تعمل السعودية في هدوء على إبلاغ المتعاملين في أسواق النفط بأن الرياض لا تنزعج من استمرار الانخفاض الملحوظ في أسعار الخام لفترة طويلة، وهو ما يمثل تحولاً في سياسة المملكة، قد يكون الهدف منه إبطاء وتيرة توسع منافسين من بينهم منتجو الخام الصخري في الولاياتالمتحدة. ويدعو بعض أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) من بينهم فنزويلا، إلى خفض عاجل للإنتاج من أجل دفع الأسعار العالمية للصعود مجدداً فوق 100 دولار للبرميل. وتعكس المناقشات التي أجري جانب منها في نيويورك خلال الأسبوع الأخير، أكثر المؤشرات وضوحاً حتى الآن. على أن المملكة تنحي جانباً استراتيجيتها القديمة التي تعمل بموجبها على إبقاء سعر خام برنت قرب مائة دولار للبرميل، سعياً للحفاظ على حصتها بالسوق في السنوات المقبلة. وتضخ السعودية نحو ثلث إنتاج أوبك من النفط، ويقدر إنتاج المملكة بنحو 9.7 مليون برميل يومياً. وقال أحد المصادر: إن مسؤولاً سعودياً سُئل عن خفض إنتاج المملكة في المستقبل، فأجاب «أي خفض؟». ولم يتضح إن كان ما أبلغت به السعودية مراقبي سوق النقط يمثل نهجاً جديداً تلتزم به، أو محاولة لإقناع أعضاء آخرين في أوبك للانضمام للرياض في تقليص الإمدادات مستقبلاً. وقال مصدر لم يشارك في المناقشات مباشرة: إن المملكة لا تريد بالضرورة أن تواصل الأسعار انخفاضها ولكنها لا ترغب في تحمل عبء خفض الإنتاج وحدها وهي مستعدة لقبول انخفاض الأسعار حتى يتعهد أعضاء آخرون في أوبك بالتحرك. ومن المتوقع أن يكون الاجتماع المقبل لأوبك في 27 نوفمبر هو الأصعب منذ سنوات نظراً لعدم قدرة معظم الأعضاء الآخرين على خفض الإنتاج أو لعدم رغبتهم في خفضه. ولم تقر أوبك خفض الإنتاج إلا بضع مرات في العقد الأخير، كان آخرها في أعقاب الأزمة المالية في عام 2008. ويوم الجمعة، أضحت فنزويلا - وهي من أكثر أعضاء أوبك تأثراً بالأسعار - أول دولة تطالب علناً بتحرك عاجل حتى قبل الاجتماع الدوري. وقال وزير الخارجية رفاييل راميريز: «لن يستفيد أحد من حرب الأسعار أو هبوطها عن 100 دولار للبرميل.» ويبدو وزير النفط الكويتي علي العمير كان أول من يوضح التوجه الجديد للسعودية أكثر الأعضاء نفوذاً في أوبك، إذ قال، الأحد: إن خفض الإنتاج لن يسهم كثيراً في تعزيز الأسعار في مواجهة زيادة الإنتاج من روسياوالولاياتالمتحدة. وانخفض مزيج برنت في العقود الآجلة بشكل مضطرد على مدار أربعة أشهر تقريباً، ونزل 23% عن مستوى مرتفع فوق 115 دولاراً في يونيو مع انحسار المخاوف من تعطل إمدادات الشرق الأوسط، وفي ظل طفرة النفط الصخري في الولاياتالمتحدة وبوادر على تراجع الطلب من أوروبا والصين. وحتى وقت قريب دأبت الدول الخليجية الأعضاء في أوبك على وصف هبوط الأسعار بأنه ظاهرة مؤقتة مراهنة على أن الطلب الموسمي في الشتاء سيعزز الأسعار. ولكن عدداً متزايداً من المحللين باتوا ينظرون إلى الهبوط الأخير على أنه أكثر من كونه تراجعاً موسمياً ويقول البعض: إنه بداية تحول مهم إلى فترة طويلة من الوفرة النسبية في المعروض. ويبدو أن السعودية تهيئ المتعاملين لتحول كبير في الأسعار بدلاً من محاربة هبوط الأسعار وتخليها عن حصتها في السوق في مواجهة منافسة متزايدة. وقال أحد المصادر: إن السعوديين يريدون من العالم أن يدرك أنه «يجب ألا يندهش أحد» من انخفاض الأسعار عن 90 دولاراً. ولمح مصدر آخر إلى أن مستوى 80 دولاراً قد يكون حداً أدنى مقبولاً للمملكة، رغم أن بعض المحللين الآخرين يقولون: إنه يبدو منخفضاً جداً. ويقترب متوسط سعر برنت من 103 دولارات منذ عام 2010 وتراوح معظم الوقت بين 100 و120 دولاراً.