الأسبوع الماضي تلقيت رسالة إلكترونية على بريدي من الخطوط الجوية الملكية الهولندية، وحيث إني أحد أعضائهم, مفادها توجيه دعوة لي كباقي الاعضاء للاستمتاع بخصم قدره 40 بالمائة بمناسبة مرور 95 عاما على تأسيس الشركة التي رأت النور في السابع من أكتوبر عام 1919م. 95 عاما تعني ما يقارب القرن من الزمن , 95 عاما أي قبل استقلال بعض الدول! 95 عاما عمرٌ ليس بالهين إطلاقا واليوم يعمل بها ما يقارب 33 ألف موظف. قبل أن أبدأ في سرد القصة فإن هذه الشركة بالنسبة لي من أفضل الشركات التي تعاملت معها هذا لا يعني أني لم أواجه أي مشكلة أو تأخير، لكنهم حتى في حل المشاكل مبدعون ويتجاوزون التوقعات. الشركة - كما ذكرت - احتفلت بخمسة وتسعين عاما على انشائها , وقامت باستعراض تاريخها من بداياتها حتى أعظم انجازاتها , وما لفت نظري أنهم كانوا دائما يفكرون في كيفية تجاوز توقعات عملائهم، بل بمفاجأتهم بما قد لا يتوقعونه حتى لو كان دون مقابل مالي, فأن تجعل العميل وفيا لك فهذا لا يقدر بثمن أبدا. الشركة في كل مرة تسابق الزمن وآخر ما فكرت فيه رغم أنها ليست معنية بسذاجة بعض المسافرين ونسيانهم وضعف ذاكرتهم, فقد لاحظت الشركة أن بعض المسافرين ينسون بعض أمتعتهم وحاجياتهم الشخصية في الطائرة عند وصولهم ولا يكتشفون ذلك إلا لاحقا , مثل سماعات الاذنين أو الهواتف أو غيرها. فقررت الشركة التفكير في حل لهذه المشكلة, وفعلا وجدت حلا لأنها لم تشكّل لجنة لايجاد الحل كما يحدث عندنا, فقررت بعد هبوط الطائرة ونزول كافة المسافرين ومن ثم يقوم المضيفون بتفقد الطائرة فورا وفي حالة وجود أي متاع شخصي فإنهم يستدعون أحد الكلاب - أكرمكم الله - الذي من خلال شم رائحة ذلك المفقود، ومن ثم ينطلق في المطار ليبحث عن صاحبه عن طريق رائحته وفعلا لا يستغرق سوى دقائق معدودة ليجد صاحبه قبل أن يغادر المطار. بعد معرفتي بهذه القصة خاصة مع مرور اليوم الوطني الشهر الماضي, قلت: إن مثل هذا ليس صعبا على شركاتنا خاصة أننا نملك أكثر من شركة طيران داخلية حاليا وفي المستقبل القريب, لكن للأسف فبدلا من النظر الى خطوة الى الأمام تفاجأت بالرجوع عشرين الى الخلف. عصر يوم الاثنين الماضي سافرت الى الرياض عن طريق "طيران ناس" كانت رحلتي في موعدها تماما, بعد ان حجزت من الموقع الالكتروني ودفعت قيمة التذاكر , أعجبت بالطائرة الحديثة التي لم تكن كأي طائرة تابعة لطيران اقتصادي متدنية الجودة , وبحكم ذلك كانت الخدمات على متن الطائرة ليست مجانية. وحين سألتني المضيفة ماذا أريد أن أشرب, فقلت: من فضلك شاي فقالت: للأسف لا يوجد فقد انتهى للتو , رفعت رأسي واستدرت بنظرة داخل الطائرة فوجدت أن أكثر من نصف مقاعدها فارغة وقلت لها: أكثر من نصف الطائرة فارغة فهل المتبقي منها كلهم طلبوا «شاي» لينتهي قبل أن تصلي إليّ؟ حينها تذكرت تلك الخمسة والتسعين عاما التي انقضت من عمر شركة الخطوط الهولندية وأظننا سنحتاج إلى خمسة وتسعين عاما أخرى حتى نضمن "كوباً من الشاي" على متن إحدى طائرات خطوطنا. بإذن الله,ألقاكم السبت المقبل, في أمان الله. ماجستير إدارة أعمال - جامعة الملك فهد للبترول والمعادن