عشرون ميدالية ذهبية حققتها المملكة في المشاركات الأولمبية الآسيوية على مدار تاريخها، السواد الأعظم منها حصيلة لأم الألعاب (ألعاب القوى) والفروسية، والمتأمل لاتحاد اللعبتين وإستراتيجيتهما يدرك تماما أنهما وضعا لبرنامجهما سياسة خاصة لا تعتمد على الأندية ولا تنتظر منهم التفوق، بل وجدا لمسيرتيهما آلية جديدة وصلت بهما للعالمية، ففضية هادي صوعان في سباق 400 متر حواجز وبرونزية خالد العيد في قفز الحواجز في أولمبياد سيدني 2000م، برهان على تفوقهما ونجاحهما. بالأمس حقق العداء يوسف مسرحي ميدالية 400م حرة، والفرسان فضية القفز بالحواجز في أولمبياد انشون (آسيا) وهي نتائج من وجهة نظري طبيعية عطفا على تاريخ هاتين اللعبتين في الدورات الآسيوية، بل اعتبر حصادهما في هذه الدورة حتى الآن أقل من عادي مقارنة مع إنجازات هذين الاتحادين في الدورات الآسيوية والدولية السابقة. الفكرة أن تدني الحصاد السعودي في الأولمبياد وخصوصا في الألعاب الفردية عائد للآلية المعمول بها في الاتحادات المحلية بالاعتماد على الأندية في اكتشاف وتفريخ المواهب، وهي طريقة قديمة وعقيمة في آن واحد؛ لأن الدول المتقدمة في هذا المجال تعتمد على التخصصات والمراكز وليس الأندية. للأسف تلك الطريقة لم تتغير منذ ما يقارب الثلاثين عاما، إلا محاولات واجتهادات في اتحادي القوى والفروسية، وقد أثمرت هذه المحاولات عن نجاحات متباعدة وغير متواصلة، لسبب بسيط جدا وهو عدم توفر الميزانيات والموارد التي تجعل النجاح متواصلا وغير متقطع ومتباعد. غياب القطاع الخاص عن دعم المتفوقين في الألعاب الفردية ساهم في تراجع الرياضة السعودية، لأن ميزانية اللجنة الأولمبية والاتحادات التي تعمل تحت مظلتها لا يمكن أن تنتج أبطالا أولمبيين. مسئولو الأندية منشغلون باللعبة الشعبية الأولى كرة القدم ومصاريفها ومحترفيها وأجانبها، والاتحادات (العين قد تكون بصيرة، ولكن اليد مؤكد أنها قصيرة) إذا ما عرفنا أن بعض الاتحادات لا تتجاوز ميزانيتها في السنة (مليوني ريال). أما الطامة الكبرى في هذا المضمار، فهي غياب الجامعات عن دورها في إبراز هذه المواهب، وتهيئة الأجواء لتفجير هذه الطاقات، فمعظم الأبطال في العالم خصوصا في أم الألعاب والسباحة هم صناعة جامعية أو شركات مالية، وفي جامعاتنا يعاقب البطل لو شارك دوليا بحذف سنته الدراسية، أما غيره في البلدان المتطورة، فانه يدخل المعسكرات الطويلة ويؤدي الاختبارات الدراسية في سفارة بلده أينما وجد من أجل أن يحقق إنجازا لوطنه، وأجزم أن هذه الثقافة لن تجد لها طريقا ليس في الخليج فحسب بل في كل الوطن العربي. باختصار الأندية لا تصنع أبطالا في الألعاب الفردية، واستمرار هذه الآلية مضيعة للوقت، وقتل للمواهب، وإمضاء على التخلف الرياضي.