عندما كتب الدوس هيكسلي كتابه «عام جديد شجاع» لم يكن يطالب بأكثر من امتلاك الشجاعة للدخول في مرحلة زمنية جديدة لمواجهة تحدياتنا، والاستعداد لمرحلة نتجدد فيها فكريا ونفسيا ووجدانيا من أجل أن نخلق بعض التغيير الضروري لذواتنا، فالوقوف على أبواب الأمل دون تغيير في أدواتنا يجعلنا نتسول حتى أحلامنا، فيما هي مجانية وتأتينا بقدر تطلعاتنا وعزيمتنا وإرادتنا.. فهل نحن نمتلك بالفعل الشجاعة لنلج من باب عام جديد الى أفق جديد؟ شخصيا لدي أحلامي التي اتشارك فيها مع الكثيرين، وهي أحلام مشروعة جزء من خطة ينبغي أن نضعها في مسيرتنا خلال حياتنا، فالأعوام التي تمضي بمثابة عتبات في سلم طويل نحو غاياتنا وطموحاتنا، وقد لا تتحقق خلال هذا العام ولكن يكفينا شرف المحاولة والاجتهاد والسعي الجميل، والوقوف على ميزان النجاح والفشل بوضوح تام. قد يقول بعض الناس إن أحلامنا لن تتحقق مهما فعلنا لأنها ترتبط بآخرين أو جهات معنية بتحقيقها، وهؤلاء يقفون حجر عثرة أمام تحققها على أرض الواقع، ولكن في كل الأحوال ينبغي ألا يكفوا عن الحلم، أو التفكير، إذ حتما هناك خيارات وبدائل تصل بنا الى أحلامنا. بعض الناس يحلم بمسكن، ورغم أن ذلك حلم قد يستغرق أكثر من عام، ولكن لعل الله يحققه هذا العام بغير الطريق التي رآها في الحلم، رغم أني لا اتفاءل مع هؤلاء كثيرا إن رؤوا أن الطريق يمر عبر وزارة الإسكان وشعار «مسكني حلمي» لأن هؤلاء لا يزالون يحلمون وأشد من أزرهم وأدعو لهم بالفرج القريب. بعض الشباب يحلم بوظيفة، رغم أنه لا يفترض أن يرقى ذلك الى حلم، ولكن لنقل إنها وظيفة على قياسه وإمكانياته، ولكن ذلك يتطلب الإفاقة من الحلم والبدء في تهيئة نفسية وفكرية تواكب استحقاقات الوظيفة الحلم، فمن تعلقت همته بالثريا لنالها، وهكذا يبقى الحلم تطلعا وأملا وسعيا جميلا الى استحقاق مشروع ومطلوب. وهناك من يحلم أو تحلم بزواج سعيد تتوافر له أكثر المطلوبات التي يشكلونها حول فكرتهم عن الزواج، وقد يتم توقع ذلك خلال هذا العام أو التالي، ولكن هل أعدوا أنفسهم ليكون هو الفارس المحتمل أو هي الزوجة الحلم؟ هؤلاء مطالبون في العام الجديد بالتوقف مع أنفسهم وما إذا كانوا يستحقون ما يحلمون به أم هناك نقص في رؤيتهم. ليست كل الأحلام بالضرورة تكون ضربا من أحاديث المنام أو خيالا وأوهاما، وإنما أفكار وخطط تلتقي مع الأحلام للظن بأنها بعيدة عن المنال والتحقق، وأنها في كل الأحوال منامية أو في اليقظة تحتاج لتوفيق ربنا ويسره، ويبقى فقط أن نفكر بشكل إيجابي حول قدراتنا وفهم أنفسنا والتصالح معها لأن ذلك يقودنا مباشرة الى تحقيق أحلامنا، ويجب ألا نصعّب من تحقيقها لأننا إذا ضعفنا وتخاذلنا تحولت أحلامنا الى أمنيات وعجز يجعلنا نفشل في الوصول الى طموحاتنا. في العام الجديد يجب أن نرتقي بتفكيرنا ونكتشف طاقاتنا التي تجعل أحلامنا واقعا نحققه بأنفسنا، وما أجمل تلك الأحلام التي تتحقق حين نعمل لأجلها وننتقل بها من العقل الى حياتنا التي نعيشها، لذلك أقول احلموا واسعوا بأنفسكم لتحقيقها، لأن من سار على الدرب وصل. * باحث اجتماعي