ليس هناك أسى أكبر من أن تكون تحت مظلة (ارحموا عزيز قوم ذل) وليس هناك أمر من أن تكون في مكان غير مكانك بعد عز وجاه وبطولات وألقاب وجماهير وهتافات وأفراح. وليس هناك أقسى من أن يكون حاضرك أقل من ماضيك وهجا وتألقا وإبداعا، فيدخل القهر قلبك وتهزمك دموعك، فتتمنى العودة لماضي إنجازك. مواجهة الاتفاق والقادسية اليوم السبت في دوري (ركاء) تحمل تلك الصورة التي كانت تغنيها الراحلة أم كلثوم للشاعر مرسي جميل عزيز .. (وعايزنا نرجع زي زمان.. قول للزمان أرجع يازمان وهات لي قلب لا داب ولا حب .. ولا انجرح ولا شاف حرمان تفيد بأيه يا ندم يا ندم.. وتعمل ايه ياعتاب) آه يا زمن بطل آسيا وبطل العرب والخليج في دوري ركاء يتصارعان. آه يا زمن فريق أجمل المدن السعودية الخبر صاحب أولوية لقب أول هداف في الدوري السعودي (ناصر عيد) يصارع في ركاء. آه يا زمن صاحب الهول واليامال وأول فريق سعودي يحقق الدوري بدون هزيمة، وأول فريق سعودي يحقق لقب الخليج والعرب يصارع في ركاء. احساس غريب وشعور مرتبك لمحبي فارس الدهناء وبني قادس ينتابهم اليوم في أمسية ركاء وكأنهم يندبون حظهم في دنيا المجنونة كرة القدم، ويغنون مع العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ في رائعته موعود (شوف بقينا فين يا قلبي وهي راحت فينا.. شوف خدتنا لفين يا قلبي وشوف سبتنا فين). من كان يصدق أن حال الاتفاق والقادسية سيصل يوما ما لهذه المحطة الحزينة! مؤلم أن تتحول واحتك الخضراء الغناء لصحراء قاحلة، وصعب جدا أن تمارس الفرح في (صيوان) عزاء، وحال الاتفاق والقادسية في ركاء هو أشبه بالزرع الذي يحمل الأشواك، والفرح الذي يرقص من شدة الألم، كالطير المذبوح الذي يرقص أثناء ذبحه مودعا الحياة. ولكن الكبار هم من ينهضون بعد السقوط ويعودون أقوى مما كانوا، وهذا الشعار الذي يجب أن يحمله أبناء الخبر وأبناء الدمام في تفجير طاقاتهم للعودة من جديد لمكانهم الحقيقي، ويأخذوا من أرضهم الينابيع المتفجرة بالخير (الذهب الأسود) عنوانا عريضا لعودتهم لماضيهم الجميل. يعز علينا أن نكتب عن العملاق الآسيوي وجاره العملاق العربي والخليجي أنهما يلتقيان في الجولة الرابعة من دوري ركاء، ولكن هذا هو الواقع المرير الذي يعيشه (الناديان) في زمن تحمل كرة القدم في الشرقية على جنازة تنتظر بين الفينة والأخرى (الدفن).