في شهر أغسطس من العام الماضي، تحدث خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بشفافية وصراحة، عن خطر الإرهاب ليس على المنطقة، بل على العالم أجمع. وجاء حديثه الذي كان بصيغة تحذير مباشر حيال خطر آفة الإرهاب، أثناء تسلمه أوراق اعتماد 36 سفيرا من الدول العربية والإسلامية والصديقة كسفراء معتمدين لدولهم في المملكة. ودعا حفظه الله المجتمع الدولي لمحاربة الإرهاب، والوقوف بقوة لمواجهته. وإن لم يتم مواجهته فإن خطره سيمتد إلى أوروبا وأمريكا والعالم أجمع... هذا ما قاله حكيم العرب. في الأشهر الماضية وقع أكثر من عمل إرهابي، وامتدت هجمات الإرهاب من أستراليا إلى المملكة وإلى بلجيكاوفرنسا. ورأينا في الأيام القليلة وقوع عمل إرهابي في شمال المملكة، وبعدها بعدة أيام رأى العالم هجوما إرهابيا بواسطة ثلاثة من المجرمين في العاصمة الفرنسية. ولكن في الهجوم الإرهابي على المملكة فقد تم قتل كل الإرهابيين المهاجمين وتم معرفة هوياتهم. وأما ما حدث في فرنسا، فقد قام المهاجمون بقتل أكثر من 10 أشخاص ومن ثم لاذوا بالفرار. وإلى هذا الوقت فقد استسلم أحد المهاجمين وتم نشر صور الاثنين الآخرين، وتم الإعلان عن أنهما مسلحان وخطران. وهذا يعني أنه سيتم استعمال القوة في القبض عليهم. ولكن المؤسف وإلى هذه اللحظة هم يحملون أسماء تدل على أن أصولهم الأساسية على الأرجح لأفراد قد يكونون مسلمين. وإن تأكد ذلك بالفعل سيكون مردوده على كل مسلم في دولة أجنبية وخاصة في أوروبا غير محمود. ففي هذه الأيام نرى مظاهرات أسبوعية في ألمانيا ضد المسلمين. وهذا سيعزز الأطراف والأحزاب اليمينية في حربها ضد المسلمين في أوروبا وغيرها. إن الإرهاب لا دين ولا موطن له. ولكن -وللأسف الشديد- رأينا من بعض من ينتمون للإسلام يعملون على تشويه ما عليه الإسلام من تسامح. وأعطوا الفرصة لمن يتربص بالإسلام أن يقوم بتشويهه بكل سهولة. وفي نهاية المطاف، سيكون مردوده أكثر ضراوة على كل مسلم في الغرب، سواء أكان زائرا أو مقيما. ورأينا في الماضي كيف أن بعض الدول استغلت ما يدور في بعض دول العالم الإسلامي، وقامت بسن قوانين هدفها المسلمون فقط، مثل: منع لبس النقاب. والسبب يرجع لقيام بعض من يلبسونه بتشويه صورته. ولهذا فمن المتوقع أن تكون هناك قوانين أخرى، هدفها التشديد على المسلمين ومراقبتهم أكثر، والتضييق عليهم. ولكن ما هو محزن، هو أن عددا قليلا من المسلمين هم من قام بتشويه الصورة، وأعطاهم ذريعة للتضييق على المسلمين. وقد سمعنا عن حالات كثيرة في دول أوروبا عندما لا يتم توظيف أو الموافقة على إسكان من يحمل اسما يدل على أن صاحبه مسلم. الإرهاب مرض يجب استئصاله والتعامل معه بصرامة، فقد دفع العالم الإسلامي ثمنا باهظا بسببه. * كاتب ومحلل سياسي