وضعت سفارات الولاياتالمتحدة عبر العالم في حاله تأهب تحسبا لردود فعل من الجماعات المتطرفة بعد صدور تقرير للكونغرس يظهر انتهاكات كبيرة وإساءة استخدام برنامج استجواب طبقه محققون ومقاولون عملوا في وكالة الاستخبارات الأميركية للحصول على معلومات من المشتبه بهم في قضايا الارهاب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر, فيما أنشأ مسؤولون سابقون في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية "سي آي ايه" موقعا الكترونيا للرد على حملة الانتقادات العنيفة التي طاولتهم، وأشار تقرير مجلس الشيوخ الى ان الرئيس السابق جورج بوش لم يعلم بأمر تقنيات التعذيب التي اعتمدتها وكالة الاستخبارات المركزية الا بعد اربع سنوات. وفي السياق، أكد الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أن تدابير أمنية اتخذت على خلفية تقرير مجلس الشيوخ الأميركي بشأن أساليب تعذيب اتخذتها وكالة المخابرات الأميركية في اعتقال واستجواب المشتبه بهم في الفترة التي تلت اعتداءات 11 من سبتمبر. وقال: "مع الأسف كما يبين تقرير مجلس الشيوخ أننا شاركنا في بعض الأنشطة القاسية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، هذا هو جزء من المحاسبة في بعض المشاكل المتعلقة في برنامج وكالة الاستخبارات المركزية، أعلم أن هناك مخاوف تتعلق في صدور هذا التقرير والأخطار المحتملة التي يمثلها، لقد اتخذنا التدابير الوقائية في سفاراتنا حول العالم، ليس هناك وقت مثالي لنشر تقرير مثل هذا النوع، من المهم بالنسبة لنا هو إدراك جزء مما يميزنا، وهو أنه عندما نفعل شيئا خطأ نعترف به". موقع الكتروني والموقع واسمه "سي آي ايه سيفد لايفز دوت كوم" (ومعناه السي آي ايه أنقذت أرواحا) يمثل خطوة في مجال العلاقات العامة غير معهودة من جانب عملاء في الاستخبارات، وهو لا يرمي الى التشكيك في لجوء الوكالة الى تقنيات استجواب قاسية بل على العكس من ذلك يهدف الى اثبات فعالية هذه التقنيات ودحض ما خلص اليه تقرير مجلس الشيوخ من انها لم تنقذ ارواحا ولم تكن وسيلة فعالة للحصول على معلومات اوتعاون من قبل المعتقلين بل لطخت سمعة الولاياتالمتحدة في العالم. وقال القيمون على الموقع ان مؤسسيه هم "مجموعة من قدامى المسؤولين في السي آي ايه مما لديهم مجتمعين مئات السنوات من الخبرة". وأكد مؤسسو الموقع ان برنامج استجواب المشبوهين بالارهاب الذي طبقته السي آي ايه بعد اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر 2001 "سمح به بالكامل مسؤولون كبار في البيت الابيض ومجلس الامن القومي ووزارة العدل". وخلص التقرير الذي وضعته لجنة شؤون الاستخبارات في مجلس الشيوخ، والواقع في 40 صفحة، والذي اعترضت عليه فورا السي آي ايه، الى ان استخدام تقنيات الاستجواب "المشددة" التي اعتمدتها الوكالة بعد 11 ايلول/سبتمبر2001 لم يسمح بإحباط تهديدات وشيكة بتنفيذ اعتداءات. واتهم التقرير في عشرين خلاصة السي اي ايه بأنها أخضعت 39 معتقلا لتقنيات وحشية طيلة سنوات عدة وبينها تقنيات لم تسمح بها الحكومة الاميركية، وتم تعدادها بالتفصيل في التقرير الذي يتألف من 525 صفحة قامت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ التي يسيطر عليها الديموقراطيون باختصاره ونشره. ويتهم التقرير السي آي ايه أيضاً، بأنها كذبت ليس على الجمهور الواسع وحسب وإنما أيضاً على الكونغرس والبيت الابيض، بشأن فعالية البرنامج وخصوصا عندما اكدت ان هذه التقنيات سمحت ب"إنقاذ أرواح". ولكن المدير السابق للسي آي ايه جورج تينيت، دحض هذه الخلاصة، مؤكدا عبر الموقع ان "الوثائق تظهر انه في وقت كانت هناك تهديدات خطيرة ضد الولاياتالمتحدة، كان البرنامج فعالا في انقاذ ارواح اميركيين وحلفاء وفي منع وقوع اعتداء آخر واسع النطاق على الاراضي الاميركية". ونشر الموقع رابطا يقود الى مقال نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" وكتبه ستة مسؤولين سابقين في السي آي ايه هم المدراء السابقون للوكالة جورج تينيت وبورتر غوس ومايكل هايدن، اضافة الى كل من جون ماكلولين والبرت كالاند وستفين كابس الذين شغلوا منصب نائب مدير الوكالة. مهندس اساليب الاستجواب وفي السياق، شن جيمس ميتشيل - المتعاقد الأمني الذي وصفه التقرير الأخير الصادر عن الكونغرس الأمريكي حول طرق الاستجواب والتعذيب لدى الاستخبارات المركزية CIA- بأنه "مهندس أساليب الاستجواب" ما جاء في التقرير بأنه "كومة هراء"، متهما الحزب الديمقراطي بالسعي لتشويه صورة من ضحوا بأنفسهم لأجل أمن أمريكا. وتابع ميتشيل : "إذا كان هناك اهتمام جدي بمعرفة الحقيقة فلتقم الحكومة بإعفائي من شروط التزام الصمت التي وقعت عليها" مضيفا أن التقرير أظهر عناصر CIA الذين قال: إنهم "وضعوا أرواحهم على المحك بعد هجمات سبتمبر" وكأنهم مجموعة من الكاذبين الذي أخفوا معلومات عن الرئيس. وأضاف: "لقد ضحى هؤلاء الناس بحياتهم من أجل حماية الشعب الأمريكي ولكن الديمقراطيين لا يريدون مغادرة السلطة قبل تشويه صورتهم.. إنه أمر مقرف." انزعاج بوش وكشف تقرير مجلس الشيوخ ان الرئيس السابق جورج بوش لم يعلم بأمر تقنيات التعذيب التي اعتمدتها وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) في استجواب موقوفين في قضايا ارهابية الا في نيسان/ابريل 2006 اي بعد اربع سنوات من بدئها. وأظهر التقرير الذي وضعته لجنة شؤون الاستخبارات في المجلس والواقع في 40 صفحة، ان الرئيس السابق الجمهوري "ابدى انزعاجه " لدى اطلاعه على "صورة معتقل معلقا الى السقف بسلاسل ولابسا حفاضا وقد اجبر على التغوط على نفسه". وبحسب الوثيقة فإن وكالة الاستخبارات المركزية لم تبلغ الرئيس جورج بوش إلا في 8 نيسان/ابريل 2006 بأمر هذا البرنامج السري الذي طبقته الوكالة على 119 مشبوها بالارهاب اعتقلتهم في "مواقع سوداء"، وهي سجون سرية اقيمت في دول اخرى لم يتم تحديدها ولكنها تشمل على ما يبدو تايلاند وافغانستان ورومانيا وبولندا وليتوانيا. تحقيق بولندي وفي السياق، اعلنت النيابة العامة في كراكوف (جنوب بولندا) التي تحقق في ملف السجون السرية لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) في بولندا انها ستطلب الحصول على نسخة من تقرير مجلس الشيوخ الاميركي حول اساليب التعذيب التي استخدمتها الوكالة. وقال المتحدث باسم النيابة العامة بيوتر كوزماتي بحسب ما نقلت وكالة الانباء الرسمية: "سنطلب من الجانب الاميركي ان يرسل الينا النسخة الاصلية من هذه الوثيقة". واضاف: "هذه اول وثيقة من مؤسسة تابعة للدولة الاميركية بهذا المستوى، وبالتأكيد فإن النيابة العامة في كراكوف تريد الاستفادة منها في تحقيقاتها". ولم تعترف بولندا رسميا أبدا باستضافة سجون سرية للسي اي ايه، غير انها دينت في تموز/يوليو امام المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان بتهمة "التواطؤ" في تعذيب فلسطيني وسعودي على اراضيها. استنفار امريكي ووضعت سفارات الولاياتالمتحدة عبر العالم في حالة تأهب تحسبا لردود فعل من الجماعات المتطرفة بعد صدور تقرير للكونغرس يظهر انتهاكات كبيرة وإساءة استخدام برنامج استجواب طبقه محققون ومقاولون عملوا في وكالة الاستخبارات الأميركية للحصول علي معلومات من المشتبه بهم في قضايا الارهاب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. فبعد خمس سنوات من التحقيق وأربعين مليون دولار و ستة ملايين وثيقة سرية تابعة لوكالة الاستخبارات المركزة ال" سي آي إي"، صدر أخيراً تقرير لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ بإشراف أعضاء ديمقراطيين ليكون أضخم تقرير شامل ومعمق عن برنامج استجواب المتهمين بالإرهاب المثير للجدل بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. وعلى الرغم من أن تقرير الكونغرس كشف عن حقائق معروفة سربت سابقاً مثل احتجاز المتهمين في سجون سرية في دول أجنبية وممارسة التعذيب على حوالي 120 متهم، إلا أنه اتهم ال"سي آي إي" بأنها ضللت البيت الأبيض والكونغرس حول فعالية البرنامج وطرق التعذيب. كما أظهر التقرير أن المعلومات التي تم الحصول عليها لم تؤد إلى إفشال أية عمليات إرهابية حقيقية. التخلص من تسجيلات وفي هذا السياق، قالت رئيسة اللجنة السناتور فنستاين: إن ال سي آي إي لم تخبر الرئيس بوش أو حتى وزير الخارجية آنذاك كولن باول بحجم البرنامج حتى عام 2004 وأضافت أن الوكالة وظفت اطباء نفسيين طوروا طرق التعذيب دون أن تكون هناك مراقبة، واستعانت بمقاولين معروفين بعنفهم . كما اتهمت الوكالة بالتخلص من تسجيلات مصوره للتعذيب، وقالت: إن هناك اخفاقا كبيرا في هذا البرنامج. ملاحقة المسؤولين في المقابل، قال خبير بالأمم المتحدة في مجال حقوق الانسان: إن التقرير الذي نشره مجلس الشيوخ الأميركي يكشف عن "سياسة واضحة نسقت على مستوى عال داخل إدارة بوش" وطالب بملاحقة قانونية للمسؤولين الأميركيين الذين أمروا بارتكاب جرائم ضد المعتقلين منها التعذيب. وقال بن ايمرسون المقرر الخاص للأمم المتحدة في مجال حقوق الانسان ومكافحة الارهاب: إنه يجب ملاحقة المسؤولين الكبار في ادارة بوش الذين خططوا وأجازوا ارتكاب جرائم وكذلك مسؤولي المخابرات المركزية الأميركية ومسؤولين آخرين بالحكومة اقترفوا عمليات تعذيب مثل محاكاة الغرق. وأضاف في بيان صدر في جنيف "فيما يتعلق بالقانون الدولي فإن الولاياتالمتحدة ملزمة قانونا بإحالة اولئك الأشخاص إلى نظام العدالة." وأضاف "وزير العدل الأميركي مسؤول قانونا عن توجيه اتهامات جنائية ضد أولئك المسؤولين."