نبتة طيبة من أصل طيب تلك هي وفاء بنت أستاذنا وشيخنا (أبوحسن) جواد الرمضان.. عضو مجلس إدارة نادي المنطقة الشرقية سابقاً. وفاء ثمرة يانعة طيبة استقت من والدها الجليل الشيخ جواد فضيلة الصبر والكفاح فصبرت واحتملت وعانت في سبيل ما تهدف إليه فظفرت ونالت المكانة المادية والمكانة المعنوية واتخاذها مثلاً يحتذى وقدوة حسنة وحققت المثل القائل (كل من سار على الدرب وصل) فاجأني أستاذي الفاضل الشيخ والمؤرخ (أبو حسن) جواد الرمضان بأن وضع بين يديَّ كتاباً تزينت دفتاه الخارجيتان بكتابات جذابة وصور ملفتة. عنوان الكتاب (قطاف من حياتي) ذكريات وقصص وإنجازات معلمة متقاعدة من الأحساء تأليف كريمته الأستاذة وفاء بنت جواد الرمضان، فما أن قرأت منه بعض السطور حتى جذبني بطريقة لطيفة إلى قراءته حتى وصلت إلى الجزء الثالث وهو إنجازاتها بعد التقاعد.. القارئ لهذه الذكريات التي صاغتها الأستاذة وفاء بأسلوبها السهل الممتع يشعر بأنه في سياحة نفسية وجغرافية واجتماعية. فهو يتجول معها في تخطي هذه الصعاب التي واجهتها في سفرها وحلها. وموت طفلها وتجولها في أمريكا. وتلك المشاعر التي تغمرها هنا وهناك وشعورها بالتحدي الذي يريد ان يهزمها ولكنها بعد توكلها على الله تعالى ثم دعم الأهل والأصدقاء والزوج الكريم تتخطاها.. والكتاب كله مميزات في الأسلوب والطرح والمواضيع ووقفت أمام إيمان هذه السيدة بربها وبحميميتها لأهلها ومجتمعها وشدة انتمائها لوطنها. فالآيات القرآنية تتوج فصول الكتاب ثم هذا الأسلوب الراقي في تواضعه والمتواضع في رقيه والذي ذكرني بكتاب «الأيام» لطه حسين وكتاب «عصفور من الشرق» لتوفيق الحكيم.. ولكن لا غرابة في ذلك فالأستاذة وفاء هي كريمة أستاذنا وشيخنا وحكيمنا الوالد الموقر جواد الرمضان أطال الله عمره في طاعته.. عزيزي القارئ اقرأ معي عن الأحساء واهلها وعن عائلتها وعن صناعة البشوت وكيف أن عائلة الرمضان تمارسها وتعلمها وتفخر بها: [تتميز الأسر الأحسائية بالإيمان والتقوى والتسامح والتواضع والأخلاق الفاضلة والإخلاص في العمل وحب طلب العلم وحب الخير للجميع. وعائلة الرمضان إحدى هذه الأسر الأحسائية وهي أسرة معروفة في مدينة الهفوفبالأحساء بالمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية. لقد اشتهرت عائلة الرمضان بالكثير من العلماء والأدباء والشعراء والتجار. كانت مهنة العائلة في القرن العشرين هي خياطة البشوت وهي مهنة متوارثة حيث كان الجد حسين محمد الرمضان– تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته– لديه مجلس يُعلِّم فيه أبناءه وشباب الحي هذه المهنة التي تتطلب قدراً عالياً من الفن والدقة والمهارة]. ها أنت تستطيع عزيزي القارئ أن ترسم صورة أخلاقية سامية للأستاذة وفاء التي تلمس في أسلوبها الوفاء للأهل والمجتمع وللوطن وعمق انتمائها لهم جميعاً في الحضر والسفر وهذا الحس الاجتماعي مما يجعل الكتاب مرجعاً تاريخياً مهماً. اقرأ معي إن شئت هذه السطور: كانت الحياة في الأحساء تقليدية جداً في الأربعينات من القرن العشرين الميلادي ولم تصلها المدنية وكان الناس يعيشون في بيوت مبنية من الطين ويجلبون الماء من البئر ويضيئون منازلهم باستخدام السراج، كانت حيواناتهم تعيش معهم مما أدى إلى تكاثر الذباب وانتشار الأمراض.. ما أصدق هذه الصراحة وما أروع هذه البساطة. ثلاث صفات أو ثلاث ميزات وجدتها في هذا السِّفر الرائع أولها هذا الحس الإسلامي الناضح والواضح في هذه الآيات القرآنية التي توجت بها المؤلفة كل أبواب الكتاب وتَديُّنها المضيء والمتمثل في (إن شاء الله– بإذن الله– نعمة من الله) وثاني هذه الميزات الانتماء المتجذر في أعماق المؤلفة للوطن عامة وللأحساء خاصة ولأسرتها الفاضلة ولعائلتها الكريمة بشكل أخص وأخيراً صدقها الناصع كالشمس في حديثها عن الوطن والمجتمع والأهل وعن نفسها، ولقد صدق الشيخ سامي أحمد بوخمسين حين قال في تقريظه للكتاب: إنها تمكنت من ملء الكتاب بالطاقة الإيجابية الخلاقة. التي تسري عبر صيرورة الكلمات إلى روح القارئ لتبعث فيه السعي الحثيث والمثابرة الجادة والأمل المتجدد لتحقيق النجاح. * باحث لغوي