جاءتني ابنتي قبل أيام تقول: بابا! أبغى أعمل لك سحر! قلت: ولكن السحر حرام وكذب! قالت: لا يا بابا! السحرة أبطال ينقذون العالم! لم أستغرب هذا الطرح من ابنتي العزيزة فالرسوم المتحركة التي تنهمر على رأسها ورؤوس غيرها من الأطفال منذ صغرهم بتسهيل منا وتعاون، يدفع هؤلاء الأطفال دفعاً لأن يعتقدوا أن حل جميع مشاكل العالم لن يكون بتميزهم القيمي والعلمي، بل يحتاج إلى سحر ساحر أو ساحرة. يطير في الهواء ويمشي على الماء ويقطع الرؤوس ثم يعيدها مكانها، فلم يعد الأمر متوقفاً على تلك العجوز الشمطاء ذات الأنف الطويل والتي تطير بمكنستها أمام القمر وتطلق ضحكاتها المخيفة، بل ولا حتى تلك الساحرة الطيبة التي أعادت حذاء ساندريلا إليها، فقد تطورت الأمور وأصبح السحرة أناسا عاديين يعيشون بيننا ولديهم قوى مميزة تختلف عنا، فهاري بوتر شاب صغير ووسيم ومظلوم ومكافح، يطلب العلم بدراسة السحر في أكاديمية علمية ليخلص العالم من أمير الظلام، وقد حظيت قصته وأفلامه الثمانية بتغطية لم تنلها أقدم وأقوى الجوائز العلمية حتى وصلت مبيعات الجزء السابع فقط من سلسلة هاري بوتر إلى 8 ملايين نسخة وبجميع لغات العالم الحية تقريباً، طبعاً الكتب والأفلام كلها ترجمت إلى العربية، فمن يشك في مبادرتنا وشغفنا بمثل هذه الأمور؟! واستمراراً في تطبيع العلاقة مع السحر والسحرة هناك برامج تبث الآن على قنواتنا يقدمها سحرة محترفون، وتصر هذه القنوات على أنها ألعاب خفة وذكاء، ومن يستطيع أن يقنع صغارنا بما اقتنعت به قنواتنا مع أنها تطلق على أبطال هذه البرامج مسمى السحرة!. نحتاج في زمن الغيبوبة وغسيل المخ لأن نجعل أبناءنا على الدوام في يقظة يعيشون الواقع، ويضعون خططهم على الواقع لا على الأوهام، وحيث إن تغيير هذه القنوات وفكر القائمين عليها أصبح من باب الضرب في الميت حرام! بقي أن أعلم – وغيري من الآباء - أن التحديات كبيرة، وأن أساليبنا التربوية في بيوتنا يجب أن تكون وفق هذه التحديات، كما نحتاج إلى مساندة حقيقية من المدرسة والمسجد من خلال الرقي بالخطاب ليكون كما يحمل من مقومات، فيكفي خطابنا التربوي أنه يلبي نداء الفطرة، وأن الساحر لا يفلح حيث أتى. يا رب عونك! * متخصص بالشأن الاجتماعي