برئاسة الباجي قائد السبسي. ويُعتبر الجبالي من الوجوه المعتدلة في حزبه، غير أن سنوات سجنه الطويلة في عهد بن علي طبعت جانباً من شخصيته. وهو يُعد المسؤول الثاني في حركة «النهضة» التي يرأسها الشيخ راشد الغنوشي. والجبالي بلحيته الصغيرة التي غزاها الشيب ونظاراته الرفيعة واثر السجود على جبينه، من الرموز التاريخية للحركة الإسلامية في تونس الذين مارسوا السياسة قبل الثورة إما في السجن أو بالسر في أغلب الأحيان. وُلد الجبالي عام 1949 في سوسة في منطقة الساحل الشرقي التونسي التي سبق أن أنجبت لتونس رئيسين حكماها منذ استقلالها في 1956 حتى 2011 (الحبيب بورقيبة من المنستير قرب سوسة وزين العابدين بن علي من حمام سوسة). وهو مهندس متخصص في الطاقة الشمسية وصحافي سابق وأحد مؤسسي «حركة الاتجاه الإسلامي» في 1981 التي تحولت في 1989 إلى «حركة النهضة». ويعتبر من قيادات الصف الأول التاريخية وكان قاد خصوصاً مع علي العريض المواجهة مع نظام بورقيبة في 1986. ووقع تبادل مراكز قبل أسابيع قليلة من الانتخابات بين الجبالي والعريض بحيث أصبح الجبالي أميناً عاماً ل «النهضة». وكان الجبالي يتولى منصب الناطق الرسمي باسم «النهضة». وتولى الجبالي رئاسة تحرير صحيفة الفجر لسان النهضة وحكم عليه بالسجن لمدة عام في 1991 بداعي التشهير. وبعد عام من ذلك وفي أوج قمع نظام بن علي للإسلاميين حكم عليه بالسجن 16 عاماً أمضى فترة طويلة منها في السجن الانفرادي قبل صدور عفو عنه في 2006. ويصف سفيان بن فرحات رئيس تحرير صحيفة «لابراس» الحكومية التونسية الجبالي المبتسم أبداً ويتقن تماماً الفرنسية، بأنه «رجل يملك شبكة واسعة من العلاقات». وعززت تصريحات للجبالي بعد الانتخابات في تجمع شعبي في سوسة في شأن «خلافة سادسة» (دولة دينية)، مخاوف خصوم حزب «النهضة» الذين ينددون ب «ازدواجية الخطاب» الإسلامي الذي يعلن غير ما يضمر. لكن الجبالي يعتبر «ضمن التيار الإصلاحي للنهضة التي هي حزب تتنازعه العديد من التيارات»، بحسب بن فرحات. وكان الجبالي زار واشنطن بعد الثورة التونسية مع اثنين من القيادات «العصرية» للحركة هما المحامي نور الدين البحيري الناطق الرسمي باسم الحركة والمحامي الشاب سمير ديلو وهما عضوان في المكتب السياسي للنهضة.