كنت أحسب أن ما يجري من حولنا من فتن سيجعلنا اكثر تعقلاً وحرصاً على وطننا، كنت احسب انه من المستحيل ان نرى جدلاً او عنفاً يدور في ساحاتنا بعد الجدل والعنف الذي رأيناه ونراه يومياً من مختلف الجماعات في الدول التي غشيها الربيع العربي، فالكل لديهم بلا استثناء ينتصر لنفسه ويسفه غيره مؤججاً نفوس جماعته وطائفته، ناشراً الكراهية والعنف في مجتمعه. ألا نعلم ان النار تأتي من اصغر الشرر؟ اين العقلاء والحكماء؟ فهذا وقتهم ليحذروا الناس ان هناك من يخطط ليصيبنا مثل ما أصاب غيرنا! اننا مُستهدفون في "أمننا"؟. العالم من حولنا في هرج ومرج، ونحن بحمد الله ننام ملء جفوننا في بيوتنا آمنين مطمئنين، يأتينا رزقنا من كل بقاع العالم، ونعيش حياة رغدة ورفاهية لم نكن نحلم بها، وحُكامنا - سلمهم الله - يوجهون رجال الامن البواسل بالسهر لحفظ امننا والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه المساس بأمننا. انها والله لنعمة جديرة بأن تُقدر وتُصان وتُحترم، وان نُذكرْ بها بين الحينِ والآخر، ومن عنده ذرة شك فيما اقول فلينظُر الى من خُدِعوا وأشعلت الفتن في ديارهم بعد ان كانوا آمنين على ارواحهم واعراضهم واموالهم، فخربوا ديارهم بأيديهم وعمت الفوضى بلادهم واذاقهم الله لباس الجوع والخوف. ألم يرد في القرآن الكريم قوله تعالى: «والفتنة أشد من القتل»؟. وقد ورد في الحديث الشريف: "الفتنة نائمة لعن الله من ايقظها"، إن ما نراه ونسمع به الآن هو من الفتن التي ينبغي التصدي لها بحزم وقوة، وإلا فسوف يصيبنا ما اصاب القوم ان لم يكن أعظم. لذلك فإن من الضرورة بمكان أن يعي شبابنا خطورة ما تمر به بلادنا من احداث، ويُنموا ويغَرسِوا الانتماء الحقيقيّ لحب الوطن في نفوسهم ولا يُصغِوا للأكاذيب والشّائعات أو لمن أراد أن يطعَن في ديننا وحكامنا وقيمنا وثوابتنا، ليجرنا لأعمال العُنف والتّخريب، فللأوطان حقوق يذكرها الشاعر حافظ إبراهيم: رجال الغد المأمول إن بلادكم تناشدكم بالله أن تتذكروا عليكم حقوق للبلاد أجلها تعهد روض العلم، فالروض مقفر قصارى مُنى أوطانكم أن ترى لكم يداً تبتني مجداً ورأساً يُفكر فكونوا رجالاً عاملين أعزة وصونوا حمى أوطانكم وتحرروا نعم ان هذا هو ما نريده من شبابنا، ونريدهم ان يتذكروا ان هناك من يكيد لهم ويتربص بهم، ونريدهم ايضاً ان يتذكروا ان للوطن حقوقاً ينبغي لها ان تُصان، ومن أعظم هذه الحقوق الا يكون شبابنا معاول هدم في ايادي من لا يحسب للوطن قدراً. لقد اختزلنا الزمن وحققنا في تنمية الوطن ما لم تحققه الدول في سنين طويلة، فهل يهون علينا اضاعة هذه الثروات والمقدرات؟؟ لقد بذلنا السنين تلو السنين لتنظيم هذه الدولة وبناء اجهزتها المختلفة للوصول للدولة العصرية الحديثة، فهل ترضون ان نهدم كل هذه الانجازات فوق رؤوسنا؟؟ إنني من هذا المنبر انادي ابناء هذا الوطن بمختلف أطيافهم وطوائفهم وقبائلهم، بان يقفوا جميعاً صفاً كالبنيان المرصوص مع حكومتنا وحكامنا في السراء والضراء، بل وندعو حكومتنا بان تضرب بيد من حديد لكي تقطع دابر كل مثير للفتن يريد تمزيق الاوطان، وادعوا الجميع ان يتثبتوا فيما يقولون ويصرحون وينقلون، وان يلجم العقلاء افواه السفهاء، فلا ينبغي ان نقبل بان يكون أحدنا مطية للمغرضين، فينقل لهم ما يريدون، بل يجب ان نُوكل امرنا الى الله عز وجل، ثم الى حكامنا ومسئولينا الذين يعملون ويواصلون الليل بالنهار. ليحفظ الله لنا وحدة وطننا ويديم علينا نعمة الامن والامان. واذكر نفسي واذكر ابناء هذا الوطن الغالي بما قاله سماحة الشيخ ابن عثيمين عليه شآبيب الرحمة والمغفرة: "أشهد الله تعالى على ما أقول وأُشهدكم أيضاً أَنني لا أَعلم أَن في الأرض اليومَ من يطبق شريعة الله ما يطبقه هذا الوطن أعني: المملكة العربية السعودية وهذا بلا شك من نعمة الله علينا، فلنكن محافظين على ما نحن عليه اليوم، بل ولنكن مستزيدين من شريعة الله عز وجل أكثر مما نحن عليه اليوم، لأنني لا أدعي الكمال وأننا في القمة بالنسبة لتطبيق شريعة الله، لا شك أَننا نُخل بكثير منها ولكننا خير والحمد لله مما نعلمه من البلاد الأخرى. إننا في هذه البلاد نعيش نعمة بعد فقر وأَمناً بعد خوف وعلماً بعد جهل وعزاً بعد ذل، بفضل التمسك بهذا الدين مما أوغر صدور الحاقدين وأقلق مضاجعهم، يتمنون زوال ما نحن فيه ويجدون من بيننا وللأسف من يستعملونه لهدم الكيان الشامخ، بنشر أباطيلهم وتحسين شرهم للناس {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ}". أسأل الله الكريم رب العرش العظيم ان يحفظ لنا ديننا ووطننا وولاة أمورنا وان يديم علينا نعمة الامن والامان. استشاري كلى ومتخصص في الادارة الصحية