يحلو للجميع في بداية كل عام إجراء جردة حساب عن عام مضى. تتجدد الآمال في عام جديد، والمؤسف أن بعضنا يطلق العنان للأمنيات وليس للأفعال أو الإنجاز الحقيقي. تمر الأعوام تلو الأعوام.. نودع عاماً بعد آخر.. وينفرط الزمن من بين أصابعنا دون أن ندري, ينتهي عام بكل ما حمله من بهجة وفرح.. وبكل ما أضاف من هموم وأحزان. بداية العام موسم للتمني, ولكن يفترض أن يقترن بالأمنيات قدر هائل من الجدية والإصرار على تحويل الأحلام المجنحة إلى واقع، وإلى النظر للمستقبل بدراجماتية وواقعية لا تجعل الأهداف تشطح إلى بعيد وإلى ما هو خارج الممكن. إننا نعيش في منطقة تراق فيها دماء الأبرياء بسهولة وبعنف غير مقبول, كما أننا لم نقرر بعد كيف نخطو إلى مستقبل أفضل. وهذه الأوضاع المأساوية التي تفجعنا ليل نهار من شاشات الفضائيات تجعلنا لا نستقبل العام الجديد بكثير من الورد, ولكن... مع كل ما يجري من حولنا علينا ألا نفقد الأمل، وأن نرى الحياة الجميلة التي تستنشق فيها الشعوب هواء الحرية والكرامة، وأن يتحقق في كل هذه البقاع الملتهبة الأمن والسلامة والحياة الأفضل. إننا في عام جديد يجب ألا ينتابنا اليأس والقنوط , بل ينبغي أن يسكننا دائماً الفرح والبهجة والأمل,هذه المعادلة الصعبة بين ما هوقائم وبين ما ينبغي أن يكون تتطلب إرادة قوية وقدرة على مغالبة الألم، وأن نرى الحياة بدون نظارات سوداء، في محاولة أن يستبدل كل منا نظاراته القاتمة الألوان بنظارات مشرقة الألوان.. ولنأمل بزمن مليء بالأحلام الجميلة, وأن نطلق الأماني بزمن لم نعشه بعد. لنستقبل هذا العام بفرح وبشر.. ولنعمل على تحقيق أحلامنا.. ولنسعد بكل لحظات حياتنا.. ولنأمل.. ونأمل.. ولكن علينا أن نقرن الأمل بالفعل.. الفعل الجاد الواعي.. لكي يضيء الأمل نفوسنا بنور مشرق يبدد الظلمة في نفوسنا في هذا الوقت الصعب. لا بد أن نأمل.. وأن يكون جهدنا بقدر أمانينا، وأن تكون أمنياتنا واعية واضحة المعالم، لكي نراها متجسدة أمامنا، فيسهل تحقيقها بالعمل الجاد.. ولتكن أمنياتنا حسب قدراتنا، فكل أحلامنا وأمنياتنا إما أن تتحول إلى واقع نسعد به، أو تتحول إلى سراب يخدعنا، ولا يحقق ما نريد، وقد يدمي قلوبنا ويشقينا. ولكن وبكل الأحوال أقول لكم.. احلموا وتمنوا ولتكن أحلامنا وأمنياتنا شامخة.. ولنبذل الجهد في سبيل تحقيقها.. وألا يصيبنا اليأس عند الفشل.. بل لنخلق من الفشل طريقاً لنجاح مميز.. تتبعه نجاحات تسعدالقلب وتضفي الصفاء والرضا على النفس.. كل عام والجميع بخير، وأمنياتي للجميع أن تكون جردة الحساب في ختام العام مثلما رسمت في بدايته.