كشف تقرير دولي أن المدينةالمنورة مثال فريد على تنافسية المدن العالمية، كونها تمثل مركزا تاريخيا للتنوير الروحي والفكري، مستشهدا بتاريخ المدينة- في وقت سابق- حينما كان طلاب العلم يجتمعون بعد الصلاة حول أعمدة المسجد النبوي الشريف ليتلقوا دروسهم على أيدي العلماء من حول العالم، لتكون المدينةالمنورة- في ذلك الوقت- كشبكة الإنترنت في عصرنا الحالي. وبيَّن التقرير الصادر من مجلس الأجندة العالمية للتنافسية التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس" أن تنافسية المدينةالمنورة وفقا لرؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في نمو وتطوير المدينة بأنه لا توجد مدينة في العالم تستطيع أن تحتل مثل هذه المكانة في عالم حديث مترابط، في ظل اقتصاد المعرفة في القرن الحادي والعشرين. وذكر التقرير أنه يفد إلى المدينةالمنورة ملايين الزائرين على مدار العام، ليس فقط في موسم الحج، بل يأتون أيضا أثناء العمرة، لتكون بذلك مركزا مهما في استقطاب الزوار من كافة أنحاء العالم، بالإضافة إلى ذلك، فهي تحتضن جامعات حديثة تمكنها من إقامة مؤتمرات تناقش قضايا رئيسة وفكرية في العصر الحالي، مما يدعو إلى حضور خبراء من كافة العلوم، ويقود إلى استثمارات ضخمة في مشاريع سكنية وتجارية ذات نشاط فكري. ويضيف التقرير أنه من الممكن أن يصبح الحراك المرتبط بالمؤتمرات والعدد الكبير من زوار المسجد النبوي الشريف عنصر جذب للمستثمرين والشركات العالمية الباحثة عن الاستقرار، خاصة أن المدينةالمنورة تستطيع أن تقيم ندوات غير رسمية، مثل دعوة الفيزيائيين وعلماء الفلك، والأطباء، وغيرها من المؤتمرات العلمية، خاصة أنه يمكن أن يضاف التحفيز الفكري إلى الجانب الروحي، لتستعيد المدينة دورها القيادي الفكري، بإسهامها في جيل المعرفة والنشر، والحفاظ على دورها التاريخي والديني. ويذكر التقرير أن الاستثمارات التي أعلنتها الحكومة السعودية في البنية التحتية تعد من أهم وأكبر المشاريع، والتي تتمثل في شبكة مواصلات سريعة تربط بين المنطقة والمسجد النبوي في رحلة تستغرق دقائق، لتجد الشركات التي تمتلك مميزات معرفة قوية تشجيعا على التمركز في المدينة، في ظل عقد مؤتمرات عامة تجمع العقول العالمية العظيمة التي ستجد حافزا على المكوث في المدينةالمنورة. ويضيف التقرير أن المدن تعد المحرك الرئيس للإنتاجية والنمو على مدى التاريخ، وستظل عنصرا ضروريا في النمو والتنافسية التي تنعم بها الدول والمناطق في المستقبل، ومن هنا جاء التركيز على تنافسية المدن. وحدد التقرير الصادر من مجلس الأجندة العالمية للتنافسية "دافوس" اتجاهات كبرى ذات صلة بالمدن على وجه خاص، وهي: "التطوير العمراني، والتوزيع الديمغرافي، والطبقة الوسطى الناشئة، والمساواة، والاستدامة، والتغيير التكنولوجي، والمجمعات الصناعية، وسلاسة القيمة العالمية، وأنظمة الحكم". ويشير التقرير العالمي إلى أن تلك العوامل، وعلى رأسها التطوير العمراني، والبيئة الكبيرة الفاعلة في المدن حول العالم، بالإضافة إلى الحد من القوى السلبية مثل: ارتفاع نسبة عدم المساواة، والضغوط التي تقع على الموارد الطبيعية والبيئية، وتناقص الثقة في السلطات الحكومية. ويطرح هذا الأمر مسألة الأجندة التنافسية للمدن، وتعرّف القدرة التنافسية للمدينة بأنها مجموعة من العوامل، من سياسات، ومؤسسات، واستراتيجيات، وعمليات تحدد مستوى القدرة الإنتاجية المستدامة لأي مدينة. وتشمل الاستدامة مسائل اقتصادية، وبيئية، واجتماعية، وتتعلق الإنتاجية بالاستخدام الفعال للموارد المتوافرة؛ مما يدفع إلى النمو الاقتصادي، ولكن يجب أن تكون الإنتاجية مستدامة، أي تستمر لفترة طويلة، وبأسلوب يجمع بين تحقيق أهداف اقتصادية، وبيئية، واجتماعية. وقد وضع التقرير تصنيفا لتنافسية المدن، مكونا من أربعة أجزاء هي: مؤسسات، سياسات ولوائح منظمة لبيئة الأعمال، بنية تحتية مادية، بنية تحتية اجتماعية، وطبّق ذلك على سلة كبيرة تضم 26 مدينة، وأجريت دراسة حالة مصغرة لكل منها؛ وعلى سلة صغيرة تضم سبع دول، وأجريت دراسة حالة كاملة لكل منها، وتقع هذه المدن ال33 في جميع القارات الرئيسة، وتنعم بمزايا وشروط انطلاق، ومستويات تنمية مختلفة.