مقدار الأموال التي تنفقها الصين سنويًا على الأبحاث والتطوير ارتفع بمعدل 3 مرات منذ عام 1995 – حيث وصل إلى 163 مليار دولار في عام 2012، أو ما يعادل 1.98 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.. وفي الوقت الذي تقوم فيه الحكومة بتشديد قبضتها على الفساد في مجالات أخرى، فإن إدارة الرئيس تشي جين بينج حوّلت انتباهها الآن إلى الحد من الفساد الهائل في مجالات الأبحاث بما في ذلك اعتقال كبار العلماء والمديرين الذي يُشتبه بأنهم يختلسون الأموال.. وفي يونيو، على سبيل المثال، اعتقل سونج ماو كيانج، العميد السابق لكلية علوم وتكنولوجيا الكمبيوتر في جامعة بكين للبريد والاتصالات، وحصل على حكم قاس بالسجن وصل إلى 10 سنوات مقابل اختلاسه 110 آلاف دولار من الأموال المخصصة للأبحاث. وأحد مكوّنات الحملة الصينية لمكافحة الفساد هي إلزام وكالات الحكومة المركزية بالإفصاح عن الميزانيات السنوية المخصصة للأبحاث.. وفي عدد 29 أغسطس من مجلة Science العلوم، قال باحثان يعملان في جامعة داليان للعلوم والتكنولوجيا في الصين وفي جامعة نوتنجهام في بريطانيا بالتنقيب عن المعلومات المتاحة في الميزانية من أجل «فتح الصندوق الأسود لنفقات الأبحاث والتطوير في الصين». وهناك 3 أجهزة حكومية وهي وزارة العلوم والتكنولوجيا، والأكاديمية الصينية للعلوم، والمؤسسة الوطنية العلمية للصين كانت معًا مسؤولة عن توزيع 3 أرباع نفقات الأبحاث في عام 2011 تقريبًا.. تعطي هذه الوكالات الحكومية منحًا للأبحاث من خلال عمليات مراجعة مقترحات ومشاريع أبحاث تنافسية (تهدف أحيانًا إلى تحقيق الأهداف الوطنية أو أولويات الأبحاث)، ومن خلال أبحاث تتم وفق مقاولات. بصورة عامة، الأبحاث التي تعطى عن طريق المقاولات هي التي يرجّح أن تنطوي على عناصر من الفساد. وغالبًا ما تنطبق هذه الفئة على الأبحاث المتعلقة بشؤون الدفاع. وبعد التنقيب في السجلات الكبيرة من البيانات المحدودة التي أتيحت للعموم، لم يتمكن الباحثان في مجلة العلوم، وهما يوتاو صون وكونج كاو، بالضبط من التحديد التام لجميع الأموال التي خصصتها بكين لميزانية الأبحاث والتطوير. وقال الباحثان: «جزء يسير يقل عن النصف (عند نسبة 45.2 في المائة) من نفقات الحكومة المركزية على الأبحاث والتطوير في عام 2011 لم نجد له تفسيرًا ولم نعلم أين ذهب».. وتكهّن المؤلفان بأن هذه الأموال «من المرجح أنها أُنفِقت على 8 وكالات مرتبطة بشؤون الدفاع والتي لم يتم الإبلاغ عنها في التقارير السنوية للأجهزة المعنية». وتشير حسابات المؤلفَين إلى أن الصين خصصت في عام 2011 ما نسبته 4.7 و 11.8 في المائة من ميزانيتها السنوية للأبحاث والتطوير على الأبحاث الأساسية والتطبيقية، على التوالي.. وهذه نسبة مئوية أدنى بكثير مما هي في البلدان التي ترجو الصين أن تتمكن من منافستها في يوم ما، مثل الولاياتالمتحدةواليابان. ففي عام 2009 أنفقت الولاياتالمتحدة 19.7 و 17.8 في المائة من إجمالي ميزانيات الأبحاث والتطوير على الأبحاث الأساسية والتطبيقية على التوالي.. وأنفقت اليابان 12.5 و 22.4 في المائة. واختتم المؤلفان البحث بقولهما: «الحصة المتدنية من نفقات البحث العلمي أثرت سلبًا على قدرة الابتكار في الصين، وربما تُضِر بطموح الصين لتصبح أمة مدفوعة بنشاطات الأبحاث».