استفحل الشارع قضية القيادة.. فأطال الحديث فيها.. وانتشر صِيتُها فأصبحت حديث الشارع.. البعض وافقها ودافع عن ذلك على اعتبار أنها حق للمرأة يجب أن يطبق، والآخر وقف مخالفاً أمامها مهدداً بمظاهرات قد تحدث في حال طُبق هذا القرار.. على ماذا استدل هؤلاء الأشخاص وما هي النتيجة التي توصل إليها كل مؤيد وكل مخالف جرّاء هذه القيادة إن حصلت؟! وما هي النتائج المحتملة؟ هل ستكون سلبية أم إيجابية أم الاثنان معاً؟ وما حكمها شرعاً؟! لنذهب إلى الجانب الديني ولنحلل بعض الأحكام التي وصفتها الشريعة.. مهما كان نوع ذلك الحكم: محرم, يجوز, لا دليل على ذلك! الدين الإسلامي في جل محرماته وفي جل الأشياء التي حرمها الله علينا وتحدث بها رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، تجعلنا نفكر ونحلل ونتفكر، لماذا ديننا الإسلامي حرم هذا الشيء؟ ما السبب؟ ولماذا؟ فنتوصل إلى نتيجة منطقية واقعية، وهي أن الله يحرم الأشياء التي تكون سلبياتها أكثر من إيجابياتها، وضررها أكثر من نفعها، من هنا وجب التحريم والمنع كي لا نضر أنفسنا، قبل أن نرتكب المعصية أساساً.. فمثلاً، المخدرات محرمة، والأدلة كثيرة من الكتاب والسنة، رغم أن المخدرات تُستخدم في الطب ولها فائدة عظيمة، وهنا نسترجع ما ذكرنا سلفاً، أن الله حرّمها لأن سلبياتها أكثر من إيجابياتها، بحكم ضررها على البدن والدين والعقل والمجتمع. في ظل وضعية مجتمعنا المحافظ التي تُؤثر فيه العادات والتقاليد، ربما أكثر من أي شيء آخر، وفي ظل العقلية التي نشأ عليها المجتمع السعودي، فعيناه منذ وُلد، لم ترَ امرأة قط تقود السيارة! فنشأت عقليته على هذا الشيء، بل بمجرد ذكر قيادتها، يُعتبر مصيبة بل شيئاً يمس شرفه! فعندما يُطبّق هذا القرار، فجأة، وتقود المرأة، كيف ستكون ردة فعل تلك العقليات التي تمثل أكثر من نصف المجتمع؟ هل سيقفون مكتوفي الأيدي؟ أم سيعترضون،؟ وربما تصل تلك المعارضة إلى مشاكل لا تُحمد عقباها، وهذا متوقع حدوثه. هذه أول المشاكل التي لسنا بصدد تحمّلها من أجل القيادة.. سأذهب إلى ثاني المشاكل المتوقع حدوثها، وهنا أسترجع ما ذكرته سلفاً بأن المجتمع السعودي بُنيت عقليته على حٌرمة قيادة المرأة، وهنا لا أقصد التحريم، بقدر ما أقصد شدة المجتمع على بغضها ومنعها! فلو تحدّثنا عن فئة الشباب والمراهقين الذين يملكون عقلية مكبوتة من رؤية تلك الأشياء بحكم أنهم يعيشون في مجتمع محافظ جداً، وفجأة يرون فتاة تقود السيارة في الشارع! في نظركم كيف ستكون ردود أفعالهم؟ بالطبع، سيتفننون في التحرّش والتلاعب مع تلك المواقف، بل سيزداد الأمر سوءاً، ويتسبب ذلك في فتنة وزحام ومشاكل ومُشادات كلامية.. والمشكلة هنا لا تقع فقط على كاهل الشباب فقط، أيضاً بعض الفتيات هن من يتعمدن جذب الشباب إليهن، وهذه الفئة بالذات كثر وجودها في هذه الفترة التي نعيشها، هن من سيزدن المشاكل، إن طُبقت القيادة فعلياً... وفي ظل سوء التنظيم والتخطيط والطرق بشكل عام الذي تتسبب في زحام شديد تعاني منه المملكة.. والمرأة تمثل غالبية المجتمع حيث إن الإناث أكثر من الذكور، وهذا معروف لدى الجميع.. ماذا لو قادت المرأة في ظل ظروفنا هذه، كيف سيكون حال الزحام؟ وحال الطرق؟ بالطبع سيزداد ذلك سوءاً، والمرأة تقود سيارتها بين الفينة والأخرى صباحاً ومساء وفي أوقات الدوام، الذي معظمنا يشتكي فيها من الزحام! هل فكرتم بتلك المشكلة.