كشف أخصائي في الطب النفسي الدكتور عادل عواد أن بعض المصابين بأمراض غير سارية مثل القلب والكلى والمعدة مهددون بالإصابة باعتلالات نفسية خطيرة، مؤكدا أنه ينبغي على الأطباء وعائلات هؤلاء المرضى مراعاة هذا الجانب والتعامل معهم بطرق لا تقود إلى تفاقم حالتهم بشكل ضار. وعن تعريف الطب النفسي وأقسامه، قال أخصائي الطب النفسي الدكتور عادل محمد عواد ل"الوطن" إن الطب النفسي يدرس الاضطرابات العقلية والسلوكية عند الإنسان الناشئة عن خطأ في عمل الدماغ، إما لأسباب تتعلق بمعطيات جينية أو لأسباب ناشئة عن تلف عضوي قد يؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر في عمل الدماغ، وهي أيضا قد تنشأ نتيجة وجود الفرد في وضعية ضاغطة وصادمة لا يستطيع التأقلم معها. وأضاف الدكتور عادل عواد أن الطب النفسي ينقسم إلى 5 أقسام، أولها الأمراض العصبية، وهي انحرافات نفسية تكون بدون تلف في تركيب المخ، كما أنها لا تنتج عن اختلال عضوي مثل "الاكتئاب، والوسواس القهري، والخوف الاجتماعي، والقلق، واضطرابات النوم والأكل، وعدم القدرة على التكيف. ومريض الأمراض العصبية يتميز بعدم تواؤمه مع بيئته، وهنا تبرز متاعب المريض. والوسواس القهري عبارة عن أفكار غير منطقية تحدث بشكل متكرر وتسبب الكثير من القلق، ولكن لا يمكن التحكم فيها عبر التفكير بأفكار منطقية. ومنها الاهتمام الشديد بالأوساخ والجراثيم والشكوك المتكررة "على سبيل المثال في كون المرء قد أغلق الموقد أم تركه مشتعلا"، وعلى الرغم من أن الأشخاص المصابين بهذه الوساوس يدركون أن أفكارهم غير معقولة فإنهم يقومون بأعمال قهرية أو تصرفات متكررة لتقليل قلقهم. ومن أمثلة الأعمال القهرية غسل الأيدي المتكرر (لتجنب العدوى)، وتفقد الباب مرارا وتكرارا للتأكد من إغلاقه. والوساوس القهرية تؤثر في الرجال والسيدات بنفس الدرجة وتنتشر في أسر بذاتها. ومن الممكن أن يصاحب الوسواس القهري أعراض القلق المرضي الأخرى مثل الاكتئاب ومشكلات تناول الطعام أو الإدمان، ويعاني حوالي 2% من الناس من الوسواس القهري. ثانيا الأمراض العقلية، وهي الأمراض التي تصيب العقل وتؤثر على تفكير وأحاسيس وسلوك الإنسان. وفي العموم، يمر معظم الناس في حياتهم بفترات قصيرة من الحزن والغضب والخوف، ولكن يمر بعضهم بفترات طويلة يعانون فيها من اضطرابات شديدة في الأمزجة والأحاسيس والسلوكيات الطبيعية، مما يؤدي إلى شعورهم بعدم السعادة، وبعدم الإنجاز في أعمالهم، وبصعوبة التعامل مع الآخرين. فهؤلاء هم المرْضَى عقليا. ومن أمراضهم "الفصام العقلي والهوس أو الاضطراب الوجداني". ومرض الفصام العقلي: هو مرض دماغي عصبي يؤدي إلى اضطراب الحالة النفسية وهو انقسام في فكر المريض نفسه، بين محتويات فكره وأفعاله ورغباته. ويأتي نتيجة اضطراب في وظيفة مركز السيطرة الدماغية الذي يتلقى المعلومات من الخارج، والوراثة إذا كان أحد الوالدين أو الأقارب مصابا بهذا المرض، وعوامل كيميائية حيوية، وعوامل فسيولوجية، أو خلل في الجهاز العصبي نتيجة للأمراض والتغيرات العصبية المرضية والجروح في الحوادث أو خلل في موجات المخ الكهربائية وضعف وإرهاق الأعصاب، وفقدان الحواس مما يؤدي إلى اضطراب التفكير والأوهام والهلاوس، والصراع النفسي من الطفولة الذي ينشط مرة أخرى في مرحلة المراهقة نتيجة لأسباب مرسّبة، وكذلك إحباطات البيئة ومشاكل الحياة والعوامل والضغوط الاقتصادية، والعلاقات الأسرية المضطربة. أما أعراض الفصام، فهي الانطواء والوحدة وأن يكلم المريض نفسه والشك باستمرار فيمن حوله، ويكون متوقعا ومترقبا دوماً لأي شيء ضار يمكن أن يحدث له، وأحيانا يرفض الأكل لشكه في وجود سم في الطعام واضطراب في الفكر، ويعتقد أن الآخرين يراقبونه ويتجسسون عليه. والأمراض العقلية عامة يكون الشفاء منها صعبا ويجب أخذ الأدوية طوال حياة المريض ويمكن أن يتعايش مع المجتمع، ويتطلب مرض الفصام علاجا طبيا، وعلاجا نفسيا، وعلاجاً اجتماعياً. أما الاضطراب الوجداني: فهو اضطراب في المشاعر وليس الفكر، وأعراضه تتلخص في الاكتئاب الشديد والانعزال والانطواء والسهر. ويمكن أن تنعكس هذه الأعراض على المريض في صورة سعادة وتحدث في مواضيع كثيرة في نفس الوقت. وثالثا الاضطرابات الشخصية، وهي مجموعة من الأفكار، والسلوكيات، والانفعالات، وأسلوب التعامل مع الآخرين، التي تميز كل شخص عن الآخر. وهي تنقسم إلى عدة شخصيات منها الشخصية الفصامية والشخصية القلقة، والاكتئابية، الوسواسية، والنرجسية، والعادية وكل واحد منا له شخصيته الخاصة به، ويمكن لكل شخص أن يتعايش بالشخصية التي يمتلكها، ولكن إذا زادت أعراض هذه الشخصية لا بد أن يذهب إلى الطبيب لأخذ العلاج المناسب. ورابعاً الإدمان، وهو سلوك مكتسب نتيجة سوء استعمال العقاقير أو الكحوليات، ويصبح المدمن تحت تأثيرها في جميع تصرفاته ولا يمكنه الاستغناء عنها، وتؤثر على حالته النفسية والمزاجية، والمدمن لا يعترف بالقوانين وضد المجتمع وكل من حوله. وخامسا: أمراض عضوية تؤدي إلى أمراض نفسية، فمثلا الفشل الكلوي يصل المريض به إلى هلاوس وتشنجات، وكذلك أمراض القلب والمعدة تؤدي إلى أمراض نفسية. وشدد أخصائي الطب النفسي على العناية بالمريض النفسي ورعايته، وتأهيله بتوجيهه نحو أن يأخذ الدواء في وقته، وفي ذات الوقت يجب ألا يعامل كشخص معاق، وأن ننمي فيه بعض القدرات وخاصة على النطاق الاجتماعي، وأن نكسبه مهارات جديدة، وأن نعتني بمهاراته السابقة التي ربما يكون قد افتقدها أثناء فترة المرض، فكثير من المرضى النفسيين، يحتاجون إلى التوجيه فيما يخص مظهرهم ونظافتهم الشخصية، وكذلك التواصل الاجتماعي، وكثير منهم ليس هناك ما يمنعهم من الزواج، وفي ذات الوقت بعض الأسر تدفع مرضاها العقليين نحو الزواج دون مقدرتهم على تفهم ماهية الزواج ومتطلباته، وهو تصرف خاطئ بالطبع.