بالرغم من ارتفاع حجم قطاع التجزئة في السوق السعودي إلا ان المملكة ما زالت تحتل المركز الثالث بين دول الشرق الأوسط من حيث نمو قطاع التجزئة لعام 2014، والمركز السادس عشر بين دول العالم بحسب التقرير الصادر عن مؤشر تنمية تجارة التجزئة العالمي، حيث يعاني هذا القطاع من سوء التنظيم مما يؤثر على هامش الربح. فجوة الأسواق وأكد اقتصاديون ان حجم إيرادات قطاع التجزئة قد يتضاعف ويصبح القطاع من اكبر القطاعات الجاذبة، في حال تم تنظيم السوق والقضاء على المحلات الفردية والأسواق الشعبية. وصرح نائب رئيس اللجنة الغذائية في غرفة جدة واصف كابلي بأن السوق السعودي يجذب كما هائلا من الاستثمارات، ولكن لا يزال حجم الأرباح متواضعا مقارنة بحجم الاستثمارات. وقال كابلي: ان سوق التجزئة السعودي هو سوق غني ومتنوع نظرا لوجود نوعين من الأسواق. النوع الأول وهو الأكثر تنظيما ويطلق عليه "المولات التجارية"، أما النوع الثاني فهو الأكثر انتشارا والأقل تنظيما وهي الأسواق الشعبية والمحلات المتفرقة. وأكد كابلي أن وجود الأسواق الشعبية والمحلات المتفرقة يخفف من هامش الربح في القطاع؛ نظرا لما تقدمه تلك الاسواق من اسعار منافسة لخلق الفجوة بين المحلات التجارية المنظمة وبين السوق المحلي. وأشار كابلي إلى عزم لجنة الغذاء في الغرفة التجارية التنسيق مع أمانة مدينة جدة للبدء بحملات لتنظيم الأسواق الشعبية. وأكد ان تلك الأسواق الشعبية ساهمت في خلق ظواهر سلبية مثل التستر، مخالفة نظام العمل، غش المنتجات، وتفاوت الأسعار مما يقلل هامش الربح. وأضاف كابلي: يحتاج سوق التجزئة السعودي الى تقديم ضمانات للعميل الأجنبي الراغب في دخول السوق السعودي. واستشهد كابلي بتجربة الإمارات العربية المتحدة في قطاع التجزئة والتي تقدم ضمانات بنكية وحرية العمل لرجل الأعمال، مما يضمن النجاح مع الحفاظ على توازن الأسعار. وطالب كابلي بزيادة عدد محلات التموين المنظمة في القرى السعودية، مؤكدا ان الأسواق الكبرى تتواجد بشكل كبير في المدن الرئيسية، وتكاد تكون قليلة التواجد في المدن الصغرى والقرى. الإدمان الاستهلاكي من جهته، أكد المحلل الاقتصادي فضل البوعينين أن سوق التجزئة السعودي ينمو بشكل ممتاز؛ نظرا لعدة أسباب منها عدد السكان المرتفع وخاصة من فئة الشباب، ارتفاع القوة الشرائية للفرد، وظاهرة "الإدمان الاستهلاكي" التي أصابت معظم المواطنين. وأكد البوعينين ان حجم إيرادات قطاع التجزئة قد يكون أكبر بكثير من الدول الأخرى المجاورة في حال تم تنظيم السوق المحلي. وبحسب البوعينين، فإن تنظيم السوق المحلي يقتضي إغلاق المحلات المنفردة والتي تكون غالبا غير نظامية، وكذلك تنظيم الاسواق الشعبية وإعادة هيكلة المولات التجارية بما يتناسب مع حاجة المدن الكبرى والقرى الصغرى على حد سواء. وصرح البوعينين ان الفجوة في الاسعار المعروضة وُجدت بسبب وجود محلات غير نظامية وأسواق شعبية تقدم بضائع مقلدة أو تالفة بأسعار رمزية، مما يزيد من فرص انتشار تلك المحلات وينقص من مبيعات الماركات الأصلية. وقال البوعينين: انه لا مانع من وجود أسواق شعبية تعرض البضائع بأسعار متوازنة، ولكن يجب تنظيم تواجد تلك الأسواق. وتوقع البوعينين نتائج إيجابية في حال تم تنظيم السوق، وتكمن تلك النتائج في زيادة الربحية، رفع كفاءة السوق، ومن ثم وضع نظام قوي يضمن للحكومة سهولة مراقبة القطاع. ثقة المستهلك وبحسب مؤشر تنمية تجارة التجزئة العالمي، فإن تجارة التجزئة في أسواق السعودية تعتبر الأعلى نموا بعد الإمارات العربية المتحدة التي حلت في المرتبة الأولى والكويت التي حلت في المرتبة الثانية عربيا. كما أشار التقرير الى ارتفاع نسبة تجارة التجزئة في قطاع التموينات الغذائية ثم قطاع الملابس. وأشار التقرير إلى ان المملكة العربية السعودية هي واحدة من أبرز الوجهات الجاذبة لاستثمارات التجزئة في الشرق الأوسط والخليج نظرا لعدة أسباب تتعلق بعدد السكان، حيث إن ثلث سكان المملكة هم من الشباب والذي تبلغ أعمارهم 25 وأقل. من ناحية أخرى، أشار التقرير الى أن ثقة المستهلك السعودي هي الأعلى أيضاً مقارنة ببقية دول الشرق الأوسط. كما يعزي التقرير ارتفاع نسبة تجارة التجزئة الى السياحة الدينية، حيث يزور المملكة حوالي 12 مليون سائح سنويا. وبحسب التقرير الصادر عن الأهلي كابيتال، يقدر حجم النمو المتوقع في قطاع التجزئة السعودي بمعدل سنوي 7.8 بالمئة حتى عام 2018، وذلك بدعم من قوة نمو الأرباح نتيجة للتوسع في المتاجر وقوة نمو إيرادات المتاجر القائمة واستقرار الهوامش وتلاشي ضغوط التغيرات في سوق العمل. فيما أوضح التقرير أن نمو إيرادات المتاجر يتراوح بين 8 -10بالمئة للشركات مثل العثيم والحكير. من ناحيتها، أخذت معظم شركات التجزئة بالتوسع في عامي 2013 - 2014 من خلال إضافة متاجر جديدة محلياً وعالمياً، وهذا محفز مهم يدعم نمو القطاع حيث ازداد الإقبال على الاستثمار في قطاع التجزئة السعودي خلال الربع الثالث من 2014. كما أشارت التوقعات إلى ان هناك تدفقات كبيرة للاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودي بعد فتح المجال أمام المستثمرين الأجانب، الأمر الذي أسهم بدوره إلى رفع مكاسب القطاع بمعدل 50 بالمئة منذ بداية العام. وأوضح التقرير أن قطاع التجزئة سيكون من المستفيدين الأكبر نظراً لقوة توقعات الاقتصاد الكلي وارتفاع الدخل القابل للصرف وتنامي عدد السكان. وعي الشباب الخليجي وفي تصريح خاص لجريدة اليوم، أعلن رئيس مجلس ادارة شركة محمد حمود الشايع، عن عزم الشركة افتتاح ما يزيد على 250 محلًا قبل نهاية 2015، ليس فقط في المدن الرئيسية، وإنما أيضًا في المناطق الأصغر في المملكة. كما أكدت الشركة انها في بحث مستمر عن سبل جديدة لتقديم تجربة تسوق فريدة للمتسوق السعودي، كما تدرس الشركة حاليا تشييد مراكز تسوق متطورة تحاكي تجربة مجمع الأفنيوز في الكويت، وهو أحد أكبر مراكز التسوق في العالم. وصرح الرئيس التنفيذي لمجموعة كمال عثمان جمجوم السيد مارك بينكلتون، عن عزم المجموعة افتتاح حوالي 100 متجر في الخليج خلال عام 2015، مؤكدا ان الميزانية للتوسع في تزايد كل عام؛ بسبب التدفق النقدي القوي، وارتفاع القوة الشرائية في السعودية والخليج، بالإضافة الى النمو السكاني القوي. كما أكد بينكلتون ان وعي الشباب الخليجي ازداد في مجال الموضة والأزياء، كما ساهمت جهود الحكومات الخليجية بجذب الاستثمارات خاصة في البنية التحتية مما دفع إلى زيادة الثقة في المنطقة.