تتمتع قرى الأحساء التي أعدادها بالعشرات بخاصية فريدة قد لا نراها في أي مكان نعرفه. فقرى الأحساء في الحقيقة نشأت منذ مئات السنين, إن لم تكن منذ آلاف السنين بطريقة عرفت في وقتنا الحالي والعمران الحديث ما يسمى الضواحي وهذا ما يطلق عليه في الغرب(سابرب). ولو نظرنا إلى خريطة للأحساء نرى انها واحة كبيرة تم بناء العمران فيها باسلوب يدل على تطور في أسلوب استغلال موارد واحة الأحساء بأفضل الطرق. فمركز الأحساء في الوسط الذي بدأت فيه مدن الأحساء الثلاث الرئيسة وهي: الهفوف والمبرز والعيون بالنمو, رأى العالم كيف أن هناك أسلوب تخطيط حدث بصورة تلقائية يعكس الجمال الطبيعي عندما نرى فيه العشرات من القرى تحيط بواحة الأحساء. وهذا ما جعل الأحساء أحد أهم الممرات الرئيسة لحضارات قامت قبل آلاف السنين ليجتمع فيها الكثير من مختلف الأقطار وبسبب ذلك كانت الأحساء إحدى أكثر عشر مدن في العالم كثافة في السكان قبل ألف عام. ومعروف أن قرى الأحساء وإلى وقت قريب كانت تتمتع بهواء نقي يعتبر الأنقى في العالم وماء وفير كان مضربا للأمثال. وفي مثل هذه البيئة كانت الأحساء - وبالطبع لا تزال - من أفضل البيئات التي تجمع الكل بمختلف المذاهب والأطياف. وعاش أهل القرى في الأحساء وهم يتمتعون في الماضي والحاضر في أمن وأمان وكانوا - ولا يزالون - معروفاً عنهم الجد في العمل والاجتهاد في جميع نواحي الحياة. وفي الماضي كانت أفضل الاوقات هي الايام التي يقوم فيها الجميع بالذهاب إلى تلك القرى والاستمتاع بالسباحة في ينابيعها والتأمل في جمال أشجارها ونخيلها. وقد كان أكثر ما يشد الكثير الموقع الفريد لقرية اسمها (الدالوة) لأن موقعها إستراتيجي من بين كل القرى. فقرية الدالوة بها جمال فريد حيث إنها تقع قريبة من جبل القارة المعروف بهوائه العليل وتحيط بها النخيل من كل جانب. وتستفيد قرية الدالوة من كون الجبل يقلل من الرياح الحارة. ولكن جمال قرية الدالوة ليس بسبب موقعها أو جمال نخيلها فقط, بل إن أهلها يتمتعون بطيبة القلب وحب العمل وأبناؤها يتمتعون بالكثير من المواهب, وأهم من ذلك حبهم أرضهم التي كانت إلى وقت قريب تنتج أفضل أنواع العنب، وبالطبع ناهيك عما تنتجه من التمور. وفي الوقت الحالي تمدد جميع قرى الأحساء ومنها قرية الدالوة لتكون أقرب للمدن الصغيرة منها لكونها قرية. وفي هذا الوقت أصبحت قرية الدالوة وأهلها أقرب من أي وقت مضى إلى قلوبنا وعزيزة علينا وجميع جوارحنا وعواطفنا معهم حول ما حدث من أمر اليم يعرف من قام به بأن بث أي بذرة من بذور الفتنة ستتكسر على صخرة اللحمة الوطنية التي الكل يعرف مدى صلابتها. وما حدث في قرية الدالوة سينساه أهاليها المعروف عنهم حسهم الوطني, لأنهم يعلمون بأن ما حدث ما هو إلا محاولة بائسة ويائسة لإيجاد نوع من الفرقة التي الكل يعرف أن الأحساء هي مقبرة كل فتنة. فالتعايش بين جميع الطوائف والمذاهب مبني على الاحترام وعدم التعدي. ومن فقد حياته من شبابها في هذا الحادث نرجو له الرحمة والمغفرة ومن هو مجروح نتمنى له الشفاء العاجل. أما اليد الجبانة التي تريد أن تختبر اللحمة الوطنية في هذا الوطن, فهي تعرف سلفا بأن محاولاتها ستذهب أدراج الرياح .. وللحديث بقية. * كاتب و محلل سياسي