دعا نائب وزير الخارجية الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز للتصدي للمخاطر والتحديات التي تحيط بدول الخليج العربي، واتباع منحى متعدد الجوانب لمواجهتها، وإنجاز تعاون إقليمي ودولي لاحتواء الصراعات المتفجرة، والتصدي لظاهرة الإرهاب التي أصبحت تشكل خطرًا كبيرًا على استقرار وأمن المجتمع الدولي، الأمر الذي يتطلب تضافر الجهود الدولية في مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة، وتحصين الجبهة الداخلية في دولنا لمواجهة هذه الأخطار في الدول المجاورة. ورحب سموه باسم سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل في كلمة له أمس خلال افتتاحه " مؤتمر الخليج العربي والتحديات الإقليمية " الذي ينظمه معهد الدراسات الدبلوماسية، بأصحاب السمو والمعالي من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وقال سموه : " إنه من دواعي سروري أن أشارك في هذا المؤتمر المهم الذي يعقد في ظل ظروف حرجة ومخاطر جمة تحيط بالمنطقة، لا سيما وهي تعيش ظروفًا بالغة الخطورة وتحديات كبيرة لم تشهدها منطقتنا من قبل من تفاقم الأزمات السياسية، وتفكك البنية الاقتصادية، وانهيار الأمن وسلطة القانون في عدد من دول المنطقة، وانتشار الإرهاب بجميع أشكاله والحركات المسلحة المتطرفة". تراخي المجتمع الدولي وأوضح أن هذه الظروف تضاف إلى استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية وعدم مصداقيتها في مفاوضات السلام مع السلطة الفلسطينية لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وإمعانها في الاعتداءات المتكررة وقتل الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وتدمير ممتلكاته في جرائم ضد الإنسانية. مشيرًا إلى تراخي المجتمع الدولي في حل الأزمة السورية وتحقيق طموحات الشعب السوري الشقيق ما أدى إلى تفاقم المعاناة الإنسانية في سوريا الشقيقة وتهجير وتشريد شعبها، وإمعان النظام في القتل والتدمير ، وإسهامه في وجود بيئة مواتية لنشاط المجموعات الإرهابية وتدخل عناصر خارجية في النزاع، ما ينذر بمخاطر على كل المنطقة والعالم. تردي الأوضاع في العراق وأضاف نائب وزير الخارجية في كلمته : "وفي هذا الصدد الوضع في العراق وما كان من سياسة التهميش والاقصاء وإذكاء روح الطائفية والتبعية كانت سببًا جوهريًا في تردي الأوضاع وفقدان الأمن والاستقرار في العراق، ولم تكن تأثيرات تطال العراق الشقيق وحده، بل كانت تهدد الأمن والاستقرار بالمنطقة كافة. ورغم التطورات والجهود المبذولة التي يشهدها العراق التي باركتها المملكة لما فيه خير الشعب العراقي وبقاء وحدته ودوره الحيوي على الساحة العربية إلا أن الأوضاع لا تزال تمر بمرحلة حساسة تتطلب من الجميع بذل المزيد من أجل الوصول إلى عراق موحد ومستقر. وانطلاقا من مسؤوليتها تجاه الأشقاء هناك قامت المملكة العربية السعودية بتقديم 500 مليون دولار من أجل المساعدات الإنسانية للشعب العراقي الذي راح ضحية للمجموعات الإرهابية، ولن تألُ جهدًا في القيام بأي عمل من شأنه مساعدة الحكومة العراقية ليحقق الأمن والاستقرار والحد من التدخلات الأجنبية". تهديد الحوثي في اليمن وتابع سموه : في الشأن اليمني يتعرض الأشقاء لتحديات ومخاطر عديدة تستوجب من دول المجلس والدول الأخرى مواصلة تقديم الدعم والمؤازرة والجهود الرامية إلى تحقيق أمنه واستقراره المرتبط بأمننا واستقرارنا جميعا. فالأوضاع وصفها مبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن بأنها الأسوأ منذ 2011م ما يشكل تهديدًا خطيرًا للأوضاع السياسية والأمنية فيه. مؤكدًا سموه أن استمرار هذه الأوضاع المتردية يزيد قلقنا الشديد مع ما يقوم به "الحوثي" من تهديد صريح للدولة اليمنية وتعطيل المسيرة السياسية والتنموية وما يشكله من خطر ليس على اليمن وحده، بل على كل دول المنطقة. وفي هذا الإطار ندعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه الأوضاع المتردية في اليمن في مواجهة التهديدات والمخاطر التي تواجهه والتأكيد على أهمية استكمال المراحل الأخيرة من المبادرة الخليجية المتمثلة في صياغة الدستور والانتقال إلى مرحلة الانتخابات الرئاسية والنيابية. الملف النووي الإيراني ومضى يقول : في خضم التحديات الإقليمية لا ننسى أن أزمة الملف النووي الإيراني تشكل هاجسًا وتحديًا كبيرين لأمن واستقرار منطقة الخليج العربي على وجه الخصوص وللأمن والسلم الدوليين، وندعو إلى ضرورة تعاون إيران الكامل مع مجموعة (5+1) في سبيل الوصول إلى حل شامل ومتكامل وطويل الأجل وضمان أن يكون هذا البرنامج ذا طابع سلمي ما يعزز الجهود الدولية إلى جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل. التصدي الدولي للإرهاب وزاد : " يأتي في سياق الجهود المبذولة للتصدي إلى المخاطر والتحديات التي تحيط بدولنا اتباع منحى متعدد الجوانب لمواجهتها، وإنجاز تعاون إقليمي ودولي لاحتواء الصراعات المتفجرة والتصدي لظاهرة الإرهاب التي أصبحت تشكل خطرًا كبيرًا على استقرار وأمن المجتمع الدولي، الأمر الذي يتطلب معه تضافر الجهود الدولية في مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة. كما تتطلب الاستمرار في تحصين الجبهة الداخلية في دولنا لمواجهة هذه الأخطار في الدول المجاورة، وفي هذا الصدد لا بد من الإشارة إلى المضامين التي اشتملت عليها كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود لدى تسلمه - أيده الله - أوراق اعتماد عدد من السفراء وتحذيره - حفظه الله - من خطر الإرهاب وضرورة محاربته والتصدي له، ودعوته المجتمع الدولي إلى التعاون لمكافحة الإرهاب والتحذير من أن خطره قد يمتد إلى العالم أجمع إذا لم يتم القضاء عليه، وهذا بالطبع يتطلب جهدًا وتنسيقًا عالميين". المركز الدولي لمكافحة الإرهاب وأشار سموه إلى مقترح المملكة في تأسيس المركز الدولي لمكافحة الإرهاب وتقديم 110 ملايين دولار لقيامه ودعم أنشطته ولمساندة هذا التوجه فإن مسؤولية التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة تستوجب مشاركة الدول والعلماء والمفكرين والمواطنين ووسائل الإعلام التقليدية والحديثة. وفيما يخص مواجهة الحركات الفكرية المتطرفة والإرهاب، ضمن الخطاب السياسي والديني والثقافي الموجه للشباب في المدارس والجامعات ودور العبادة والمنتديات لما لها من دور كبير في تنوير الشباب بمقتضيات ديننا الحنيف وثقافتنا العربية والإسلامية التي تدعو للوسطية والحكمة والموعظة الحسنة ومعالجة الخلافات بالحوار والطرق السلمية، وفي التذكير بالأضرار الخطيرة التي تتسبب فيها حركات التطرف والإرهاب. المشروعات المشتركة لمجلس التعاون وقال سمو نائب وزير الخارجية : "لقد تبنت دول مجلس التعاون عددًا من المشروعات المشتركة لتعزيز التعاون والتكامل مجال العمل الأمني المشترك من بينها إنشاء القيادة العسكرية الموحدة، وإنشاء الشرطة الخليجية حماية للمجتمعات الخليجية من كافة الجرائم، وإنشاء الأكاديمية الخليجية للدراسات الدفاعية والأمنية والاستراتيجية، وهي روافد تعمل على دعم المؤسسات الوطنية المختصة لدعم الأمن والاستقرار في بلادنا". مؤكدًا سموه أن منظومة العمل المشترك لدول الخليج العربية ورغم الأشواط البعيدة التي قطعتها في المجالات تحتاج إلى الارتقاء بها إلى ما يحقق طموح قياداتنا لما فيه خير شعوبنا لتكون هذه المنظومة الدرع الحصين لمواجهة جميع المخاطر التي تتعرض لها دولنا. عقب ذلك استهلت الجلسات بعقد الجلسة الأولى التي ترأسها سمو الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز نائب وزير الخارجية, وجاءت بعنوان " مجلس التعاون والمتغيرات الإقليمية ", وشارك فيها معالي وزير الدولة للشؤون الخارجية بدولة الإمارات العربية المتحدة الدكتور أنور محمد قرقاش, والأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف الزياني, ورئيس مركز الخليج للأبحاث الدكتور عبدالعزيز بن صقر. حيث تناول المتحدثون المخاطر التي تواجهها المنطقة وقدرة المجلس على التصدي لها, والدور الأساس لمنظومة المجلس في استتباب الأمن والاستقرار الذي تعيشه المنطقة, وجهود المجلس في تحقيق توازن إقليمي من خلال علاقات متكافئة. كما تناول المتحدثون التطرف وأثره على منظومة المجلس باعتباره التحدي الأساس الأول الذي تواجهه المنطقة, والحث على محاربة الإرهاب بشتى أنواعه وتنظيماته, والوقوف مع التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية لمحاربة ما يعرف بتنظيم داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى, بالإضافة إلى الصراع القائم في اليمن بين الحكومة والحوثيين.