قبل أكثر من سبعة وخمسين عاماً وتحديداً في مايو من عام 1957 كانت بداية المحاور العظيم لاري كنج في استديو راديو ميامي بيتش الذي يتبع المحطة الإذاعية WAHR، وهذه محطة صغيرة قبالة مخفر الشرطة في شارع فاير ستريت على مشارف العاصمة الأمريكيةواشنطن، وكان يتردد على مدير هذه الإذاعة عله يجد فرصة، ولم يكن هذا المدير متحمساً مع لاري رغم إعجابه بخامة صوته، وفي احدى المرات تورط مدير المحطة بعد أن ترك مذيع المنوعات الغنائية العمل فجأة ليقوم مدير المحطة بالاتصال بلاري كي ينال مكانه براتب 55 دولارا في الأسبوع، ويحكي لاري عن تجربته الأولى قائلاً: (لو كان قدر لك أن استمعت لعرضي الصباحي الأول في الإذاعة لجزمت بأنني آخر شخص يمكن أن يستمر)، ورغم حماس لاري وتدربه الطويل في عطلة نهاية الأسبوع للإطلالة الأولى إلا أن البداية كانت متعثرة، وقبيل الانطلاقة البكر تجمدت أطراف لاري من شدة الخوف والتوتر، وراح يشرب القهوة والماء للتخلص من جفاف حلقه الذي يزداد كلما اقتربت لحظة الصفر، وعندما وضع الاسطوانة الصوتية ليبدأ البرنامج خفض صوت الاسطوانة بيده ليتحدث هو لكنه لم ينبس ببنت شفة مما اضطره لرفع صوت الاسطوانة مرة أخرى، -والإذاعات القديمة كانت تجعل المذيع هو من يتحكم بالأصوات المصاحبة- ثم أعاد الخفض مرة أخرى إلا أن الكلمات لم تخرج من حلقه فأعاد صوت الاسطوانة مجدداً، وتكرر هذا في المرة الثالثة أيضاً!، وكان يقول في نفسه: (لقد أخطأت فيما أنا مقدم عليه، أعرف أنني أحب هذه المهنة لكنني لم أكن مستعداً لها، إنني أفتقد الشجاعة للقيام بها)، وبعد ذلك تدخل مدير المحطة الذي كان يدعى مارشال سيموندز ودخل غرفة التحكم وقال للاري سبع كلمات مهمة: (هذا عمل إعلامي.. أي تواصل مع المستمعين)، بعدها استطاع لاري أن يقول: (طاب صباحكم)، وأمضى بعدها لاري ثلاث سنوات في الإذاعة بدون قلق إلى أن أتت أول تجربة تلفزيونية وكان المقعد الذي يجلس عليه كرسيا هزازا حيث يقول لاري عنها: (لم يسبق لي العمل في التلفزيون وقد جعلني هذا متوتراً حيث أجلسني المنتج على كرسي هزاز، وهو ما مثل خطأ فادحاً فنظراً لتوتري الشديد ظللت أتأرجح على الكرسي طوال الوقت). ما لايعلمه الكثيرون أن لاري غيّر اسمه من لاري زييجر إلى لاري كنج استجابة لمدير الإذاعة الذي قال له إن اسمك له دلالة عنصرية وصعب تذكره على المستمعين، وكان أمامهما صحيفة ميامي هيرالد وفيها إعلان بطول صفحة لمشروبات كينج فرفع رأسه مدير الإذاعة وقال له: (ما رأيك بلاري كينج)؟ فرد لاري بالموافقة، ومن ذلك التاريخ عرفه العالم بلاري كينج. هكذا كانت البدايات للمحاور الأشهر عالمياً، ولو تخلى عن حلمه بعد أول تجربة لما وصل لما وصل إليه. أعجبتني كثيراً الكلمات السبع التي قالها مدير الإذاعة للاري، وكلمة السر بين السبع كلمات هي «تواصل»، فالإعلام في حقيقته يعتمد نجاحه على القدرة التواصلية، وسأتحدث لاحقاً عن أسرار في «التواصل». أختلف كثيراً مع لاري كنج في تغيير اسمه، فجمال الإعلامي يكمن في أن يظهر أمام الناس كما هو.