الاستثمار في الإنسان وتنمية مهارته هو المدخل الأساس لبناء الوطن بل الأمة، فالاستثمار في الإنسان استثمار في المستقبل، وسر حضارات الأمم هم أبناؤها ذلك لأن من يعتمد في حياته على الغير لن يكون قادرا على بناء مستقبله كما يريد. وقد أدركت القيادة الرشيدة منذ تأسيس الدولة هذه الحقيقة فكان استثمارها في الإنسان مقدما على الاستثمار في البنيان، وميزانية عام لعام 2014 ميزانية بناء المواطن بامتياز، حيث ركزت على قطاعات التعليم والصحة والإسكان، الأمر الذي يعكس توجّه الدولة لاستدامة النجاح والمحافظة على المكتسبات وتوفير سبل الدعم والرعاية للشباب وتهيئتهم لتولي المهام القيادية بمختلف مجالات الحياة. إن بناء المواطن يتطلب تكامل الظروف الداعية ليكون المواطن المحرك والفاعل في البناء هو مقصد الجميع، ولم تغفل الدولة هذا الجانب فمدت الدعم بأكثر من طريقة لمساندة كل مواطن يرغب في خوض غمار العمل. وقد آن الأوان لتكون منشآتنا الاقتصادية الداعم الآخر لإيجاد الإبداع والمهارات الفردية واكتشاف القدرات والمواهب وتعزيز الثقة في النفس، وهذه الأشياء مجتمعة يعود نفعها المباشر على المنشأة الاقتصادية التي انحازت للمواطن ومنحته أفضلية في شغل الوظائف فتحقق لها الاستقرار الوظيفي في كادريها المهني والإداري، والهدف الأنبل حين يعود النفع على المجتمع بأكمله. ورغم جمال هذه الصورة إلا أن المنشآت التجارية - بكل تأكيد - تواجه تحديات عدة لتحقيق هذا الهدف، تتمثل في الظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها وهذا يتطلب من الفرد أن يعي ضرورة الاعتماد على نفسه ومهارات الذاتية لتحقيق ما يصبو إليه ببذل المزيد من الجهد وتطوير المهارات والبحث عن فرصته في الحياة تكون بداية للانطلاق والبحث عن فرصة أخرى بالاستمرار في تطوير قدراته ورفع كفاءته ليس فقط للحفاظ على النجاحات التي حققها، ولكن للدخول إلى مرحلة جديدة يحقق من خلالها رؤيته للمستقبل ما يلبي تطلعاته وطموحاته ويمنحه مكانة أرقى لدى المنشآت الاقتصادية. إن الحفاظ على التميز وامتلاك أدوات النجاح هما الضمانة الأكيدة نحو غد أفضل، والاستثمار في التنمية البشرية هو الاستثمار الحقيقي، فهو الأساس لتحقيق الأهداف الإستراتيجية لمستقبل الدولة والمنشأة الاقتصادية والفرد، وهو محرك التنمية وفكرها وآلة اكتشاف الكنوز البشرية من أبناء الوطن الذين نفخر بهم مثلما يفخرون بانتمائهم للوطن.