السؤال: أعاني زيادة الحساسية، حيث إنني أحسب لكل كلمة تصل إلى سمعي ألف حساب، وأقوم بتحليلها، وما الممكن من معانيها ومقاصدها، وآخذ الجانب السيئ منها قبل الجيد. وسرعة الغضب، والمزاجية مع العلم بأنني مقبل على الزواج، ولا أريد أن تؤثر هذه المشكلات على حياتي أكثر من ذلك، فأرشدوني ماذا أفعل؟ الجواب: هناك صنف من الناس، لديه استعداد شخصي لمثل تلك الأعراض التي تنتابك، وهي اضطرابات نفسية تحصل عند التعرض لأي ضغط أو موقف خارجي، فأنت مثالي في نظرتك وتعاملك، وتريد من الناس أن يكونوا كذلك- وهذا محال- فتصاب بصدمات متعددة ومتتالية من الغضب وتقلب المزاج، نتيجة حساسيتك الزائدة في تعاملك مع الآخرين، ومن يعاني مثل تلك الأعراض فهو يقف عند أدنى موقف، ويبالغ في إشباعه تفكيراً وتحليلا، فيجد الشيطان في ذلك مدخلاً، فيزيد من أوار ذلك الموقف الذي حصل له، حتى تصبح المشكلات التافهة، خيالات وأفكاراً وهمية لا حقيقة لها، وربما يظن أن الناس ضده، وأنهم يكرهونه، وأن المؤامرات تحاك للإيقاع به، ومن ثم تتحول هذه الخطرات والأفكار الوهمية إلى وساوس قاهرة تشغله وتقلقه. فطلب الكمال من الآخرين يعتبر من طرق التفكير الخطأ، ولعلاج أو تغيير طريقة التفكير هذه، ينبغي تحليل تصرفات الآخرين بشكل منطقي، وإعطاؤهم الأسباب لتصرفاتهم، ومدافعة هذه الأفكار، وعدم التجاوب معها ما أمكن. وللوقاية من مثل هذه الأفكار والوساوس، حتى لا تصبح عادة متأصلة عند الشخص، ومن ثم يصعب التخلص منها، لا بد من مدافعة هذه الخواطر والأفكار وعدم التجاوب معها. والحساسية الزائدة مصدرها الرئيسي، انعدام الثقة في النفس، وطلب الكمال من الآخرين، وإذا استطعت أن تتعايش مع تلك المشكلة أمكن السيطرة على بقية المشكلات التي تعانيها تباعاً، فإذا استطعت تنمية ثقتك بنفسك، وقراءة الكتب المختصة في الموضوع نفسه، أو الالتحاق بالدورات التدريبية حول مهارات الثقة بالنفس، وتقوية الإرادة وطرق تنمية الذات عموماً، أمكن السيطرة على كثير من تلك الأعراض. وحينما تعلم أيضاً، أن الأخلاق منها ما هو فطري وما هو مكتسب، فإن هذا يعينك على اكتساب الحلم والسيطرة على الغضب، وحسن الأخلاق والأدب مع الآخرين، فالعلم بالتعلم والحلم بالتحلم.. إلخ؛ أي بمجاهدة النفس على ذلك حتى تصبح مطواعة لك.. وبهذا يستطيع الإنسان تنمية ذاته وتغيير طباعه. أما، إذا لم تستطع السيطرة على تلك الاضطرابات التي تعانيها - بعد بَذْلِكَ تلك الأسباب-، فنصيحتي لك عدم المبالغة في توسيع دائرة علاقاتك الاجتماعية، والاكتفاء بالأشخاص الذين يعرفون طبيعتك، ويمكن التعايش معهم بسلام.