تنال المنظمات الجهادية اهتمام مراكز البحث التي ترصد كل ما يتعلق بهذه الجماعات. وصدر تقرير بعنوان "2014.. إرهاب الجماعات الجهادية، ومخاطر غير تقليدية أخرى" أعده الباحثون في مركز Bipartisan Policy Center الأمريكي. وقد ركز التقرير على حصاد عام منصرم، وتنبؤات عام جديد بالنسبة للفكر الجهادي، والمخاطر المحتملة التي تتمثل في شن هجمات كيميائية أو بيولوجية. عام ملتهب يزيد الوضع في العراق المزيد من الفوضى التي اندلعت بالحرب الأهلية في سوريا. ويمثل وجود تنظيم داعش كأمر واقع تحديا فائقا باعتباره ملاذاً آمناً للإرهابيين ذوي الطموحات عابرة الحدود. كما أن هذا الصراع ألقى بظلاله على دول الجوار مثل الأردنولبنان وهو الأمر الذي يهدد استقرار المنطقة في المرحلة القادمة. ويشير التقرير إلى أن العديد من الدراسات المتخصصة تؤكد أن هذه الحروب الأهلية تستغرق حوالي عقد من الزمان على الأقل حتى تضع أوزارها. وبهذا يكون ما نشهده مجرد بداية للصراع السوري مما يستدعي التدخل الحاسم لمنع تداعيات الانخراط في حرب طويلة المدى. وثمة طرح آخر بأن يتم القضاء على تنظيم داعش بيد القوات التابعة للحكومة العراقية مع قوات كردية بغطاء جوي أمريكي كما حدث في الموصل منتصف أغسطس الفائت. وهناك سبب آخر قد يؤدي لغياب التنظيم عن المشهد وهو عجزه عن إدارة مناطق "الخلافة" التي سيطرت عليها في شمال وغرب العراق في تكرار لسيناريو القاعدة في 2006 التي سيطرت على مناطق شاسعة من العراق إلا أنها فقدتها بنهاية العام التالي بسبب عجز التنظيم ووحشيته. وفيما يتعلق بالشأن المصري يرى التقرير أن الأوضاع في مصر أسهمت في ظهور الجماعات المتشددة التي ترى أن الديمقراطية خيار فاشل كما أكد الظواهري في فيديو ظهر به في العام الماضي تناول فيه الشأن المصري. وجاء حادث الباص السياحي في سيناء الذي يقل سائحين من كوريا الجنوبية ليشير إلى احتمال توجيه المتطرفين عملياتهم الإرهابية صوب المدنيين والأهداف الاقتصادية. ولا تزال الحركات الجهادية في مصر تمثل تهديداً لإسرائيل. وعلى سبيل المثال فإن جماعة بيت المقدس أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم الصاروخي على ميناء إيلات في يناير الماضي، حيث تمتلك الجماعة مضادات للطائرات ومضادات للدبابات. وقد أعلنتها الولاياتالمتحدة منظمة إرهابية في أبريل من العام الحالي. ولا تزال سيناء ساحة للهجمات والهجمات المضادة بين الجماعات التكفيرية وبين الأمن المصري. وتعتبر الحرب الأخيرة بين غزة وإسرائيل حدثاً محورياً بالنسبة للجماعات الجهادية. ويشير التقرير إلى أن تنظيم القاعدة اعتاد وضع الصراع االفلسطيني الإسرائيلي على رأس أجندته. وقد حذر روبرت موللر– المدير السابق للمباحث الفيدرالية- أن ما شهدته غزة مؤخراً سيغري أعداداً أكبر للانضمام لجماعات راديكالية لا سيما في سورياوالعراق. ويعتبر المحلل بروس ريدل أن الفائز الأوحد من حرب غزة الأخيرة هو الجهاد العالمي. ويلفت إلى ان الجماعات ذات الصلة بتنظيم القاعدة أصبحت تقف على مقربة من إسرائيل ما يجعل تل أبيب في مرمى نيران العمليات الإرهابية. وزعمت إسرائيل أنها أحبطت عملية استهدفت السفارة الأمريكية خططت لها جماعات فلسطينية على اتصال بالظواهري، وهو ما يهدد الاستقرار في المنطقة إلى أبعد حد. كسر السجون استراتيجية اقتحام السجون وإطلاق سراح العناصر ليست بالجديدة حيث تتبناها القاعدة والتنظيمات المنبثقة عنها. وفي الصيف الماضي حررت ميليشات داعش 1200 سجين من سجنين في الموصل و300 آخرين في تكريت. كما حررت طالبان باكستان 250 سجيناً من أفراد التنظيم في هجوم على السجن بقيادة سجين تم تحريره في عملية مماثلة في العام الماضي. وقبلها شهدت اليمن عملية تحرير سجناء ينتمي عدد كبير منهم للقاعدة. وتعود علاقة الجماعات المتطرفة باقتحام السجون إلى 2006 حين شهد اليمن هجوماً على سجن يضم عدداً من قيادات القاعدة وتحرير من به. وفي 2008 و2011 تم إطلاق سراح 1700 سجين خلال اقتحامات لطالبان باكستان لسجون قندهار. ويوضح التقرير أن الشرق الأوسط به عدد من السجون التي تفتقر إلى التأمين المطلوب للتصدي لمثل هذه الاقتحامات، وهو الأمر الذي يؤدي لخروج عناصر الجماعات المتطرفة من السجون وبالتالي تعزيز إمكانات تلك التنظيمات بما يهدد أمن المنطقة بشكل عام. ويوصي بأن يتم تدريب أجهزة الأمن على الطرق المثلى للتعامل مع الاعتداءات المحتملة لجهات إرهابية على السجون. اشتعال التوترات بين السنة والشيعة تزايدت في العام الحالي وتيرة العنف الطائفي بين السنة والشيعة؛ ففي يونيو الماضي عمدت ميليشيات شيعية إلى قتل 44 سجينا سنيا في قسم شرطة بالقرب من بغداد. كما قام آلاف الشيعة بالالتحاق بميليشيات طائفية للدفاع عن العاصمة العراقية، ولعبت هذه الميليشيات دوراً مهماً في إعاقة تقدم تنظيم داعش. وقد ألقى الخلاف الطائفي في سورياوالعراق بظلاله على لبنان؛ فقد شهد العام الماضي نزاعات مسلحة بين أنصار الشيخ السني أحمد الأسير المعروف بهجومه على نظام بشار الأسد، وبين ميليشيات حزب الله، وسجل هذا الاشتباك انضمام قوات الأمن إلى جانب الميليشيات الشيعية. وشهد لبنان في بداية هذا العام عدداً من الهجمات الانتحارية نسبت إلى لواء عبدالله عزام، وجبهة النصرة المنبثقين عن تنظيم القاعدة. هذا وقد استمرت الصراعات على طول الحدود اللبنانية السورية مهددة باشتعال النزاع الطائفي مجدداً وإن بشكل أكبر. وفي اليمن يرصد المراقبون ممارسات انتقامية للحوثيين ضد السنة من خلال أعمال عنف تستهدف المواطنين السنة في المدن التي بسط فيها الشيعة نفوذهم. ولا يختلف الأمر في دول جنوب آسيا حيث تستعر الصراعات الطائفية بين السنة والشيعة في باكستان وأفغانستان في ظل العمليات الإرهابية المتبادلة بين الطرفين. وتسعى التنظيمات الجهادية لاستغلال هذا الأمر بحثاً عن دعم لأجندة العنف الخاصة بتلك الجماعات التي ستزعم أنها حائط الصد السني أمام الشيعة في هذا الصراع الطائفي. وتقدم بعض الدول دعماً للجماعات السنية المتطرفة لإحداث توازن مع إيران والأنظمة والميليشيات الشيعية التي تدعمها. الحرب الكيميائية والبيولوجية تثير حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط مخاوف من سقوط الأسلحة الكيميائية التي تمتلكها بعض الدول في أيدي تنظيمات إرهابية. وقد أعلن تنظيم داعش عن استيلائه على مجمع لتصنيع الأسلحة الكيميائية، وفي المقابل خرج المسؤولون الأمريكيون للتشكيك في قدرة التنظيم على تصنيع سلاح فعال. ويوضح التقرير أن التنظيمات لا تلقي بالاً للضوابط الأخلاقية أو الإيديولوجية التي تمنع استخدام الأسلحة الكيميائية أو البيولوجية. ولكن القاعدة وتنظيمات جهادية أخرى سبق أن أعلنت عدم ممانعتها استخدام تلك الأسلحة، بل إن بعضها أجرى أبحاثاً أولية ومحاولات تطوير؛ تختلف قيادات القاعدة في مدى جدوى تلك الأسلحة النوعية إلا أن ثمة اتفاقا واسعا على مشروعيتها. ويخشى المراقبون أن يشهد العام الجديد حالات سيطرة للجماعات الإرهابية على أي من الأسلحة الكيميائية أو البيولوجية خصوصاً في ظل حالة الترهل الأمني في بعض مناطق النزاع بالمنطقة. عودة المجاهدين يسود الدول الغربية وعلى رأسها الولاياتالمتحدة حالة من القلق تحسباً لعودة مواطني تلك الدول الذين انضموا لداعش أو جبهة النصرة في سوريا وتنفيذهم عمليات إرهابية في موطنهم الأصلي. وفي الوقت الراهن تتمركز عمليات تنظيم داعش وجبهة النصرة في منطقة الشرق الأوسط إلا أن ثمة مخاوف أن تنتقل العمليات الإرهابية إلى دول غربية. وأكد تقرير أصدره مركز دراسات العنف السياسي 2013 أن تلك التنظيمات نجحت في اجتذاب شباب من 70 دولة تقريباً، وقدر عدد العناصر الأجنبية العاملة في سوريا أكثر من 12 ألف مقاتل. وتم رصد حالة وحيدة لعمل إرهابي في الغرب ارتكبه عائد من سوريا وهو حادث إطلاق نار على متحف يهودي في بروكسل في مايو الماضي. ويشير التقرير إلى أن العدد الكبير للمقاتلين الأجانب في الشرق الأوسط لا يعني أن كلا منهم مشروع إرهابي في بلده، وليس أدل على ذلك من أن المقاتلين الغربيين الذين عادوا لبلادهم بعد مشاركتهم في أعمال العنف بالعراق لم تسجل ضدهم أية أعمال تخريبية في بلادهم.