انتقلوا من "ضهر البيدر" إلى ساحة "رياض الصلح" ناصبين الخيم، غاضبين، ثائرين، ملوحين بالمزيد من التصعيد، بعدما قتلتهم نار الاشتياق والحيرة والقلق على مصير أبنائهم جنود الجيش اللبناني المحتجزين لدى "جبهة النصرة" و"داعش" منذ ما يزيد عن سبعين يوماً.. إلا أن ليس في اليد حيلة سوى قطع الطرقات ونصب الخيم والاعتصام في "رياض الصلح" بجانب السرايا الحكومية بعدما أجبرهم الطقس البارد على النزوح من البقاع القارس باتجاه بيروت الأكثر دفئاً مع قرب فصل الشتاء، لحين ظهور "بصيص أمل" أو تبلور بعض الحلول على خط المفاوضات التي تجريها الحكومة اللبنانية عبر الوسيطين التركي والقطري. تعجز الكلمات عن قراءة الوجوه ونقل الحالة المأساوية التي يعيشها أهالي المخطوفين، فما بين غاضب وحزين نجد عاجز ومقهور، إلا أن "الاتكال على الله" يبقى العنوان الأبرز والأمل الكبير لفك أسر أبنائهم وعودتهم الى أسرهم ووطنهم منتصرين غير منكسرين. لا تخلو ساحة "رياض الصلح" من الزيارات المكوكية التي يقوم بها أهل السياسة من نواب ووزراء ومعنيين وعلى رأسهم وزير الصحة وائل أبو فاعور الذي يزورهم دورياً، حيث توجه إلى الخاطفين قائلاً: "أولاً تحمل الأهالي وزراً لا يستطيعون احتماله، الضغط على الأهالي والتهديد بذبح أبنائهم لا يجدي نفعاً لأن الأهالي وأبناءهم ليسوا هم من يملكون القرار". أضاف: "ثانيا: الدولة اللبنانية جادة وجدية في مسألة المفاوضات، هناك حلقة مفقودة في التفاوض يجري علاجها، الدولة جدية وجادة وتريد أن تصل الى نتيجة في هذا الملف. أرجو الا يؤخذ العسكريون وأهاليهم بجريرة بعض التعثر الذي حصل، والذي ليست الدولة مسؤولة عنه، وليست الحكومة وليست خلية الأزمة وليس اللواء ابراهيم هو المسؤول عن هذا الأمر. حصل تعثر ما، هناك حلقة مفقودة يجري العمل على علاجها". وتابع: "أؤكد للخاطفين، ليس من باب الاستجداء أو الضعف بل من باب المنطق والحقيقة، إن الأهالي لا يملكون أمراً وأبناءهم المعتقلين لا يملكون أمراً، والدولة اللبنانية لا نية لديها للمراوغة". «اليوم» في «رياض الصلح» ومن رياض الصلح، وبحرقة قلب يقول نادر ابو قلفوني (شقيق العسكري في الجيش ناهي بوقلفوني): ان "ناهي اتصل بهم منذ عشرة أيام"، آملاً "خيراً من سير المفاوضات خصوصاً بعد تصريحات الحكومة مؤخراً والاتفاق على بنود المقايضة بالإجماع". وقال: "لقد تلقينا وعداً من السياسيين بحل هذه القضية قريباً، وسبق ان قطعنا الطرقات لعدم لمسنا لأية حلحلة في السابق، أما اليوم فهنالك تهدئة لهذا أوقفنا قطع الطرقات طالما هنالك صدق في التعاطي، ولن نصعد الا اذا لمسنا عكس ذلك سوف نعمد للجوء الى المزيد من الوسائل والتصعيد سيكون أكثر من السابق بكثير". اضاف: "لم نأت الى ساحة رياض الصلح للجلوس بجانب السرايا الحكومية للمكوث في الطريق فحسب، بل سنبقى في الخيم لحين حصول تطورات في هذه القضية"، مؤكداً ان "قطع الطرقات ساهم بشكل مباشر في هز الحكومة، الا اننا شعرنا من خلال قطع طريق ضهر البيدر اننا أزعجنا المزارع البقاعي، اضافة الى ان الطقس يميل الى برودة أكثر في الأيام المقبلة مع قدوم فصل الشتاء، لذلك اخترنا هذه الساحة لاعتمادها كمقر ثابت ورسمي لنا". وكشف عن أشكال التصعيد في حال عدم وفاء الحكومة بتعهداتها "كقطع طريق المطار والاعتصام أمام السفارات ..". أما صابرين عمر (زوجة العسكري في قوى الامن زياد عمر)، فتقول: "سبق وتحدث معنا زياد منذ شهر ونصف منذ بداية عملية الخطف وطلب منا الوقوف في وجه من يعرقل سير المفاوضات والنزول الى الشارع وقطع الطرقات لحين الافراج عنها". ولا تتأمل صابرين من "الحكومة حل القضية، لأنه سبق واختبرناها في العديد من الأمور ولم تفي بوعودها". وقالت: "نسمع اليوم العديد من التصاريح المتفائلة في انجاز هذا الملف، لهذا سنبقى في ساحة رياض الصلح لحين تبلور جديد، وفي حال العودة الى العرقلة فسوف نلجأ الى التصعيد من خلال عدة خطوات كقع طريق المطار أو الكازينو أو المرفأ". واوضحت انه "تبين أن قطع طريق ضهر البيد لا يضر سوى الفقير في البقاع الذي يشبهنا لهذا اخترنا شارع المصارف في وسط بيروت والذي يعد مرفقاً حيوياً". ومن "القلمون" ومن منطقة القلمون، أعلن سمير مغيط والد الجندي المخطوف ابراهيم مغيط، "أننا لن نستكين الى أن يعود الجنود أحياء الينا"، قائلاً: "ان لم تحل هذه القضية سنعتصم أمام منازل الوزراء والنواب". وشددت والدة الجندي خالد الحسين على انها "لم تنم منذ أن تلقت اتصالا من ابنها المهدد بالذبح، وهي تحدثت اليه وأخبرها بأن السكين على رقابنا وان هناك مهلة ثلاثة ايام لانجاز التفاوض"، معربة عن غضبها "كون لا أحد يشعر بالوجع الذي يعيشونه". من جهتها، توجهت والدة الجندي محمود عمار الى "رئيس تكتل الاصلاح والتغيير" النائب ميشال عون الذي يرفض مبدأ التفاوض ولا يريد أن نستعيد أولادنا، بأن "يشعر معنا بعض الشيء لان السكين موضوعة على رقاب الشباب وهو ما يزال يتفرج عليهم".