يعقد اليوم في جدة الاجتماع الإقليمي بمشاركة الولاياتالمتحدةالأمريكية والأردن وتركيا ومصر، للإعداد لمواجهة حركات الإرهاب في المنطقة العربية. وفي الحقيقة فإن لنشوء الإرهاب ومنظماته علاقات متشعبة، فمثلاً لا يمكن تخيل القضاء على منظمة «داعش» دون القضاء على الأسباب والدوافع، فهذه المنظمة المتطرفة المغالية في سفك الدم والقتل والتكفير، هي نتيجة طبيعية للسياسة الطائفية العنيفة التي انتهجها رئيس وزراء العراق السابق نوري المالكي بتوجيه من طهران وتحت إدارتها. وداعش وجبهة النصرة هي نتيجة طبيعية للسياسات الطائفية لنظام بشار الأسد، خاصة في سنواته الأخيرة، وأيضاً برزت المنظمات المتطرفة نتيجة لحشد الميليشيات الطائفية التي جمعتها طهران في سوريا. وإذا لم تناقش الأسباب المتطرفة والموغلة بالعنف التي ترعاها طهران في العراقوسوريا واليمن ولبنان والبحرين، فإن القضاء على داعش والتغلب عليها وهزيمتها ليس علاجاً ناجعاً جداً في ظل الممارسات الطائفية والتدخلات الإيرانية التي سوف تنشئ منظمات أخرى لا تقل فتكاً وإجراماً من منظمة داعش والقاعدة وأمثالهما، ويصبح العالم مجدداً بحاجة لتكوين جبهات عسكرية عالمية لمواجهة متطرفة. يمكن بكل بساطة تكوين جبهة عسكرية عالمية ومهاجمة داعش وهزيمتها، ولكن أيضاً يجب تكوين تحالف عالمي ضد السياسات الإيرانية التي تؤسس ميلشيات عسكرية تكفيرية طائفية في العراقوسوريا ولبنان واليمن لا تقل بشاعة وإجراماً عن منظمة داعش، وتوكل إليها طهران مهاجمة منازل الناس وتصفية حسابات طائفية معهم، وتمارس أبشع صنوف القتل والإذلال والخطف وحتى الاغتصاب، فتستفز الناس وتتكون ميلشيات عنيفة مضادة. وإذا ما جرى إنهاء الممارسات الإيرانية عندها يمكن منع الأسباب التي انتجت المنظمات الإرهابية التكفيرية. حتى قبل سنوات لا توجد أية بذور للحركات الطائفية المتطرفة في العراقوسوريا، ولكن بفضل السياسات الإيرانية الطائفية نشأت فجأة عشرات الخلايا العنيفة في العراقوسوريا. ومع الأسف لا تزال الحكومة العراقية مستمرة في نهجها الطائفي، فحتى قبل أسبوع شنت ميلشيات عراقية حكومية هجوماً على قرى عربية وارتكبت جرائم القتل والتعذيب والخطف بحق أبرياء بحجة محاربة داعش. بل إن حكومة نوري المالكي وظفت محاربة الإرهاب ذريعة للتطهير الطائفي، وشنت حرباً طائفية صريحة ووقحة، وشنت مئات المداهمات لمنازل أبرياء ووضعت عشرات الآلاف في سجون سرية وعلنية بتهم ملفقة. بل ان قانون الإرهاب في العراق كان يستخدم ضد كل من لا يوالي إيران أو يقف عقبة أمام المشروع الإيراني لتأسيس الاضطرابات في العراق، بما فيهم وزراء ونواب. وكانت حجة المالكي جاهزة هي «دعم الإرهاب»، وجرى أيضاً تسييس القضاء العراقي الذي أخذ يلاحق كل من يعارض السياسات الطائفية للحكومة، بل إن نوري المالكي لم يشن حرباً طائفية فقط، وإنما كان ايضاً يشن حروباً عنصرية لحساب شعوبية إيران، وكان يلاحق شيعة عربا وطنيين ومخلصين للعراق لمجرد أنهم يعارضون التوغل الإيراني في العراق ومصادرة طهران للإرادة الوطنية العراقية ويسعون لاستقلال بلادهم عن أي قوة نفوذ خارجية.