في الوقت الحالي أصبح نظام الواتساب جزءا من الحياة اليومية للكثير. فأنت تكون مع تواصل دائم مع أصدقاء اليوم والأمس. واختلافه عن (التويتر والفيس بوك) هو أنك لا تتابع فيه إلا من تعرف, بعكس مواقع التواصل الأخرى. فأنت لا تعرف معظمهم وبعضهم في بلاد بعيدة ويستخدم الكثير منهم أسماء وهمية. ولكن في الواتس اب فإن من هو موجود فمعروف ورقم تلفونه موجود. فهل قام نظام الواتس اب بعمله كجامع للأصحاب والأقارب؟ في الحقيقة لا أعتقد. فنظام الواتس اب كشف ما لا تعرفه عن تفكير وميول وأفكار أصدقاء وأقارب بواسطة عدة رسائل ما لا تعرفه عنهم منذ عشرات السنين. والآن فمن النادر أن لا يوجد شخص في مجتمعنا ممن ليس لديه أكثر من مجموعة مما يسمى قروبات الواتس اب. ولكن المشكلة تكمن في أنك تتواصل مع أناس تعرفهم ولكن ليس وجها لوجه. وبهذا يكون عائق الحديث المتحفظ قد تم رفعه. بمعنى أن من لا تراه من الممكن أن تتحدث معه بكل حدة لأي سبب لأنك لا ترى تعابير وجهه. ولكن في الواقع فأنت تعبر عما يجول بخاطرك بكل واقعية وبدون اي تحفظ. ولكن هل هذا الشيء مقبول في مجتمعنا. في الحقيقة فإن الجواب لا. والسبب يعود لأن مجتمعنا يتبع ما يسمى بالمسار الواحد. فإما أنك معى أو أنت ضدي. وقد يستغرب الكثير بأن هناك أصحابا تجمعهم صداقات عمل وصداقات جوار تمتد لعشرات السنين وكانوا كما نقول صداقتهم (سمن على عسل) ولكن اتى الواتس اب وفرقهم أو على الأقل جعل بينهم تنافرا. والغريب والمضحك في الأمر هو أن بعضهم يتخاصم مع أصدقاء العمر على أمور لا علاقة لهم بها. فقد نسمع عن أمر اجتماعي أو سياسي ومن ثم نختلف في نظرتنا حيال هذا الحادث الذي يخص المجتمع مع أنه لا يخص من هم في القروب ولا ناقة ولا جمل لهم بشأن ما حدث ولكن ما أن تتباين وجهات النظر حتى تبدأ بسماع كلمات الليبرالية والعلمانية والتغريبية في وقت بعضنا لا يعرف معنى هذه الكلمات. ولكن هل موضوع الإختلاف في الواتس اب يجب أن ننتبه له ونأخذه بمحمل الجد؟ الجواب نعم. وقد كتبت مقالات عديدة بهذا الخصوص وتم نشرها في جريدة اليوم ومنها مقال بعنوان (من قال ان التويتر غير مراقب). فشبكات التواصل الاجتماعي هي لتبادل الأفكار. فمن المؤكد أن ما أقول قد لا يتفق مع ما تفكر فيه ولكن لا بد من تقبل وجهات النظر الاخرى وأنت لست ملزما بتبني فكر الآخرين. ومن الضروري أن يرى المرء ما يجمعه مع الآخر وليس التركيز على ما يختلفون عليه. وكما قال أحد أساتذتي (مقبل).. إن كنت لا تقرأ إلا ما يعجبك فلن تعرف الا ما يعجبك.