كثيراً ما يتلفظ الآباء والأمهات بكلمات لا يحسبون لها حسابا، ولكنها تدمر الأهداف التربوية التي ينشدونها. فالكلمة هي أساس التربية، ونحن نوجّه أبناءنا بالكلام ونحاسبهم بالكلام ونشجعهم بالكلام ونمدحهم بالكلام ونغضب عليهم بالكلام، فتربية الأبناء إما بالكلام أو بالأفعال وفي الحالتين هي كلام، فالكلام حوار لفظي والأفعال حوار غير لفظي، فالموضوع إذن كله كلام بكلام وهذه هي التربية. ومن خلال كثير من التجارب لحل المشاكل التربوية وُجد أن أكثر ما يساهم في انحراف الأبناء سوء استخدام الألفاظ والكلام، فكثير من الأبناء يستمعون إلى الكلام السيئ من آبائهم، وهناك فتاة بررت انحرافها وهي غير راضية عن نفسها بأنها أرادت أن تنتقم من سوء كلام والديها لها، وفيما يلي تسع كلمات تدمر نفسية الأبناء وتشجعهم على الانحراف وهي: 1- الشتم بوصف الطفل بأوصاف الحيوانات، 2- الإهانة من خلال الانتقاص منه بأوصاف سلبية والمقارنة، وهذه تدمر شخصية الطفل لأن كل طفل لديه قدرات ومواهب مختلفة عن الآخر، والمقارنة تشعره بالنقص وتقتل عنده الثقة بالنفس وتجعله يكره من يقارن به. 3- الحب المشروط، كأن تشترط حبك له بفعل معين مثل: أنا ما أحبك لأنك فعلت كذا، فالحب المشروط يشعر الطفل بأنه غير محبوب ومرغوب فيه، وإذا كبر يشعر بعدم الانتماء للأسرة لأنه كان مكروها فيها عندما كان صغيرا، ولهذا الأطفال يحبون الجد والجدة كثيرا لأن حبهم غير مشروط. 4- إعطاؤهم معلومات خاطئة، مثل (الرجل لا يبكي)، 5- إصابتهم بالإحباط، مثل (أنت ما تفهم)، 6- التهديد الوهمي، مثل: أذبحك، 7- المنع غير المقنع ورفض الطلبات من غير بيان السبب، 8- الدعاء عليه، مثل: الله يأخذك، 9- الفضيحة وكشف أسراره وخصوصياته. ووفقاً لدراسة عن الطفل، حيث أفادت بأن الطفل إلى سن المراهقة يكون قد استمع من والديه ستة عشر ألف كلمة سيئة من الشتائم، إلا أن الدراسة لم ترصد لنا إلا نوعاً واحداً من الأمراض اللسانية والتي ذكرناها، فتخيلوا معي طفلا لم يبلغ من العمر ثماني سنوات وفي قاموسه أكثر من خمسة آلاف كلمة مدمرة، فإن أثرها عليه سيكون أكبر من أسلحة الدمار الشامل فتدمر حياته ونفسيته. وقد اكتشف العلماء المعاصرون أن (الكلمة الطيبة والصدقة) لهما نفس الأثر على الدماغ. فلنحرص على انتقاء الكلام في بيوتنا فللكلمة أثر عظيم، فالقرآن الكريم أصله كلمة، والإنسان يدخل في الإسلام ويخرج منه بكلمة، والأعزب ينتقل للحياة الزوجية ويخرج منها بكلمة، فلا نستهين بالكلمة، ولنحرص عليها وعلى الكلمة المؤثرة التي تساهم في بناء أطفالنا وتنميتهم، فبالكلام نصنع السلام والوئام ويكون أبناؤنا تمام التمام.