أمست الحوادث المرورية تمثل هاجساً مقلقاً لدينا، حيث تعد واحدة من أهم المشكلات التي تستنزف الموارد المادية والطاقات البشرية، وتستهدف مجتمعنا في أهم مقومات الحياة، والذي هو العنصر البشري، إضافة إلى ما تكبده من مشاكل اجتماعية ونفسية وخسائر مادية ضخمة، وقد أصبح لزاماً العمل على إيجاد الحلول والاقتراحات ووضعها موضع التنفيذ للحد من هذه الحوادث أو على أقل تقدير معالجة أسبابها والتخفيف من آثارها السلبية. إن العناصر التي تتشارك في المسئولية في وقوع الحوادث المرورية هي السائق (العنصر البشري) والطريق والمركبة، وقد أشارت بعض الإحصائيات إلى أن معدل الوفيات في حوادث الطرق في بلادنا بلغ 17 شخصاً يومياً، أي: شخص كل 40 دقيقة، كما بلغ عدد المصابين أكثر من 68 ألفا سنويًّا، وزادت الخسائر المادية على 13 مليار ريال في السنة. وقد أكدت بعض الدراسات والأبحاث أن أكثر الحوادث تقع بسبب أخطاء العنصر البشري وخاصة السرعة، إضافةً إلى قطع الإشارة وقيادة غير المؤهلين للقيادة واستخدام المركبات لغير ما أُعدت له مثل التفحيط، مشيراً إلى أن ارتفاع إصابات الحوادث يستنزف الجهود الصحية ويشغل ثلث الطاقة الاستيعابية للمستشفيات الحكومية، ويتسبب في أزمة الأسرّة في المستشفيات، حيث إن نسبة الأسرّة المشغولة بمصابي الحوادث تبلغ 30 من كل 100 سرير، وعليه ينبغي العمل على تبني استراتيجية ذات أهداف محددة يتم العمل على تحقيقها خلال فترة زمنية محددة، كأن يكون الهدف هو خفض عدد الوفيات والإصابات الناتجة عن الحوادث المرورية إلى النصف بحلول عام 2020م، على أن يتم اتخاذ الإجراءات العملية التي تصل بنا إلى هذا الهدف من وضع برامج وتطوير آليات تقييم ومراقبة ومراجعة سنوية لتقييم مدى التقدم نحو تحقيق الهدف. إن تجارب الدول المتقدمة في هذا الصدد كانت ناجحة وموفقة، فقد وضعت بريطانيا عاما 1999م خطة مرورية تستهدف خفض الوفيات إلى الثلث تحت عنوان " غداً، الطريق أكثر سلامة للجميع " وقد نجحت في ذلك ، وفي السويد وضع هدف استراتيجي أطلق عليه " الرؤية صفر " يهدف إلى عدم وجود إصابات بليغة أو وفيات بسبب حوادث المرور، وهكذا كان الحال في سويسرا واليابان وأستراليا وفنلندا وأمريكا. لقد أثبتت هذه التجارب أن التأخر في حل مثل هذه المشكلات يكلف الاقتصاد والمجتمع خسائر كبيرة وأن تلك التكلفة تتضاعف بمرور الوقت إذا لم يتم التصدي لها، وأن تكلفة إيجاد الحلول وتنفيذها أقل من تكلفة خسائر التباطؤ فيها، وأن سرعة الحلول لها نتائج إيجابية مباشرة وغير مباشرة على التنمية الشاملة في المدى القريب. أمين المنطقة الشرقية