تتحول الآن مواقع اثنتين من الصفائح التكتونية الأكبر في الاقتصاد العالمي، معلنة البدء بالاحتكاكات الواضحة بشكل متزايد في الأسواق المالية والعواصم العالمية. تتسارع الآن الولاياتالمتحدة في حين أن الصين تتباطأ، مسجلة تعاكسا في الاتجاهات التي أعقبت الأزمة المالية. نتيجة لذلك، يتذبذب النفط بسبب ارتفاع الإمدادات الأمريكية وهبوط الطلب الصيني، ورؤوس الأموال تهرب من الأسواق الناشئة، وقيمة الدولار في ارتفاع في حين أن تأثير دول البريكس BRICs في طريقه إلى الزوال. وفي حين أن أكبر الخاسرين هم منتجو السلع الأساسية والأسواق الناشئة، يثبت رئيس روسيا فلاديمير بوتين أنه الأكثر انكشافا أمام هذه التغيرات، حيث إن اقتصاد بلده يتوجه نحو الركود، لأن الهبوط في النفط الخام والروبل يعمق أثر العقوبات التي فرضت بسبب أعماله العدوانية في أوكرانيا. قالت لينا كوميليفا، كبيرة الاقتصاديين لدى جي بلاس ايكونومكس في لندن: «تشير التحولات التي يشهدها الاقتصاد العالمي إلى إمكانية حدوث عواقب غير مقصودة وتوترات غير متوقعة». وأضافت: «إن ضعف الأسواق الناشئة، تحت عنوان أزمة روسيا، قد يؤدي إلى المزيد من تدفقات نحو الملاذات الآمنة». إن الولاياتالمتحدة المعززة والصين البطيئة تصدرتا ذات مرة قائمة أمنيات واضعي السياسة الدوليين الذين أعربوا مرارا وتكرارا عن قلقهم من أن أمريكا كانت راكدة والصين كانت منتعشة في أعقاب الركود الدولي لعام 2009. يجري تحقيق آمالهم الآن، حيث إنه في عام 2014 تسير الصين في مسارها نحو أقل معدلات النمو منذ عام 1990 مع استمرار تباطؤ الاستثمار العقاري وإغلاق المصانع. في الوقت نفسه، تكتسب الولاياتالمتحدة زخما، حيث إن الاقتصاديين الذين شملهم استطلاع أخبار بلومبيرج يراهنون على نسبة نمو مقدارها 2.9 في المائة العام القادم، أو هي النسبة الأسرع خلال عقد من الزمان، بينما يتسارع معدل التوظيف وتزيد أسعار البنزين الهابطة من القوة الشرائية. سبب أعمق قال أولريتش لوتشمان، استراتيجي العملات لدى بنك كومرتس ايه جي في فرانكفورت: «إن السبب الأساسي الأعمق لكل هذا هو احتمالية تطبيع السياسة النقدية للولايات المتحدة: أسعار الفائدة المرتفعة في الولاياتالمتحدة تعمل على إضعاف الاستفادة من سعر الفائدة الهابط في الأصول المحفوفة بالمخاطر». أظهرت دراسة استطلاعية شهرية من بانك أوف امريكا ميريل لينتش قبل يومين أن مدراء الصناديق يفضلون وبشكل متزايد الدولار والنقدية على السلع الأساسية والأصول المحفوفة بالمخاطر. هبط سعر النفط حوالي 45 في المائة هذا العام جزئيا بسبب الطلب الصيني الضعيف ووفرة الإمدادات التي تعمقت بسبب الإنتاج الأمريكي للنفط الصخري. فقد ارتفع الإنتاج الأمريكي إلى 9.12 مليون برميل يوميا، وهو أعلى معدل في بيانات «إدارة معلومات الطاقة» الأسبوعية التي بدأ العمل بها في يناير من عام 1983. تعزيز وضع المستهلكين من رأي الاقتصاديين أن تحول الأموال النقدية من منتجي الطاقة إلى المستهلكين كاف لتعزيز الاقتصاد العالمي. تشير تقديرات بنك بيرينبيرج في لندن إلى أن أسعار النفط الحالية قد تعزز الطلب بنسبة 1.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصادات الرئيسية خلال الأرباع الأربعة إلى الستة المقبلة. ومع ذلك تعتبر النتائج متفاوتة ففي دراسة أجريت على 44 دولة، أدرجت شركة أكسفورد ايكونومكس المحدودة كلا من روسيا والسعودية والنرويج وإيطاليا وهولندا من بين أكبر الخاسرين من النفط الخام الأرخص، أما الفائزون فهم الفليبين والصين والهند وإندونيسيا. يتدفق المال مرة أخرى إلى الولاياتالمتحدة بسبب مكاسب الدولار وتحسبا لارتفاع أسعار الفائدة، وقد قفز الدولار بنسبة 9 في المائة على أساس الوزن التجاري النسبي هذا العام. قال جون تشادفيلد - روبرتس لدى شركة جوبيتر المحدودة لإدارة الأصول في لندن: «إن وجود الضعف في الأسواق الناشئة هو نتيجة ثانوية لوجود الدولار القوي». كلما ارتفع الدولار، يرتفع أيضا حجم العملة المحلية من أعباء ديونهم ومدفوعات الفوائد، التي تكون بطبيعة الحال مؤلمة جدا من الناحية المالية. الديون المقومة بالدولار في تحذير له حول التكلفة المحتملة لارتفاع الدولار، أشار مصرف التسويات الدولية هذا الشهر إلى أن المصارف الدولية قد أقرضت مبلغ 3.1 تريليون دولار إلى الشركات غير المالية في الأسواق الناشئة، مستخدمة الدولار أساسا، وأن مثل تلك الدول أصدرت ما قيمته 2.6 تريليون دولار من السندات المقومة بعملات أجنبية. يحدد اقتصادي بنك سوسييتيه جنرال، جايسون داو، عملات كل من إندونيسيا وتركيا والمكسيك بأنها الأكثر عرضة للانتكاسات. وقال أيضا إن كلا من جنوب إفريقيا وهنغاريا والصين وتشيلي تحتاج أيضا أن تتم مراقبتها. وفي حين أن الدولار المرتفع قد يساعد في ضرب مساعي إزالة التضخم عالميا عن طريق إثراء المستهلكين الأمريكيين المتعطشين للتصدير، حذر استراتيجيو العملات لدى بنك اتش اس بي سي الأسبوع الماضي بأن القوة القصوى للدولار قد تكون مشكلة إذا فقدت اليابان السيطرة على الين الضعيف، أو إذا عمل اليورو الهابط على إثارة المخاوف بانهيار العملة الموحدة، أو أن الصين حاولت أن تخفض من قيمة اليوان. يهدد تباطؤ الصين أيضا بأن تكون له آثار وعواقب على المستوى الدولي بعد ظهورها كقوة اقتصادية خلال العقد الماضي وتحولها إلى أكبر مستهلك في العالم للسيارات والسلع الأساسية بما في ذلك النحاس والنفط. شركات التوريد الصينية أدرج تقرير صدر في وقت سابق هذا العام من قبل كريج بوتهام، خبير اقتصادي في الأسواق الناشئة لدى شرودر المحدودة لإدارة الاستثمارات، كلا من كوريا الجنوبية وماليزيا وفيتنام وتايلاند وتشيلي على أنها الدول التي تصدر الكمية الأعظم إلى الصين كنسبة من ناتجها المحلي الإجمالي. إجمالا، فإن كلا من الدولار القوي والنفط الضعيف وهروب رؤوس الأموال ربما تشكل التهديد الأكبر لروسيا، التي تعد الدولة الأكبر المصدرة للنفط في العالم، والتي تغرق في حالة من الركود بعد تسعة أشهر من قيام الرئيس بوتين بغزو شبه جزيرة القرم في أوكرانيا. روسيا محرومة الآن من الثروات النفطية، وبالتالي خسر الروبل تقريبا خمس قيمته مقابل الدولار حتى بعد الزيادة المفاجئة في أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي. إن الهزيمة في الأسواق الناشئة تذكرنا بالأزمة المالية الآسيوية لعام 1998 عندما هدد الانهيار في الاقتصادات النامية بالانتشار قبل أن يقوم المصرف الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة. في هذه الأيام، تفتخر الأسواق الناشئة بالعملات الأكثر مرونة واحتياطات النقد الأجنبي الأكبر. ولا يزال ستيفن جين، المؤسس المشارك لشركة اس ال جيه ماكرو بارتنرز في لندن، يقول إن حالة الحب بين دول البريك- البرازيلوروسيا والهند والصين- قد انتهت في الوقت الذي يسجل فيه الاقتصاديون النمو الأضعف منذ عام 2009 للمجموعة العام القادم.