سجناؤنا هم إخواننا أخطأوا ونالوا جزاء خطئهم، فهنيئاً لهم لأن عقوبة الدنيا كفارة وأرحم من عقوبة الآخرة! وما دام السجن هو تطهيراً للسجين مما اقترفه، فإن الأمل أن ينظر للسجن على الدوام على أنه محضن تربوي يرقى بنزلائه ويؤهلهم للمساهمة في التكفير عن أخطائهم والمساهمة في بناء مجتمعهم، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له، ومن تاب توبة نصوحاً أبدل الله سيئاته حسنات، وحتى يقوم السجن بالدور المطلوب منه لا بد أن يتم التعامل مع السجين كإنسان متربٍ يستحق الرحمة والاحترام، وكفى بعقوبة الحرمان من الحرية عقوبة! ولذلك فالسؤال الذي يجب أن يطرح على الدوام: هل واقع سجوننا، وما يقدم فيها من برامج يتوافق مع ما نتمناه؟ الواقع يقول إن هناك تطوراً ملحوظاً، وهناك نوايا مخلصة وجهود مبذولة من المديرية العامة للسجون بشعارها الجميل (رعاية، إصلاح، تهذيب)، ولكن هناك أيضاً أوجه قصور يجب أن نسعى لتلافيها، فتقرير الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان السنوي العاشر لعام 1434 والمنشور في موقع الجمعية الالكتروني في 164 صفحة لا يعطي الصورة التي نتمناها، فهناك 770 شكوى من سجناء (638 سجينا و132 سجينة) حول قضايا متعددة، ذكر التقرير أن منها شكاوى متعلقة بطلب عفو عن بقية المدة، واعتراض على ترحيل سجين وتردي الحالة الصحية في السجن، وطلب نقل إلى سجن آخر وطلب رعاية صحية وسوء معاملة، وتعدٍ وتجاوز للأنظمة داخل السجن، وكانت الرياض هي الأكثر: 474 شكوى ثم الدمام 119 شكوى، ومن خلال زيارات أعضاء الجمعية لبعض السجون وأماكن التوقيف تبين لهم سوء الحالة الصحية لبعض السجناء، وانتشار لبعض الأمراض بدون رعاية صحية مناسبة، بالإضافة إلى الفوضى وتكدس العنابر وسوء بيئة السجن، من ناحية ضعف الصيانة وعدم ملاءمتها لأن تكون محضناً تربوياً كما نتمنى! ولذلك وحتى يحقق السجن أهدافه التي وضع من أجلها نتمنى العمل على تلافي كل ما يعيق تحقيق هذه الأهداف، ومن ذلك تحسين بيئة السجن وتأهيل العاملين في السجون ليكونوا معلمين قبل أن يكونوا سجّانين، وتقديم برامج متكاملة للسجناء ترقى بهم وتبين لهم أن الطريق الذي اختاروه قبل سجنهم لم يكن هو الطريق الصائب! بهذا نجعل السجن أحد محاضننا التربوية حقيقة!