في أواخر الثمانينات كان شعر المحاورة بالمنطقة الشرقية في قمة توهجه امتداداً من يبرين جنوباً الى الخفجي شمالا، وكان شعراء تلك المرحلة شعراء أقوياء رغم وجود فطاحلة شعر المحاورة في الحجاز وهم مطلق وصياف ومستور ورشيد وجارالله السواط. وكان هذا الامتداد بسبب عدّة عوامل منها: إن الشعراء كانوا متمكنين وشرسين في نفس الوقت ولا توجد مصلحة متبادلة كما هو الآن. وقد التحقت بركب شعراء المحاورة في أوائل التسعينات حيث كانت جماهيرية هذا الفن هائلة، ثم في ذلك الوقت ادخل (الموّال) وزاد من انتشارها ورغبة الناس لها وكنا في ذاك الوقت إذا رأينا شراع الحفل وفدنا إليه بدون دعوة، ونتقابل بدون موعد وتقوم الصفوف بدون مقابل مادي. أما الآن فبعد أن ادخل الشعراء المادة في الشعر وبعد عدم قدرة شعراء المحاورة على التجديد كما حصل في فكرة (الموال) فقد انهار فن المحاورة، ولم يبق حتى في موطنه الأصلي (الحجاز) سوى ذكرياته المؤلمة، وبدأ شعراء هذا الفن بالابتعاد بدأً بالسواط وابومشعاب والزلامي والخالدي، بل وحتى الشعراء الشباب بدأوا يفكرون بالابتعاد،، لماذا؟ لأن اللي ما له في هذا الفن أقحم نفسه من أجل المادة ناهيك عن عدم التجديد في نهج المحاورة وكأنه محرّم عليها تثقيف الكلمة وتطوير المنهج. ومما زاد الطين بلّة وجود القنوات الفضائية التي تبث الغث والسمين ..وبدأ دمار الشعر على حساب المصلحة.. رغم أنني في تلك الأيام كنت قد طرحت فكرة اختبار الشاعر ومنحه بطاقة شاعر ومنع من لم يحصل على بطاقة من المشاركة في أي قناة فضائية أو أي مهرجان خوفا مما حصل الآن ولكن دون جدوى، فأين المهتمون واصحاب القرار من العبث بموروثنا الغالي؟ لا أدري.