جاءت صحف ورقية وإلكترونية بعد نصف قرن من عمرها المديد، فاستمر بعضها وانكفأ آخرون. فما سر تألق صحيفة (اليوم) وديمومتها بالمنطقة الشرقية وتبوُّئِها المركز الأول؟، حيث غدت متلازمة مع القارئة والقارئ الصباحي رغم المصاعب والعواصف التي تمر على أي مؤسسة مشتركة، ومع ذلك شاءت المشيئة الإلهية ثم عزيمة الرجال الذين تعاقبوا عليها تحريرا وادارة وصحفيين ومتعاونين وفنيين، أن تكون متألقة دوما، بل وتتجدد أفكارها وتتبدل رؤيتها وتصقل مواهبها، وهذا هو السر الواضح الأول. ف «اليوم» رغم عمرها الطويل والأجيال التي تعاقبت عليها، أثبتت أنها بكر لا تهرم وجميلة لا يلحقها اليأس، وأنيقة لا يعتريها العوج أبدا، رغم طلتها المتجددة يوميا، فقد تمسكت بذلك الرونق الذي يأسر الألباب، حظيت فيه بدعم متواصل وحب مستمر من قارئاتها وقرائها على كافة المستويات، إيمانا برسالتها الدائمة في معلومة صادقة وجريئة، تنقل وتعبر عن طموح المواطنين والوافدين في آن واحد وذاك السر الثاني. فماذا حققت عند المواطن الشرقي على وجه الخصوص؟ بحكم أنها تخرج من منطقته، رغم أن رؤيتها وما أحلم به في المستقبل كمحددات زمنية منظورة، أن تكون خليجية وعربية بالدرجة الأولى، لتخرج في عباءة جديدة بقدرات وإمكانيات أكثر تألقا، رغم أن الانتماء الجغرافي أحد المحددات التي ترسم الأهداف القصيرة وبعيدة المدى لأي مشروع تجاري ناجح. فهل أعادت صياغة الاعلام السعودي، وشاركت في رسم أطره العامة والخاصة..؟ وهل تشَكَّل من عرينها جيل من الأوائل والشابات والشباب، دعمت مواهبهم وقدراتهم الإعلامية ورسمت سبل النجاح لهم..؟ وهل حققت نسب توظيف وطنية وطورت من قدراتهم من الجنسين؟ وهل رسمت الأمل في غد مشرق عبر نشر آرائهم الحياتية والعلمية والثقافية والوطنية والدينية والتاريخية والاجتماعية؟. وهل لامست مشاعرهم ومناسباتهم، وتلمست احتياجاتهم ونقلتها بكل شفافية وأمانة دون خجل لمن يهمه الأمر؟ وهل غدت وجبة كاملة الدسم لا يمكن الاستغناء عنها، يجد فيها القارئ كل ما يتمناه يطمح اليه ضمن منظومة مجتمعية وطنية صالحة؟. وهل شاركت في ايجاد تيارات متنوعة تحمل السياسة والاقتصاد والتربية والطب والانترنت والرياضة؟ فساعدت في صياغة المواطن الشرقي الذي يساهم في بناء الوطن النقي الوسطي بصورة سوية ومتوازنة؟ فاذا كان الجواب في متنها وعبر عروقها ونبضها، وقد آمن القراء والقارئات بذلك فهو دليل نجاح منقطع النظير، لأن المدة الزمنية وفي بعض المنتجات لا تعني النجاح دوما، كشركات التبغ رغم تزامنها مع الأدوية والكل يهدف للربح ولكن الأول المادة أولا. أما الثانية و(اليوم) فالقارئ الواعي أولا. وهذا هو سر تألقها المستمر باعتقادي. وحقيقة الأمر أنني بهذا المقال لا أسوغ نفسي لأحد أبدا، بل على العكس ففي اللقاءات أبوح بالنقد الهادف جهرا؛ لأن الغاية هي الارتقاء لخدمة الاعلام السعودي، ونشر ثقافة البناء والتطور والنجاح لمؤسستنا الوطنية، ليكون القراء والكتّاب والصحفيون والفنيون والادارة والتحرير، تجمعهم رسالة السلام والمحبة، وهذا هو مضمون الاعلام الشريف الصادق مع نفسه ومتابعيه حول العالم. وقبل الختام، اليوم عيد سعيد وأضاحٍ وتهانٍ، أزفها لمقام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد وسمو ولي ولي العهد - حفظهم الله جميعا - والأسرة الحاكمة وأجهزة الدولة المدنية والعسكرية بوزاراتها ومؤسساتها، كل في موقعه والشعب السعودي الكريم. وفي الختام كل عام وبلاد الحرمين الشريفين ترفل بالخير والتطور والنماء، كما أسأله تعالى أن يتمم على الحجاج مناسكهم بأمن واطمئنان، ويعودوا إلى ديارهم سالمين غانمين مغفوراً لهم ذنوبهم، متقبلا نسكهم ولنا ولهم أجمعين آمين. *أستاذ مشارك المناهج بجامعة الدمام