صوّت مجلس الامن الدولي ضد مشروع قرار فلسطيني لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي، اذ حصل النص الذي اعلنت واشنطن مسبقا رفضها القاطع له، على تأييد ثماني دول مقابل اثنتين صوتتا ضده الولاياتالمتحدةواستراليا التي كانت الصوت الوحيد الذي حفظ ماء وجه واشنطن من استخدام الفيتو وخمس امتنعت عن التصويت، بينما كان اقراره بحاجة الى تسعة اصوات، وحفظت استراليا وجه ماء واشنطن برفضها المشروع، من دون ان تضطر الولاياتالمتحدة الى اللجوء إلى "الفيتو"، بينما تراجعت نيجيريا عن التصويت لصالح القرار بضغط امريكي اسرائيلي، وقالت محافل سياسية إسرائيلية: ان رئيس الحكومة الإسرائيلية اتصل قبل التصويت برئيسي رواندا ونيجيريا وطلب منهما عدم تأييد المشروع، فامتنعت الدولتان عن التصويت، فيما لوحت السلطة الفلسطينية بتحركات دولية، في مقدمتها الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية، وقال مسؤولون فلسطينيون: ان الرئيس عباس وقع طلب الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية، وعبرت اسرائيل عن "ارتياحها" لرفض مجلس الامن الدولي اعتماد المشروع الفلسطيني، واعتبر وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان ان "فشل مشروع القرار يجب ان يوجه رسالة للفلسطينيين بأن الاستفزازات ومحاولات فرض اجراءات احادية الجانب على اسرائيل لن تؤدي الى نتيجة"، واتهمت موسكو واشنطن "باحتكار" مفاوضات السلام الاسرائيلية-الفلسطينية وجرها الى "طريق مسدود". الانضمام للجنائية الدولية وأعلن مسؤولون فلسطينيون ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقع امس على طلب الانضمام الى المحكمة الجنائية الدولية، بعد رفض مشروع قرار فلسطيني في مجلس الامن الدولي. ووقع عباس على طلب الانضمام الى اتفاقية روما التي سيصبح بموجبها الفلسطينيون عضوا في محكمة لاهاي الجنائية الدولية، بالإضافة الى 15 اتفاقية اخرى دولية. تراجع نيجيري وكان مشروع القرار بحاجة إلى صوت إضافي واحد، للحصول على تسعة أصوات، ليتم تمريره للتصويت في شكل قرار، خلال جلسة خاصة بمجلس الأمن، إلا أن الولاياتالمتحدة، التي هددت باستخدام حق "الفيتو" لمنع صدور القرار، أجهضت مشروع القرار من بدايته، من دون اللجوء إلى "الفيتو". ومن أصل الدول الخمس صاحبة العضوية الدائمة وحق النقض في المجلس، حصل مشروع القرار على تأييد ثلاث منها هي فرنسا والصين وروسيا، في حين صوتت ضده الولاياتالمتحدة التي اعلنت مسبقا انها ستستخدم الفيتو اذا اقتضى الامر لمنع صدوره، بينما امتنعت بريطانيا عن التصويت. وصوتت ضد مشروع القرار اضافة الى الولاياتالمتحدةاستراليا، وكلاهما حليف وثيق لإسرائيل. اما الدول الخمس الاخرى التي ايدت مشروع القرار، فهي الاردن والارجنتين وتشيلي وتشاد ولوكسمبورغ، في حين ان الدول الاربع التي انضمت الى بريطانيا في الامتناع عن التصويت هي ليتوانيا وكوريا الجنوبية ورواندا ونيجيريا. وبحسب مصادر دبلوماسية، فإن نيجيريا التي كان من المفترض ان تصوت الى جانب القرار عدلت عن موقفها في اللحظة الاخيرة، واختارت الامتناع عن التصويت. وبعدم حصول النص على الاصوات التسع اللازمة لإقراره، لم تضطر الولاياتالمتحدة لاستخدام حق النقض لإحباط تمريره، وهي خطوة كانت في حال اقدمت عليها ستثير غضب الدول العربية المتحالفة معها في الحرب التي تقودها ضد جهاديي تنظيم "الدولة الاسلامية" في كل من سوريا والعراق. وينص مشروع القرار الذي قدمه الاردن باسم المجموعة العربية في الاممالمتحدة على التوصل خلال سنة الى اتفاق سلام بين الفلسطينيين والدولة العبرية، كما ينص على انسحاب اسرائيل من كامل الاراضي المحتلة قبل نهاية العام 2017. دفاع أمريكي وقالت السفيرة الاميركية في الاممالمتحدة سامنتا باورز: ان "هذا القرار يعزز الانقسامات وليس التوصل لتسوية"، مضيفة: ان "هذا النص لا يعالج الا مخاوف طرف واحد فقط". ودافعت باورز عن الموقف الاميركي الذي يشجع على اجراء محادثات مباشرة بين الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني، معتبرة ان "السلام يأتي ثمرة خيارات وتسويات صعبة يتم التوصل اليها على طاولة المفاوضات". وكان المتحدث باسم الخارجية الاميركية جيفري راثكي قال يومي الاثنين والثلاثاء: ان "مخاوفنا متعددة. هناك التحفظ على الجدول الزمني الذي يضع مهلا عشوائية، الامر الذي لن يساعد على انجاح المفاوضات"، اضافة الى تحفظات حول "الحاجات المشروعة لاسرائيل في المجال الامني". وتابع المتحدث الاميركي: "لقد تم الامر بتسرع، لذلك لن ندعم هذا النص، أكان بسبب مضمونه او الجدول الزمني الذي يتضمنه". وكان الفلسطينيون ادخلوا الاثنين تعديلات على مشروع القرار وطالبوا بعرضه هذا الاسبوع على مجلس الامن للتصويت عليه. وقدمت المجموعة العربية في الاممالمتحدة الاثنين دعمها لمشروع القرار الفلسطيني المعدل. وتضمنت التعديلات الاشارة الى القدسالشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية، وتسوية مسألة الاسرى الفلسطينيين، ووقف الاستيطان الاسرائيلي والتأكيد على عدم شرعية جدار الفصل. وكان وزير الخارجية الاميركي جون كيري اجرى اتصالات هاتفية مكثفة خلال الساعات ال48 الماضية مع مسؤولين في 12 بلدا، اضافة الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بحسب المتحدث باسم وزارته. وشملت اتصالات كيري رئيس رواندا بول كاغامي ووزراء خارجية الاردن والمملكة العربية السعودية ومصر وروسياوبريطانيا والاتحاد الاوروبي والتشيلي وليتوانيا ولوكسمبورغ والمانيا وفرنسا. وقال السفير البريطاني لدى الاممالمتحدة مارك ليال غرانت: ان بلاده لا تدعم مشروع القرار الفلسطيني لتضمنه "اشارات الى المهل الزمنية وتعابير جديدة حول اللاجئين". موقف مخجل ووصفت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية د. حنان عشراوي فشل مجلس الأمن في تمرير مشروع القرار الفلسطيني بالأمر المخجل والمخيب، والمساند لاستمرار الاحتلال وحجب حق شعبنا الأساسي في تقرير مصيره وإقامة دولته ذات السيادة على أرضه وعاصمتها القدس. وأعربت عن اسفها لامتناع بريطانيا وليتوانيا ونيجيريا وكوريا الجنوبية ورواندا عن التصويت، واصفة هذا الامتناع بمثابة فقدان الإرادة السياسية للوقوف بحزم في جانب الحق والعدالة. وشددت على ان الموقف الأمريكي يبقى موقفاً مخجلاً ومفتقراً إلى المسؤولية الأخلاقية والقانونية والسياسية، وقالت: "ما زالت الولاياتالمتحدة تضع تحالفها الاستراتيجي ومصالح إسرائيل فوق العدالة والقانون الدولي ومتطلبات السلام، وتشجعها على الإفلات من العقاب والتمادي في انتهاك حقوق شعبنا والقانون الدولي". تبريرات غير منطقية وانتقد السفير محمد صبيح الامين العام المساعد لدى الجامعة العربية لشئون فلسطين والأراضي العربية المحتلة نتائج التصويت في مجلس الأمن الليلة قبل الماضية. وقال في تصريح للصحفيين أمس: إن تبريرات عدم تمرير المشروع لا تستند الى أي منطق أوقانون دولي، وتصب باتجاه دعم وتكريس الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. ورأي صبيح أن إخفاق مجلس الأمن ضربة موجعة لقوى الاعتدال التي تعمل من أجل السلام في المنطقة"، مشيرا إلى أن الشعب الفلسطيني بهذا التصويت يحرم من حقه في تقرير المصير والاستقلال بالقوة المسلحة الإسرائيلية وبقوة النفوذ والضغط السياسي للدول التي تكيل بمكيالين. فشل خيار التسوية واعتبرت حركة حماس امس، أن فشل مشروع القرار الفلسطيني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي في مجلس الأمن الدولي يمثل "فشلا إضافيا لخيار التسوية". وقال الناطق باسم الحركة سامي أبو زهري، في بيان صحفي: إن على السلطة الفلسطينية "أن تتوقف عن العبث بالمصير الوطني والنزول بالحقوق الوطنية إلى هذا المستوى الخطير". وأضاف أبو زهري: "ننتظر من السلطة أن تفي بتهديداتها السابقة التي وعدت بها، وفي مقدمة ذلك إلغاء التنسيق الأمني مع الاحتلال". خيبة أمل فرنسية أما السفير الفرنسي فرانسوا ديلاتر الذي صوت الى جانب القرار فأعرب في كلمة امام مجلس الامن عن خيبة امله لعدم نجاح الجهود التي بذلت للتفاوض على نص يتوافق حوله اعضاء المجلس، مؤكدا ان بلاده صوتت لصالح مشروع القرار الفلسطيني "مدفوعة بالحاجة الملحة الى التحرك". واضاف ديلاتر: "لكن جهودنا لا يجب ان تتوقف هنا. ان مسؤوليتنا هي ان نحاول اكثر قبل ان يفوت الاوان". من جهته، اتهم السفير الفلسطيني في الاممالمتحدة رياض منصور مجلس الامن بعدم تحمل مسؤولياته، واعدا بالسعي عبر طرق اخرى للحصول على اعتراف بالدولة الفلسطينية. وقال منصور امام المجلس: ان "الفلسطينيين والعالم لا يمكنهم ان ينتظروا اكثر. هذه الرسالة واضحة كل الوضوح، رغم النتيجة المؤسفة". وكان الفلسطينيون اعلنوا انه اذا لم تنجح مبادرتهم في مجلس الامن فسينضمون الى سلسلة من المعاهدات والهيئات الدولية بينها خصوصا المحكمة الجنائية الدولية؛ وذلك لملاحقة اسرائيل بتهم ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة. ممثل إسرائيل بالمقابل، اكتفى ممثل اسرائيل بإلقاء كلمة مقتضبة امام مجلس الامن من اربع جمل. وقال اسرائيل نيتزان: "لدي انباء للفلسطينيين: لا يمكنكم ان تصلوا الى دولة عن طريق الانفعال والاستفزاز". واضاف: "أحض المجلس على التوقف عن لعب لعبة الفلسطينيين وانهاء مسيرتهم نحو الجنون". موغيريني: لاستئناف المفاوضات وفي رد فعل من بروكسل، قالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني: ان نتيجة التصويت في مجلس الامن تؤكد "مرة جديدة ضرورة ان تستأنف بشكل عاجل مفاوضات حقيقية بين الاطراف، وكذلك ضرورة ان يركز المجتمع الدولي جهوده على تحقيق نتائج ملموسة" للتوصل الى اتفاق نهائي. واضافت في بيان: ان الهدف المشترك هو التوصل الى اتفاق سلام شامل يرتكز الى مبدأ وجود دولتين "تعيشان جنبا الى جنب بسلام وامن وتعترف كل منهما بالاخرى". صدمة فلسطينية وعبرت القيادة الفلسطينية عن صدمتها للدور الذي لعبته الولاياتالمتحدة في إفشال مشروع القرار العربي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي خلال عامين. وسادت حالة من الإحباط الأوساط الفلسطينية، وكانت القيادة الفلسطينية على يقين -قبل التصويت- بحصول مشروع القرار على موافقة تسع دول في المجلس، لكن ما حدث أن القرار حاز على موافقة ثماني دول فقط، وهو ما يمنع تمريره حتى إذا لم تستخدم الولاياتالمتحدة حق النقض (فيتو). غطاء لإسرائيل بدوره، وصف كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات ما جرى بأنه ضربة للقانون الدولي، وهو يمنح إسرائيل غطاء للاستمرار في غطرستها واحتلالها للأرض الفلسطينية، واعتبر أن من صوت ضد القرار فقد صوّت لحماية إسرائيل واستمرار الاحتلال. وقال عريقات: إن استخدام واشنطن حق النقض رغم عدم حاجتها إلى استخدامه، هو رسالة للفلسطينيين والعرب بأن المسائل تقرر بناء على أن "إسرائيل دولة فوق القانون وستستمر الولاياتالمتحدة في حمايتها"، معتبرا أن ما جرى يمثل "وصمة عار" للقانون الدولي وللعلاقات الدولية. أسف روسي من جهتها، عبرت روسيا عن اسفها لفشل مجلس الامن في اعتماد مشروع قرار فلسطيني يدعو الى انهاء احتلال الاراضي الفلسطينية خلال عامين، ووصفت هذا التصويت بأنه "خطأ استراتيجي". وقال السفير الروسي لدى الاممالمتحدة فيتالي تشوركين خلال جلسة مجلس الامن: ان "روسيا الاتحادية تأسف لأن مجلس الامن لم يتمكن من اعتماد مشروع القرار". وأضاف: "نعتبر ذلك خطأ استراتيجيا". واتهم السفير الروسي واشنطن "باحتكار" مفاوضات السلام الاسرائيلية-الفلسطينية وجرها الى "طريق مسدود".