أصبحت الحوادث المرورية تمثل وبشكل كبير هاجساً وقلقاً لكافة أفراد المجتمع، وأصبحت واحدة من أهم المشكلات التي تستنزف الموارد المادية والطاقات البشرية وتستهدف المجتمعات في أهم مقومات الحياة والذي هو العنصر البشري إضافة إلى ما تكبده من مشاكل اجتماعية ونفسية وخسائر مادية ضخمة، مما أصبح لزاماً العمل على إيجاد الحلول والاقتراحات ووضعها موضع التنفيذ للحد من هذه الحوادث أو على أقل تقدير معالجة أسبابها والتخفيف من آثارها السلبية. ولقد تحدث الكثير وبحث العديد في مشكلات الحوادث المرورية وسبل معالجتها عن تقنيات السلامة في السيارات والمركبات وأهميتها في تجنب الحوادث المرورية أو على أقل تقدير تقليص خطورة وحدة الحوادث المرورية. المهندس طارق بن مصطفى قستي مدير إدارة هندسة المرور والسلامة في وزارة النقل أشار إلى أنه العالم شهد قفزات وتطورات سريعة وعديدة في مجالات الصناعة والتكنولوجيا ومن الصناعات التي أحرزت تقدماً كبيراً في استخدامات التقنية الحديثة، صناعة السيارات والمركبات كونها وسيلة مريحة ومجدية وسريعة لنقل الركاب والبضائع. وبالرغم من حسنات ومميزات استخدام المركبات والسيارات في التنقل والسفر، فقد تولدت العديد من المشكلات والسلبيات من استخدام المركبات والسيارات، حيث انه ومع ازدياد أعداد المركبات والسيارات والتوزع في استخدامها والاعتماد شبه الكلي عليها في التنقلات نتج عن ذلك وقوع العديد من الحوادث المرورية التي أزهقت الأرواح وأوقعت المصابين وأتلفت الأموال. ومن المشكلات المرورية الكبيرة التي نتج عن استخدام المركبات والسيارات الازدحام في الشوارع والانتظار الطويل عند التقاطعات، وبات مشكلة تنظيم حركة المرور والازدحام والسيطرة على الحوادث المرورية الناتج من استخدام هذه المركبات والسيارات، هاجساً وقلقاً ومعاناة لجميع فئات المجتمع صغيرهم وكبيرهم، وبات الذي يسلم من الحوادث المرورية لا يسلم من الأمراض العصرية كارتفاع ضغط الدم والسكري التي تسببها قيادة المركبات والسيارات، مما نتج عنه زيادة تعرض حياة الإنسان وصحته وممتلكاته للمخاطر. وكما هو معلوم لدى الجميع فإن العناصر التي تتشارك في المسؤولية في وقوع الحوادث المرورية هي السائق (العنصر البشري) والطريق والمركبة، وبناء لمنظمة الصحة العالمية، تحصد الحوادث المرورية أرواح أكثر من مليون شخص سنوياً، وتصيب ثمانية وثلاثين مليون شخص (خمسة ملايين منهم إصابات خطيرة). وكون السائق هو العنصر العاقل والمتحكم في كيفية التعامل مع المركبة والطريق، فإن المسؤولية الأكبر تقع على عاتقه في تفادي أو الوقوع في حادث مروري. لذا وجب على المهتمين والمختصين في السلامة المرورية بحث ودراسة كيف يمكن مساعدة السائق في تفادي الوقوع في الحوادث المرورية وكذلك حمايته ومن معه من ركاب من شدة خطورة الحوادث. وأحد أهم السبل لتحسين السلامة المرورية ومساعدة السائق في تفادي الوقوع في الحوادث المرورية هو تطوير أنظمة السلامة والأمان في السيارات والمركبات. وبعض الإحصاءات والأرقام عن الحوادث والمخالفات المرورية تعطي تصوراً عن الوضع المروري في المملكة العربية السعودية خلال الأعوام السابقة (1421- 1425ه) وتؤكد مسؤولية العنصر البشري في المشكلات المرورية من الحوادث والمخالفات التي تقع على طرقنا. ولمواجهة الحوادث المرورية وللتقليل منها، وللحد من ما ينتج عنها من وفيات وإصابات خطيرة وخسائر مادية واقتصادية، فقد استخدمت خلال العقدين الماضيين التقنيات الحديثة في العديد من دول العالم بهدف التقليل والحد من المخالفات المرورية. وتشير النتائج الموثقة لبعض المدن ان استخدام هذه التقنيات كان له أثر ملموس في تقليل المخالفات بلغت في المتوسط ما يقارب 40٪ لأجهزة مراقبة تجاوز الإشارات الضوئية كما أدى ذلك إلى تحسين مستوى السلامة حيث انخفضت نسبة الحوادث في المتوسط حوالي 20٪. وأشار المهندس طارق قستي أنه بدأ الاهتمام بتزويد تجهيزات السلامة داخل المركبة منذ الستينات الميلادية في دول أوروبا وأمريكا الشمالية التي تصنع المركبات، فأضيف حزام الأمان لتثبيت شاغلي المركبة في أماكنهم داخل المركبة أثناء الاصطدام. كما زود كل مقعد بوسادة الرأس للحماية من إصابات الرقبة أثناء الاصطدام الخلفي. كما اهتم مصنعو المركبات بفرش المقصورة وتبطينها بمواد غير قابلة للاشتعال فضلاً عن قدرتها امتصاص قوة صدم الجسم عند ارتطامه بها. ولم يكن التطور في تجهيزات السلامة وليد اللحظة بل كان تدريجياً خلال سنوات، حيث قامت إدارات النقل في هذه الدول بمساعدة لجان السلامة المرورية الوطنية فيها بدراسات وأبحاث لتطوير هذه الأجهزة وعمل اختبارات لفعاليتها في تخفيف أثر الاصطدام على شاغلي المركبة. وقد ساعدهم في ذلك توافر الإحصاءات المرورية المفصلة والدقيقة عن حوادث المرور. مما يؤكد على ان هناك اتجاهاً عالمياً لتطبيق التقنية الحديثة واستخدام أساليب فنية مبتكرة في تصميم السيارات والمركبات وجعلها أكثر أماناً، وان التقدم الذي حدث في تقنية الاتصالات المستخدمة في المركبات يثبت ان المرحلة المقبلة هي فترة تشبه الأفلام الخيالية حيث يمكن للسيارات والمركبات ا لتحدث مع بعضها بدون تدخل بشري. وقال ان المتتبع للجديد في تقنية صناعة السيارات والمركبات، يجد ان كل يوم يظهر معه ابتكار تقني جديد يهدف الارتقاء بهذه الصناعة، وان هذه الابتكارات المتلاحقة تسعى إلى تهميش الدور البشري في القيادة والتحكم بالمركبات والاعتماد على التقنيات الحديثة والوسائط المعلوماتية للقيام بالتحكم في المركبات وقيادتها بدلاً من العنصر البشري. وأوضح ان الأعوام الماضية في مجال تقنية السيارات شهدت تطورات عديدة تعتبر جديدة كلياً في بعض النواحي، وتركزت هذه التطورات بشكل أساسي في مجالات إتاحة المزيد من الأمان والسلامة للركاب وتواصلت أيضاً تقنيات النظم الالكترونية للسيارات الحديثة التي تأتي بأنظمة كمبيوتر تماثل ما كانت متاحة في الطائرات، فيما يعتبر نقلة نوعية تؤسس لمرحلة جديدة في صناعة السيارات. وتوجه شركات السيارات والمركبات جهودها إلى تعزيز درجة الأمان والسلامة في السيارات والمركبات، وكانت البداية باستخدام أحزمة الأمان والوسادة الهوائية للسائق، التي تطورت فيما بعد إلى وسائد هوائية أمامية وجانبية، وستائر حماية الرأس من الصدمات الخلفية وقضبان مانعة للانقلاب ووضع المحرك في وسط السيارة وزيادة في التطور والإمكانيات العالية، تتوفر مكابح من السيراميك المركب (الخزف الصناعي) الخفيف الوزن ومثل هذه الصناعات المستوردة من صناعات الفضاء من شأنها تعزيز الأداء المكبحي بنسب كبيرة. وتعمل العديد من شركات السيارات في الوقت الحاضر على عدد من المشروعات التي تستشف منها آفاقاً جديدة لما يمكن ان تكون عليه سيارة المستقبل. وتتسابق الشركات بالأفكار لكي تتعامل مع عدة تحديات، منها المزيد من سلامة وأمان الركاب والمحافظة على البيئة. أنظمة النقل الذكي جميع التقنيات والتطبيقات هي بعض او جزء من تطبيقات انظمة يطلق عليها انظمة النقل الذكي (ITS)Intelligent Transportation Systems. وانظمة النقل الذكي عبارة عن منظومة تقنيات متقدمة تعمل كأنظمة متكاملة مع المعلومات الفورية الدقيقة المغلقة بحركة النقل وانظمة الاتصالات ليستفاد منها في تسهيل عملية النقل كما يتم من خلالها الاستخدام الامثل للبنية الاساسية للنقل وللتقليل من عدد الحوادث ونسبة التلوث البيئي الناجم من زيادة عدد المركبات ولخفض تكاليف النقل. وتقوم انظمة النقل الذكي بتطبيق التقنيات الحديثة في مجالات المراقبة وجمع المعلومات والتحكم والاتصالات وبرامج الحاسب الآلي لهدف الاستفادة القصوى من القدرة الاستيعابية لشبكات الطرق ووسائط النقل الاخرى. حيث تساعد في انسيابية حركة المرور ولتسهيل الوصول الى الاماكن المراد الوصول اليها. وكنتيجة لذلك سيتم التقليل من عدد الرحلات وعدد الكيلومترات المقطوعة بالمركبات الامر الذي سيؤدي الى التقليل من نسبة الحوادث وكذلك نسبة التلوث البيئي. كما انها تساهم في سرعة معالجة الحوادث المرورية وحالات الطوارئ من خلال المعلومات التي ستتوفر عبر هذه التقنيات والاجهزة المكونة لها. العناصر الاساسية لأنظمة النقل الذكي: تتكون انظمة النقل الذكي من العناصر الرئيسية التالية: 1- بنية اساسية للنقل مثل شبكات الطرق وانظمة النقل العام. 2- مراكز التحكم المروري. 3- اجهزة الاستشعار والمراقبة مثل الكاميرات. 4- اجهزة التحديد المكاني واجهزة العرض في المركبات. 5- انظمة اتصالات متكاملة. 6- معلومات وتشمل معلومات اساسية مثل الخرائط الرقمية ومعلومات امنية عن حالة حركة المرور. أهداف أنظمة النقل الذكي: ٭ تحسين مستوى السلامة على شبكة الطرق بالحد من وقوع الحوادث المرورية والوفيات والاصابات الناجمة عنها والتخفيف من جسامتها. ٭ تقديم الخدمات الاسعافية عند وقوع مثل هذه الحوادث سرعة الاستجابة ورفع مستوى الانقاذ لحالات الطوارئ. ٭ تعزيز سهولة الحركة المرورية وتوفير الراحة والطمأنينة على شبكة الطرق. ٭ تقليل تأثيرات النقل والطاقة السلبية على سلامة البيئة. ٭ زيادة فعالية وكفاءة شبكة الطرق حاضراً ومستقبلاً وبالتالي زيادة انتاجية الافراد والمؤسسات وقطاع الاقتصاد عموماً. ٭ رفع مستوى كفاءة وادارة شبكة الطرق والاستخدام الاكثر فعالية للطاقة والاستيعابية لشبكة الطرق. ٭ اختصار زمن الرحلات والتقليل من حالات التأخير. ٭ التوفير في الاستثمارات لانشاء وتوسعة شبكات الطرق. مجالات استخدام أنظمة النقل الذكي: 1- ادارة الطرق السريعة. 2- التحكم في الاشارات المرورية. 3- ادارة النقل العام. 4- ادارة الحوادث المرورية. 5- جمع رسوم العبور اليكترونياً. 6- معابر السكك الحديدية. 7- الاستجابة للطوارئ. 8- المعلومات المخصصة للمسافرين في النقل الاقليمي متعدد الوسائط. تطبيقات أنظمة النقل الذكية: يوجد الكثير من تطبيقات انظمة النقل الذكي وذلك لتعدد مجالات استخداماتها. حيث يوجد في كل مجال من مجالات استخدام انظمة النقل الذكي العديد من التطبيقات وفيما يلي أهمها: 1- أنظمة الملاحة والارشاد داخل المركبات الخاصة: ويمكن استخدام هذه الانظمة في المركبات الخاصة بحيث يتم تزويد السائق ومن خلال شاشة تلفزيونية مثبتة داخل المركبة توضح خريطة رقمية لشبكة الطرق ويمكن من خلالها التعرف على موقع نقطة النهائية المقصودة وأنسب طريق يمكن استعماله للوصول الى الهدف كما يمكن معرفة الوقت المتوقع للوصول الى هذه النقطة طبقاً لحالة حركة المرور وفي حالة وجود أي طارئ على المسار المقترح يتضح على الشاشة مسار آخر للوصول الى نقطة النهاية في أقصر وقت ممكن وذلك للتقليل من وقت الرحلة. وتقوم بعض شركات تأجير السيارات في بعض الدول بتزويد مركباتها بمثل تلك الانظمة لمساعدة المستخدمين لتلك السيارات في التعرف على المواقع المقصودة. 2- نظام التحكم المروري عند مداخل الطرق السريعة: يعتبر نظام التحكم المروري عند مداخل الطرق السريعة احد تطبيقات نظم النقل الذكية. ويتم ذلك من خلال اشارة ضوئية تعمل آلياً عند المدخل من طريق الخدمة الى الطريق الرئيسي على الطرق السريعة بحيث تسمح بدخول المركبات الى الطريق الرئيسي السريع حسب حركة المرور عليه، لذلك فهي موصلة بدوائر حلقية (حساسات) على الطريق الرئيسي (السريع) وكذلك بدوائر حلقية (حساسات) على المدخل نفسه لتعمل جميعها بنظام متكامل. 3- أنظمة اللوحات المتغيرة الرسائل: ان الغرض من هذه النظم هو تزويد قائدي السيارات والمركبات بالمعلومات المتعلقة بحالة حركة المرور على الطريق، بحيث يمكن لقائد المركبة اتخاذ القرار الصحيح لتغيير مسار رحلته ولتجنب الزحام المروري وللتنبيه للحوادث والتقليل من وقت الرحلة. وهناك نوعان من اللوحات المتغيرة الرسائل احداهما لوحات ثابتة والاخرى متنقلة، ويمكن التحكم برسائل تلك اللوحات اما آلياً عن طريق الحساسات المثبتة على الطرق والتي يمكن من خلالها قياس حجم حركة المرور، وبالتالي اصدار الرسائل الخاصة بذلك على تلك اللوحات. كما يمكن ان يتم تغيير تلك الرسائل من خلال غرفة التحكم المروري والتي يمكن ان تصلها المعلومات عن حالة حركة المرور من خلال الكاميرات المثبتة على الطرق او من خلال الدوريات الامنية على الطريق ومن طريق اجهزة الاتصال. 4- أنظمة التحكم المروري للاشارات: من خلال هذه الانظمة يتم التحكم في اوقات تشغيل الاشارات المرورية بحيث يتم توفير الوقت وعدم التأخير عند تلك الاشارات ويتم ذلك عن طريق وجود حساسات اليكترونية مثبتة عند التقاطعات تقوم بقياس احجام حركة المرور على التقاطع ومن ثم تحديد اوقات فتح الاشارة وفقاً لتلك الاحجام او من خلال غرفة التحكم، كما يمكن ايضاً التحكم بالاشارات المرورية لخدمة مركبات الطوارئ والاسعاف وذلك لتقليل زمن نقل المصابين من موقع الحادث الى المستشفى. ويمكن ان تعمل هذه الاشارات في الطرق الشريانية كنظام متكامل مع حركة المرور على الطرق السريعة وتكون هناك حاجة الى تحويل حركة المرور على الطرق الشريانية للطريق السريع. 5- أنظمة ادارة الحوادث والاستجابة لحالات الطوارئ: تتمثل انظمة النقل الذكية في مجال ادارة الحوادث في كيفية الابلاغ عن الحادث وتحديد موقعه وكيفية الوصول اليه ومعالجته، ومعالجة حركة المرور المتأثرة من جراء هذا الحادث. وقد قامت بعض الشركات العالمية بتطوير نظام آلي للابلاغ عن الحادث المروري وتحديد موقعه في حينه من خلال اجهزة مثبتة داخل المركبة .