اليوم - السعودية كم نسأل غيرنا ويسألنا غيرنا ما حلمك؟ الحلم وما أدراك ما الحلم، وهم يقصدون ماذا تتمنى؟ لاشك أن ممارسة الأحلام أمر طبيعي، وحالة معروفة حتى أحلام اليقظة التي تراود الكثيرين وتحبسهم أحيانا في أفكار فضائية، وخيالات كونية أمرها عادي. ما يكون مستغربا حقا هو عندما لا يفكر البشر في شيء، لأنه لا يمكن أن يكون العقل خاليا. في مجتمعنا، كثيرا ما نتمنى، ونحلم يقظين أو نائمين لا نعرف حدا لأمنياتنا، ولا بعدا لأحلامنا، نطلق عنان الفكر نحو الفضاء بلا هوادة، ونخلط الأوقات والتواريخ في بعضها. قد يصل بعضنا في أحلامه، وخيالاته إلى محطات يمنعه القدر الإلهي سواء أدرك أم لم يدرك، وترده الظروف فيستحيل أن يراها في واقعه. وهذا أمر طبيعي أيضا فليس كل ما نحلم به، أو نتمناه، يقظة أو نوما، يجب أن يتحقق. بالطبع فهناك ما نحققه في حياتنا، ولم نكن قد حلمنا به، وهناك ما حلمنا به ولم نستطع تحقيقه لأنه مكتوب لغيرنا. تعالوا نعود إلى بعض الحالمين.. عفوا الطامحين الآملين في مجتمعنا، تجدهم لا يملكون حتى ثقافة الحلم الحقيقي.. ولا فقه الأمنية، فالحلم عند بعضهم مطلق بلا إدراك الحال. العاقل يعمل والجاهل يتمنى. أحد شبابنا يحلم عفوا يطمح، ويتمنى أن يكون رئيس مؤسسة، والآخر يتمنى أن يحقق ثروة قدرها كذا وكذا بالأرقام، ويقول:((يحلّها الحلّال وقتها أدبّر أموري وبعرف وشلون أصرّفها)). آخر عمره على مشارف الثلاثين، يحلم بأن يكون لاعب كرة قدم بجانب لاعب مشهور، وأن يرفع كأس العالم، وذلك الرجل يحلم بل يتمنى أن يصنع شيئا غريبا .. ما هو ؟؟ لا يدري..!! المهم شيء غريب.. وفتاة عجيبة تحلم بل تتمنى أن تكون عارضة أزياء في ايطاليا.. وتلك الفتاة الباذخة تطمح أن تملك مطعم كنتاكي (طيب افتحي مشروعا مقاربا له وخليه يترزق).. وامرأة تتمنى أن تحصل على جائزة نوبل للآداب.. ماذا عملتِ؟ وكثيرة هي الأمثلة التي قرأتها صدفة وبحثا وامتلأت بها شبكة الإنترنت. إن الذي يرجو الخير والعون من الله لأجل حياته وآخرته، لا بد له من أن يعمل من أجلها، وألا يتمنى على الله الأماني، وهو مستلق على ظهره، يظن أن العالم طوع إرادته، والأسباب تتحرك وفق مشيئته الراكدة. وقد كان التحذير من التمادي والاغترار بالأماني، والخلط بين التمني، وهو: الرغبة في حصول شيء لم تكتمل أسباب وجوده الطبيعية بعد، وبين التغرير بالنفس ومخادعتها: وهي الرغبة في حصول شيء لم تتوافر أسبابه، ولم تنجز متطلباته من جهة، وبين ما يحصل كنتيجة طبيعية لجهد شاق، وإحساس إيماني متعلق بالله سبحانه. ختام القول، الحلم طبيعي، والطموح متاح، والتخيل مسموح، فليحلم الجميع وليتمن الكل بما يرغب في تحقيقه كهدف مشروع، لا من باب العبث و(السواليف)، احلموا فالأحلام والأمنيات جميلة .. لكن لا تعبثوا بفكركم ولا بأفكاركم.. ولا ترهقوا أذهانكم بالهوائيات.. احلموا بإدراك ويقين، احلموا بمعرفة وفهم، احلموا بالخير لأنفسكم ولغيركم ولمجتمعكم. احلموا بالمعقول والمقبول، احلموا بالمفروض والمقدور عليه، احلموا بحلم وعمل لا بكذب وجهل، احلموا بأحلام تنطق غدا لا بأحلام خرساء، احلموا بما يناسبكم وينفعكم دينا ودنيا، ولا تنظروا لما لدى غيركم وتتمنونه.