مكة المكرمة هي دون جدال (أم القرى)، وشرف كبير لا يطاوله شرف أن تكون الجفر قرية والجشة قرية والطرف قرية والعيون قرية ووو.. لتكون جميعها تحت مظلة واحدة وتحت ظل واحد هو ظل أمهم المقدسة مكةالمكرمة. فلا حرج أن ابتدأ مقالي هذا بعنوان «قرية الجشة» بأمجادها وماضيها وإشراقة مستقبلها. أستاذنا الفاضل يوسف بن فهد الهلال من رجالات «بلدة الجشة» الأماجد ومن أعيانها الوجهاء ومن أبنائها البررة اجتهد في أن يرد إلى بلدته العريقة بعض فضلها عليه فامتشق القلم وراح يسطر على الورق شيئاً من ماضي بلدته الكريمة الجشة وما يتطلع إليه من مستقبل مشرق فأضاف إلى المكتبة الأحسائية سِفراً ثقافياً ناف على الأربع مائة صفحة دعمه بالصور الفوتوغرافية وصور بعض الوثائق الهامة.. فصار آية في الطباعة والإخراج وجمال الخط وحجمه، هذا وإن كان الأستاذ يوسف قد أدى بعض واجب بلدته عليه بهذا المؤلف القيم إلا أن المتصفح لهذا الكتاب والذي له خلفية تاريخية وثقافية في هذا الفن سيكون له -حتماً- بعض الملحوظات التي تمنى أن يكون أستاذنا يوسف قد تخطاها ولم يقع فيها. إن القرى الشرقية بالنسبة لمدينة الهفوف كثيرة وعريقة ولها اعراق ضاربة في أعماق التاريخ وخاصة تلك التي تحيط جبل القارة من جهاته الأربع، وهي بلا شك تزخر بالمؤرخين والمثقفين وأصحاب القلم «نثراً وشِعراً وفكراً» فهلاَّ شمر أبناؤنا المثقفون ممن وُلِدوُا ونشأوا على أرض تلك البقاع الكريمة وأكلوا من خيراتها وشربوا من زلال مياهها ولعبوا في طفولتهم في ظلال نخيلها هلا أماطوا عن أقلامهم لثام الصمت ومثلما سطروا دواوين الشعر وكتب الروايات والخواطر ووو ، هلا منحوا بلدانهم شيئاً من الجهد بتسطير تاريخها وأمجادها ولسان حالهم يقول: (هذه قريتي) وطني وصباي وأحلامي كفاح والدي وجدي وصبر أمي وجدتي ولغاولدى عند اللعب، وإني أُكبر في الأستاذ الفاضل عبدالله بن حمد المطلق حزمه حينما أمضى أكثر من عقد من الزمان وهو يسكب عرقه حبراً فوق ورق وسمه ب الطرف (البوابة الجنوبية للأحساء)، وأترحم على أستاذنا الحبيب عبداللطيف بن سعد العقيل (أبومحمود) حينما سهر الليالي وقطع مفاوز الأيام رغم كبر سنه العمري ووضع بين أيدينا «الجفر ماضيها وحاضرها»، وأحيي أخي الأستاذ إبراهيم بن حسين البراهيم عندما أهدانا «درة الأحساء» المنيزلة بين الماضي والحاضر. وأخيراً، أطبع قبلة تحية وتقدير على رأس أستاذنا الفاضل يوسف بن فهد الهلال الذي جاهد في سبيل أن يضيء شمعة أزاحت تراكمات كثيرة من الظلمة على تاريخ الجشة فأشرقت الطبعة الأولى في هذا الكنز الثقافي التاريخي في 1435ه، فسعدنا بتلقفنا من يدي سعادته في النصف من رمضان الماضي في حفل بهيج حضره العديد من مثقفي الأحساء وعبروا عن فرحتهم بهذا المولود السعيد، فتحية لكل من خدم وطنه بالقلم أو باللسان أو بالكلمة المطبوعة في كتاب أو في جريدة سيارة. والوطن كالوالدين مهما بذلت لإرضائهما واسعادهما ستظل مقصراً والله المستعان. إلا أن لدي ملحوظات خفيفة أرجو أن يتسع لها صدر أستاذنا الفاضل يوسف وهي لا تُنقص مستوى الكتاب وبتلافيها تزيد الكتاب نصاعة وقيمة ثقافية. منها البسملة في أول الكتاب وأحسب أنها سقطت سهواً فأرجو تداركها في الطبعة التالية. الصياغة وتسلسل المعاني لها قيمتها الأدبية والأسلوبية كما ورد في آخر 3 سطور (ص22) ووددت لو كلف المؤلف من يراجع الكتاب مطبعياً لأن الكتاب سيكون مرجعاً تاريخياً هاماً يجب أن يخلو من الأخطاء الطباعية والأسلوبية أنظر السطر الثالث من أسفل صفحة 22. ومن الملحوظات البسيطة التأكد من النحو العربي فالتاريخ فرع من الأدب والأدب مبني على النحو والأسلوب العربي وصفحة 25 بها خطأ نحوي وخطأ في السرد التاريخي، وأخيراً الأعمال التاريخية لابد أن تدعمها الوثائق فدراويز البلدة وسورها وبروجها ومجالسها تحتاج إلى توثيق كمصلى العيد تماماً والتاريخ الزمني إن أمكن لكل شيء من التراث. لتكون مرجعاً تاريخياً لا ريب فيه. وتحياتي العاطرة لأستاذنا المؤلف.