كنت أحسب أن ما يجري من حولنا من فتن سيجعلنا اكثر تعقلًا وحرصًا على وطننا، كنت احسب انه من المستحيل ان نرى جدلًا يدور في ساحاتنا بعد الجدل الذي رأيناه ونراه يوميًا من مختلف الجماعات في الدول التي غشاها الربيع العربي فالكل لديهم بلا استثناء ينتصر لنفسه ويسفه غيره مؤججًا نفوس جماعته ناشرًا الكراهية في مجتمعه. ألا نعلم ان النار تأتي من اصغر الشرر وهل مجتمعنا لديه حصانة؟ فمهما تجادلنا فلن يحدث لنا مثل ما حدث لغيرنا!! كلا ورب الكعبة بل ان بعض الدول التي تتجادل جماعاتها حاليًا قد سبقتنا في التمدن والحضارة وها هم يخربون اوطانهم بأيديهم، ان لم نكف عن الجدال ونرتدع ونعتبر بمن حولنا فسيصيبنا ما اصابهم ان لم يكن أعظم. لا اريد ان ادخل في هذا الجدل فلست بمقام من يتجادلون لكن كمواطن بسيط تربى في بيئة مسلمة ونال قسطًا من التعليم وبلغ من العمر ما بلغ، واصبح بحمد الله يميّز بين الحق والباطل، فإن لي كلمة نابعة من حبي لوطني ولديني إننا في هذه البلاد نعيش نعمة بعد فقر وأَمنًا بعد خوف وعلمًا بعد جهل وعزًا بعد ذُل بفضل التمسُّك بهذا الدين مما أوغر صدور الحاقدين وأقلق مضاجعهم.. يتمنون زوال ما نحن فيه ويجدون من بيننا وللأسف مَن يستعملونه لهدم الكيان الشامخ بنشر أباطيلهم وتحسين شرهم للناس {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ}. ولولاة امري ولعلمائي الاخيار وهي اني «لا أقرّ ما قام به فضيلة الشيخ سلمان العودة من كتابة نصيحة علنية لولي الامر، هذه النصيحة والمطالب التي تم تداولها بشكل واسع على شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وحظيت بالقبول لدى البعض والرفض القاطع لدى البعض الآخر. هذه الرسالة (بغض النظر عن وجاهة محتواها) ما اراها إلا رسالة تخالف نهج السلف الصالح في النصيحة وجاءت في وقت غير مناسب بل اعطت اشارة خاطئة لباغي الفتن ولباغي الخروج على امام المسلمين بأن هذا الوقت المناسب للخروج، وها قد رأينا التصعيد الكبير والعنف الذي حدث في البحرين الاسبوع الماضي بعد هدوء طويل لبلد نحبه ونتمنى له الاستقرار، فهل ارسلنا رسالة خاطئة لمثيري الشغب واصحاب الأجندات الخارجية الذين يكرهون استمرار التعايش بين الاخوان؟؟ هذه الرسالة جعلت التيار المؤيد لهذه الرسالة والتيار غير المؤيد يدخلون في جدال نحن في غنى عنه، فأين العقل في كل هذا وهل غفل الشيخ الكريم ان يحسب لرسالته عواقبها؟؟ كيف فهو الشيخ وهو الواعظ وهو المصلح الذي ينصت لأحاديثه الكبير قبل الصغير وهو من يُعقل الشباب المتحمّس ويرشدهم الى ما يحفظون به وطنهم، فهو صاحب الخبرة والتجربة بل ما الفرق بينه الآن وبين اكثر من عقدين مضت عندما خاطبه الوزير القصيبي (يرحمه الله) قائلًا: «العدو على بُعد ساعات من الظهران وانت تنزل شريط سقوط الدول»، فهل التاريخ يُعيد نفسه؟؟. ان هذا الشيخ سلمه الله اصبح الصوت الوسط والمعتدل والصوت المقبول لدى الغالبية من افراد المجتمع فماذا دهاه الآن ولماذا خالف النهج الصحيح في النصيحة لولي الأمر؟؟ ألم يرد في القرآن الكريم قوله تعالى: «والفتنة أشد من القتل» وقد ورد في الحديث الشريف «الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها».. أليست هذه الرسالة نوعًا من انواع الفتن ام ان الفتن ألوان محصورة في الأحمر والأخضر فقط، وهذه الرسالة صفراء لا ينطبق عليها الفتن!! انا لست في مستوى علم الشيخ الفاضل لأناقشه، لكن أليس الشيخ «حفظه الله» هو من يقول ويدعوننا لأن نتبع رأي السلف الصالح، فهم المصلحون الأولون، وهم الأئمة المهتدون وهم ورثة الأنبياء ونورٌ لمن يمشي في الظلماء فالسَّيرُ على طريقهم أمرٌ حميد ورأيٌ سديد، لأنه طريق الأنبياء الذي يرضاه الله «عز وجل»، فهل هذه هي طريقة السلف الصالح في النصيحة لولاة الأمر يا شيخنا الفاضل. انت يا شيخنا من يَعلمْ بل أنت من يُعلِمُنا برأي السلف السابقين واللاحقين في نصحهم لإمام المسلمين وولاة الامور، فأنت اعْلم برأي الامام احمد وانت اعْلم برأي الامام الشافعي وانت اعْلم برأي العلامة ابن سعدي وانت أعْلم برأي الشيخ ابن باز والشيخ العثيمين في النصيحة لولي الأمر، فلماذا خالفتهم؟؟ اننا نحبك في الله يا شيخنا ونعلمُ انك لست ممن يُحرضُ على الفتن ونعلم رأيك الصارم في عدم جواز الخروج على ولي الامر ومعاذ الله ان نقول فيك غير هذا، لذلك فإننا ننتظر منك يا شيخنا ما يثلج صدورنا بالرجوع الى نهج السلف الصالح في النصيحة لولي الامر، واذكر نفسي واذكر ابناء هذا الوطن الغالي بما قاله سماحة الشيخ ابن عثيمين «يرحمه الله»: «أُشهد الله تعالى على ما أقول وأُشهدكم أيضًا أَنني لا أَعلم أَن في الأرض اليومَ مَن يطبق شريعة الله ما يُطبقه هذا الوطن أعني: المملكة العربية السعودية وهذا بلا شك من نعمة الله علينا، فلنكن محافظين على ما نحن عليه اليوم، بل ولنكن مستزيدين من شريعة الله «عز وجل» أكثر مما نحن عليه اليوم لأنني لا أدّعي الكمال وأننا في القمة بالنسبة لتطبيق شريعة الله، لا شك أَننا نخل بكثير منها ولكننا خير والحمد لله مما نعلمه من البلاد الأخرى.. إننا في هذه البلاد نعيش نعمة بعد فقر وأَمنًا بعد خوف وعلمًا بعد جهل وعزًا بعد ذُل بفضل التمسُّك بهذا الدين مما أوغر صدور الحاقدين وأقلق مضاجعهم.. يتمنون زوال ما نحن فيه ويجدون من بيننا وللأسف مَن يستعملونه لهدم الكيان الشامخ بنشر أباطيلهم وتحسين شرهم للناس {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ}. تويتر - @IssamAlkhursany