كتاب «المبدعون» من تأليف والتر إيزاكسون مع أدا لافليس، ابنة اللورد بايرون وواحدة من النساء القليلات اللاتي ظهرن في هذا الكتاب والتي ليست زوجة في الكواليس. في منتصف القرن التاسع عشر، شرعت لافليس بدراسة الرياضيات لضبط عقلها الفنان وربط نفسها مع تشارلز بابيج، مبتكر أول جهاز كمبيوتر. (مصنوع بعجلات نحاسية كبيرة، بإمكانه حساب الأعداد الأولية وحل المعادلات). ونتيجة الاستلهام من آلات جاكارد الأخيرة، اقترحت لافليس برمجتها مع بطاقات مثقوبة، بالتالي زيادة تعُدد استخدامها بشكل كبير. كما تصوّرته أيضاً كجهاز بإمكانه معالجة الموسيقى، والأنماط، والشعر - بعبارة أخرى، يشبه كثيراً الجهاز الذي لدينا جميعاً في جيوبنا. في نهاية المطاف، انتهت شراكتهما العاطفية والعاصفة، وتمت إزالة عجلات بابيج النحاسية ووضعها في مخازن مُغبّرة وعليّات، بانتظار العالم للحاق بها. كتاب المبدعون هو جولة خاطفة على العصر الرقمي، بتقديم ابتكار بعد ابتكار في معظمها على شكل تعليقات وتحليلات صغيرة. القصص مألوفة، لكن حين تجدها أمامك مجتمعة فإنها تحقق سرعة مُرضية. الهاجس المركزي لإيزاكسون هو كيفية تقسيم الفضل بين هؤلاء المساعدين الخارقين، وأجهزة الاتصالات، والشبكات العالمية. يقوم بدراسة الثقافة التي احتضنتهم والتوترات بين العبقرية الفردية والعملية الجماعية. هناك تصنيف سريري كامل لشراكات تعتبر مَرَضية وقريبة من الكمال على حد سواء. (مثلاً نقرأ تعليق بوب تايلر عن لاري روبرتس، شريكه في الإنترنت حين كانت في بدايتها: «يدّعي لاري أنه وضع الشبكة بنفسه، وهذا أمر زائف تماماً. أنا أشعر بالأسف عليه». أما روبرتس فيقول عن تايلر: «أنا لا أعرف أي فضل أمنحه باستثناء توظيفي». هناك زوج أكثر عملية: تحالف روبرت نويس المؤمن بالمساواة مع «المواجهة البنّاءة» لآندي جروف خلال الأيام الأولى لشركة إنتل». يقوم إيزاكسون بسرعة بتوزيع مساهمات الجميع، فهو قاضٍ يطرق من خلال وعاء كبير، يوازن بين نفاد البصيرة الخالص والمعرفة التكنولوجية والظهور فقط. بطريقة ما، هذا الكتاب عن الخطوط المعقدة للقوة والنفوذ في صداقات الذكور، من خلال تحريض وإزعاج بعضهم البعض. أكثر وأكثر، يبدو أن يوريكا (وجدتها) هي المداعبة لعملية الاكتتاب العام الأولي. هنا، كما في جميع كتب إيزاكسون، توجد عاطفة شخصية مشرقة. إنه عريف حفل فائز. كل عالِم يحصل على وصف موجز: طفولة شاقة للتغلّب عليها؛ أحد الأبوين حاسم؛ لوحة من الهوايات؛ مساحة حيث كان يحلم أحلامه، عليّة أو مرآب أو مختبر أو سيارة. فضول إيزاكسون محشور في خِضم هذه الدراما – وهو دور ضروري للصحفي - ومن خلال مشاركة مرحهم، يقوم بتجسيد الرضا البدائي لحل المشاكل معاً وتغيير العالم. المبدعون هو عنوان متواضع بشكل مناسب، لأن كثيراً من المشاكل التي تم حلها تبدو صغيرة وحدها: تكوين مختلف من الأقطاب الكهربائية، بوضع فيلم على رقاقة السليكون. معظم هذا تم في البيت، من خلال حل الألغاز اليومية بالأدوات المتوفرة. السحر لا يبدو سحراً عندما يُنظر إليه مع الحل المناسب. كما أن النهايات أيضاً عادية جداً - حساب مسارات المدفعية، أو التعاون من مسافات بعيدة، أو إدخال نقطة بيضاء على شاشة وبالتالي جمع كميات ضخمة من أرباع طلاب الجامعات. القصة تنتقل من العلوم إلى الجيش إلى الإدارة، وقد انتهى نصف الكتاب قبل ظهور أول دعوى قضائية، التي تتكاثر بعد ذلك. كما تميل القصة للانتقال من الشرق إلى الغرب. الموضوع الفرعي هو الإطاحة بالرؤساء التنفيذيين الاستبداديين ومساعديهم بالملابس الرسمية. إن تغيير الممارسات ورفع قيمة عالم الأعمال من قِبل رعاة بقر سليكون فالي هو أسطورة تأسيس صناعة التكنولوجيا، حتى عندما يصبح رؤساؤها التنفيذيون أكثر قوة بكثير. لقد كانت رائدة في مختبرات بيل، حيث القاعات بحجم ملاعب كرة القدم، مليئة بالأشخاص الأذكياء من مختلف التخصصات، وهو ما سمح بالتشويش الإبداعي. فقط أضف العباقرة! بالطبع، كان هناك تقليد واعٍ لهذه الثقافات. قيم المنعزلين والتائهين والأنانيين، إلى جانب طاولات لعبة الفوسبول والهاكي ساك وغرف اللياقة البدنية وريسيس بيسيس، تم تثبيتها في قاعات الشركات الأكثر قوة وجشعاً في العالم. ويتم الآن تعليم المبادئ التعاونية التي وضعها أمثال نويس في جامعات مثل هارفارد وستانفورد. وقد تشربها أطفال المؤسسات الشباب الذين حصلوا على امتحانات قبول مثالية، الذين بالنسبة لهم العلوم، في حين أنها بدون شك عاطفة أصلية، هي أيضاً محطة على طول طريق الوصول إلى اقتناء سيارة البورشة. أكثر وأكثر، يبدو أن يوريكا هي المداعبة لعمليات الاكتتاب العام الأولي. الكتاب بالفعل هو عن عصر اللورد بايرون للأبطال الخارقين في مجال التكنولوجيا، عصر يبدو أنه قريب إلى نهايته أكثر من بدايته. عندما تم تجاوز وليام شوكلي من قِبل زملائه في السباق لبناء الترانزستور، غضب ومن ثم انتقم، من خلال خلق ابتكاره البديل الخاص به. لكن عندما قام اثنان من المؤسسين الثلاثة لشركة سناب تشات بطرد الثالث - زميلهم في أخوية ستانفورد، الذي كان له الفضل بعبقرية النصوص التي تختفي - غضب لكنه حصل على تسوية في النهاية. سر التكنولوجيا الذي يرغب به الجميع محلول الآن هو: كم مقدار هذه التسوية؟