كنتُ قد ذكرت في المقال السابق أن تويتر شكل مساحة واسعة لممارسة الحرية في الكتابة ولكنها ليست حرية مفتوحة بلا حدود كما يظن الكثيرون بل لتويتر حدوده وصُنّاعه الذين يتحكمون في مساحة التغريد في أرجائه، ففي يونيو 2013 سرب إدوارد سنودين- الموظف السابق في وكالة الأمن القومي الأميركية- وثائق سرية إلى صحيفتي الغارديان البريطانية وواشنطن بوست الأميركية، تتضمن معلومات عن برنامج المراقبة التابع لوكالة الأمن القومي الأميركي والمسمى «بريزم»، هذا المشروع التجسسي الضخم هو عبارة عن برنامج لوكالة الأمن القومي الأميركي، يتيح لها جمع وتحليل المعلومات عبر الوصول المباشر إلى خوادم مواقع الإنترنت الكبرى للحصول على رسائل البريد الإلكتروني والمحادثات، دون الحاجة لأمر قضائي، بدأ العمل ببرنامج بريزم عام 2007 وأول المواقع الكبرى التي استخدمها في هذا العام كانت شركة مايكروسوفت وصولاً إلى آبل في عام 2012، وفيما أنكرت معظم الشركات علمها بهذا البرنامج اعترفت به الإدارة الأميركية وأدانت كشفه. ثم ظهر مسار تجسسي آخر، كشفت عنه وثائق سنودن، وهو برنامج مخبر بلا حدود، وهو برنامج ضخم لجمع وتحليل المعلومات، وقد جمع هذا البرنامج نحو 100 مليار معلومة استخباراتية، كما كشف أيضاً عن برنامج X Key store الذي أطلقته وكالة الأمن القومي الأميركي في العام نفسه، ويعتبر هذا البرنامج من أخطر وأحدث برامج التجسس،حيث يتيح للوكالة مراقبة شاملة للعمليات التي تحدث في الإنترنت من دون حاجة للمتطلبات التقليدية لعملية الاختراق، مثل رقم IP للمستخدم، ويعتمد هذا البرنامج على أكثر من 700 خادم في أنحاء العالم، بما في ذلك روسيا والصين وفنزويلا. ويرى الخبير في أنظمة المعلومات «محمد التكريتي» أن الولاياتالمتحدة تعتبر الراعية للانترنت في العالم، وهي المسيطرة على الخادمات والشبكات الرئيسة في الإنترنت، ويعتبر أن ما تسرب يعد شيئاً يسيراً مما سيظل مخبئاً، ويرى أن ثمة دولا تحاول التحرر من السيطرة الأمريكية على شبكة الانترنت الدولية، وهو أمر قد يحدث مستقبلاً، ولكنه يحتاج وقتاً، وهو مكلف أيضاً. من الشواهد الحديثة التي تؤكد ما ذكرناه ما شاهدناه خلال الأسابيع الماضية من تقلص كبير في المعرفات التويترية الداعمة لتنظيم البغدادي «داعش» فبعد أن كان تويتر يضج بجيش الكتروني داعم للتنظيم إذا بالحال يتغير بشكل كبير بعد إعلان أمريكا الحرب على التنظيم فقامت إدارة تويتر بملاحقة المعرفات الشهيرة للتنظيم وإغلاقها ولاحظ عامة الناس انحساراً في التواجد التويتري للتنظيم.. هذا شاهد من شواهد كثيرة يدل على أن تلك المساحة من الحرية في تويتر وشبكة الانترنت ليست بلا سقف وإن كان سقفها يُعد مرتفعاً بالنسبة للمجتمعات العربية.