تابعت النشاط الكرنفالي لحملة (خلونا نحييها) الذي تشرف عليه الجمعية السعودية لتنشيط التبرع بالأعضاء «إيثار»؛ فالحشود انطلقت من الواجهة البحرية بالخبر شرق المملكة للتثقيف والتوعية بأهمية التبرع بالأعضاء؛ الأرقام المسجلة والمسيرة الكرنفالية الضخمة التي دعمت الحملة؛ تقول: إنها أكبر حملة حظيت بالتفاف حكومي وشعبي على مستوى العالم؛ الأمر الذي سيؤهلها لاقتحام موسوعة جينس للأرقام القياسية؛ حملة مباركة شارك فيها بفعالية واهتمام ابناء المنطقة، يتقدمهم سمو أمير المنطقة الداعم والراعي الأول لحملة (خلونا نحييها)؛ خروج الجميع بهذه الكثافة يدلل على استشعار حقيقي لمعاناة الآخرين؛ وتحفيز للنفوس وشحذ خيّرِيتها؛ فكل من ساهم وحضر ودعم هو بلاشك ينشد الإيثار ويعزز لقيمة إنسانية أصيلة ومجتمعية نبيلة؛ من باب (من أحياها فكأنما أَحْيَا الناس جميعاً) فالحملة تنطلق منا وستعود ثمارها بلا شك إلينا!! لعل من محاسن الصدف وأجملها حضوري قبل شهرين لقاء سنوياً؛ عقد في مقر جريدة «اليوم» جمعني برجال الفكر والرأي والعمل الإنساني؛ وكان من بين الحضور قادة في العمل التطوعي ونماذج إنسانية مشرفة؛ منهم الدكتور عبدالعزيز التركي رئيس مجلس جمعية تنشيط التبرع بالأعضاء والمشرف العام على الحملة؛ والأستاذ جاسم الياقوت الرئيس التنفيذي للحملة؛ والشيخ محمد الدبل رئيس لجنة الشفاعة الحسنة؛ والشيخ الدكتور محمد بن علي البيشي نائب رئيس لجنة الشفاعة الحسنة بجمعية إيثار؛ في تلك الليلة تألق هؤلاء وأطلعونا بأطروحاتهم على تفاصيل معوقات التبرع بالأعضاء؛ ووافونا بشروح وافية عن حملة(خلونا نحييها) قبل انطلاقها؛ كنت متابعا بإنصات واهتمام لهؤلاء النفر الذين نذروا أنفسهم للعمل الخيري والمسعى الإنساني؛ وما أن أُعطِيت لي فرصة الحديث حتى عبرت مباشرة بفخري وكررت اعتزازي بهذه النماذج والشخصيات المعتبرة؛ التي سخرت فكرها وجهدها وبذلت من مالها ووقتها في سبيل إسعاد الآخرين؛ متنكرة لذاتها ومتجردة من أنانيتها وقد اختصها الله بنفع الناس فوقاها شح نفسها؛ فأحبت فعل الخير لتتاجر مع الله، ربحيتهم خدمة ومحبة ناسهم؛ فما أجمل أن تجد في أصعب الظروف وفي أحلك لحظات ضعفك وعجزك وقهر المرض ؛ من يشعر بك ويمد يد العون لك ويهتم بحاجتك ويساهم في إعادتك لحياتك ووضعك الطبيعي ؛ إنها الإنسانية تتجسد بكامل صورها في رجال التزموا أدبيات التطوع والعمل الإنساني كثر الله من أمثالهم !! كل السيناريوهات المؤلمة والمزعجة واردة في حياة الإنسان المتقلبة ؛ فالحياة ليست على وتيرة واحدة ولن تصفي مشاربها فالمرض يعقب الصحة؛ ولو نظرت للدائرة القريبة منك لوجدت هذا ماثلاً أمامك؛ فلابد أن لك قريباً أو صديقاً أو زميلاً أو جاراً؛ يتألم من فشل كلوي أو رئوي أو بحاجة لزراعة كبد، ومنهم من زرع ومنهم من ينتظر؛ فأحد جيراني للتو زُرعت له كِلية تبرع بها ابنه في صورة وفاء وبر تتكرر في هذا المجتمع الخيري بشكل يومي؛ لا نعلم متى تدور علينا الدوائر؛ لذلك لابد أن نبادر بتهيئة قناعاتنا ونحدث أنفسنا بالتفاعل الإيجابي فندعو أنفسنا وندعو غيرنا؛ ونتجاوب مع كل صوت يدعو للتبرع بالأعضاء وإنقاذ حياة إنسان آخر!! ثقافة التبرع بالأعضاء ونجاح العمل الخيري وأهميته هي مقياس لتقدم أي أمة في عصرنا الحالي؛ فالمجتمعات تعيش في شراكة متواصلة؛ ورسالة العمل الإنساني وإنقاذ حياة الإنسان هي بالنسبة لنا جزء من عقيدتنا وعبادة لنا؛ وهي ذات الرسالة التي يجب أن تصل لكل متلقٍ؛ وحان الوقت أن تكون ضمن منهج أو جزء من منهج يدرس لأبنائنا لتؤسس نفوس نشئنا وتوطن على الإيثار والمساهمة في الإنقاذ؛ فالأرقام تشير لنقص كبير في عدد المتبرعين وزيادة عدد من هم في قوائم الانتظار؛ والحل في التوعية المبكرة وزيادة جرعات الوعي المجتمعي؛ ستقلل إذا ما سدت احتياجات المستشفيات وقضت على قوائم الانتظار!!